الاستخدام العشوائي لموانع الحمل يُهدد الخصوبة

شارك المقال

خديجة الجسري – نسوان فويس 

في إحدى قرى محافظة الضالع، تحولت فرحة الأمومة المبكرة لدى فاطمة صالح إلى حسرة دائمة. قرارها بتأجيل الحمل مؤقتًا عبر حقنة منع الحمل، حصلت عليها من مركز صحي دون استشارة طبية متخصصة، قادها بعد سنوات من الانتظار المرير إلى اكتشاف مؤلم هو عجز جسدها عن الحمل مجددًا بسبب ضمور تام في المبايض، نجم عن الاستخدام العشوائي لتلك الحقن.

قصة فاطمة ليست مجرد مأساة فردية، بل صرخة تحذير مدوية حول خطورة الاستخدام غير المدروس لوسائل منع الحمل. فبينما تسعى نساء يمنيات لتنظيم أسرهن بخيارات تبدو سهلة المنال، يكمن خلف هذا الجهل بالتأثيرات الجانبية ثمن باهظ يُدفع من أحلامهن وصحتهن الإنجابية.

إقبال متزايد على الشراء العشوائي:

الدكتور عبده الشدادي، صيدلاني في صيدلية الغزالي، أكد لموقع “نسوان فويس” على زيادة الإقبال على شراء موانع الحمل بدون وصفة طبية للحالات التي تأتي بوصفات طبية.

وأوضح أن الحبوب، والغرسات، والحقن العضلية الهرمونية تتصدر قائمة الأكثر طلبًا، محذرًا من خطورتها خاصة على النساء فوق سن الخامسة والثلاثين.

مخاطر صحية جمة:

الدكتورة إلهام الضياني، أخصائية النساء والتوليد، شددت في تصريح لـ “نسوان فويس” على ضرورة تجنب تناول حبوب منع الحمل دون استشارة طبية، رغم فوائدها المحتملة في تنظيم الأسرة والهرمونات. 

وأوضحت أنها قد تزيد من احتمالية حدوث الجلطات، خاصة لدى النساء اللاتي يعانين من خلل في بروتينات تجلط الدم الناتج عن عوامل وراثية، أمراض المناعة الذاتية، أو بعض أنواع السرطان. 

وأشارت إلى التطور في علاجات الجلطات عبر أدوية حديثة من مسيلات الدم التي تقلل من خطر النزيف وتزيد من راحة المريضة.

من جهتها، حذرت الدكتورة أماني صالح، أخصائية الأورام بمستشفى الصداقة بعدن، من وجود علاقة محتملة بين استخدام بعض وسائل منع الحمل الهرمونية وزيادة طفيفة في خطر الإصابة بسرطان الثدي.

الاستشارة طوق النجاة:

 

تؤكد جميع المختصات على أن استشارة الطبيب المختص قبل اختيار وسيلة منع الحمل أمر بالغ الأهمية. فاستجابة النساء لهذه الوسائل تختلف بناءً على حالتهن الصحية، وأعمارهن، وخططهن المستقبلية للإنجاب؛ فالطبيب وحده القادر على تحديد الوسيلة الأكثر أمانًا وفعالية لكل امرأة.

 

الدكتورة وجيدة مرّة، أخصائية النساء والتوليد، أوضحت لـ “نسوان فويس” أن الاستشارة تتيح تحديد نوع المانع المناسب بناءً على رغبة المرأة (قصير أو طويل الأمد) وتقييم حالتها الصحية، خاصة إذا كانت تعاني من أمراض مصاحبة كالضغط، والسكري، والربو، والسمنة، وأمراض القلب.  

كما تتيح للطبيب مناقشة فوائد وأعراض كل نوع، وعلاج أي نقص في الدم أو الكالسيوم مع تقديم إرشادات غذائية، وتوعية المرأة بموعد مراجعة الطبيب في حال ظهور أعراض جانبية.

 

 

وتختتم الدكتورة إلهام الضياني بالتأكيد على أن اختيار وسيلة منع الحمل المناسبة يضمن فعاليتها وتناسبها مع احتياجات كل امرأة، مشددة على أن هذا القرار يجب أن يستند إلى الصحة العامة، والرغبة في الحمل مستقبلًا، والتفضيلات الشخصية، مما يجعل استشارة الطبيب هي الخطوة الأمثل دائمًا.

تدق قصة فاطمة ناقوس الخطر بشأن التهاون في استخدام وسائل منع الحمل دون استشارة طبية متخصصة، ولا خلاف على أن الحق في تنظيم الأسرة هو حق أساسي للمرأة، لكن ممارسته بجهل قد يحمل عواقب وخيمة تهدد صحتها وخصوبتها وأحلامها في الأمومة. 

ويبقى الوعي بأهمية الاستشارة الطبية والوصول إلى معلومات دقيقة وشاملة هو خط الدفاع الأول لحماية صحة المرأة اليمنية وتمكينها من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مستقبلها الإنجابي، وتجاهل هذا الأمر ليس مجرد خطأ طبي، بل هو ثمن باهظ تدفعه المرأة من جسدها وحياتها.

مقالات اخرى