رفيق العربي _ نسوان فويس
بدأت نشاطها في الجانب المدني عند اندلاع الحرب في اليمن عندما اُقفلت المدراس واستُبدلت بالمتارس و بالمعسكرات عندها قررت أن تخوض غمار التحدي عند إدارتها لأول مبادرة تعليمية أساسية ثانوية بنين وبنات حيث اسمتها “من حقي أن اتعلم رغم الحرب” وذلك لموصلة تعليمهم داخل مسجد وكانت المبادرة تضم خمس مدراس حكومية وعملت على اعتماد شهاداتهم من مكتب التربية والتعليم بالمحافظة والاعتراف بها رسميا.
سميرة قائد نبيش وهي من فئة المهمشات، محامية وناشطة حقوقية تحمل الماجستير في القانون الدولي والإنساني ترأست أكثر من مبادرة وجمعية وتعمل كرئيسة لدائرة الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات الأشد فقراً لفرع محافظة تعز حيث تعتبر نموذجاً للمرأة المهمشة الناجحة في إدراة المؤسسات والمبادرات، ولنجاحها في الجانب الإداري عُينت مديرة لإدارة الشؤون القانونية في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بتعز.
واجهت العنصرية من صناع القرار وانتصرت لنفسها
استقبلت سميرة قرار التعيين ذاك بسعادة غامرة والذي صدر بشق الأنفس بعد عنصرية مورست عليها من قبل نافذين في سلطة المحافظة وتواجه التنمر والعنصرية بتحديٍ كبير وطموح أكبر كما تقول.
تقول سميرة إن هذا القرار أقل من درجتها الوظيفية التي تعطيها الحق القانوني بتعيينها بدرجة مدير عام وليس مديرة إدارة كما تم تعيينها وإن السلطات في المحافظة لم تمنحها حقها القانوني طبقاً لقانون الخدمة المدنية ولم تعمل اعتباراً لشهادتها العليا وتعطي المناصب التنفيذية لأناس ليسوا موظفين في الدولة وبحسب المزاج .
المجتمع وتعيين المهمشات في المناصب الإدارية
وعن تعامل المجتمع ومن حولها مع قرار تعينها تقول سميرة أنهم تعاملوا بشكل طبيعي بل شعروا بأنها ظُلمت بهذا القرار الذي سلب حقها القانوني في الترفيع إلى المناصب التنفيذية لأن استحقاقها حسب درجتها الوظيفية هي درجة مدير عام حالياً إلا أن المحافظة لم تمنحها حقها القانوني طبقاً لقانون الخدمة المدنية.
أنفق من جيبي الخاص و مكتبي شنطتي كي أنجح
عن المعانات تقول سميرة نبيش إنها تواجه صعوبات كبيرة من ضمنها عدم توفر مكتب لممارسة عملها كمديرة لإدارة الشؤون القانوية في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بتعز حتى اليوم، وإنها تعمل عبر حقيبتها التي تصطحبها دائماً و لاتوجد لديها ميزانية تشغيلية لمتابعة الأعمال القانونية و القضايا أو سيرها داخل المكتب أو خارجه وتتحمل الإنفاق على متابعة القضايا وممارسة عملها من جيبها الخاص
وتتابع نبيش “تصور أني أعمل مع الدولة وأتابع قضايا وأعمال الدولة و أتحمل الإنفاق على متابعتها داخل وخارج المكتب من جيبي الخاص وكذلك عدم احتساب المحافظة ميزانية تشغيلية لتسيير أعمال الشئون القانونية والقضايا داخل وخارج المكتب، حقوقنا سُلبت منا رغم استحقاقاتنا القانونية وتمارس العنصرية ضدنا ونتعرض لمختلف الانتهاكات ورغم كل ذلك إلا أننا نصر على النجاح والاستمرار فيه، كما نطالب من رئاسة الدولة بالمساواة ومنحنا حقنا القانوني في تولي المناصب العليا في الدولة”.
انصفها القانون ولم ينصفها أصحاب القرار
نص الدستور اليمني في المادة (31) على أن “النساء شقائق الرجال، ولهنَّ من الحقوق، وعليهنَّ من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة، وينص عليه القانون”. وكما هو واضح وجلي فإن هذا النص يتضمن إقرارا واضحاً وحاسماً بمبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات.
وعلى الرغم من إنصاف القانون اليمني للمرأة في نصوص بنوده التي تدعو إلى المساواة إلا أن ذلك لم يترجم إلى تمثيل يلائم فعليا طاقاتها وحضورها، إذ عكست الممارسة السياسية واقعا هشا لمشاركة المرأة وخصوصاً المهمشة وعوامل مثبطة لتمكينها من الوصول إلى مفاصل السلطة وصناعة القرار وإدراة المؤسسات.
نموذج آخر لنجاح المرأة المهمشة في إدراة المؤسسات
“مسك سعيد المقرمي ناشطة حقوقية ومجتمعية، رئيسة جمعية كفاية الاجتماعية، ورئيسة القطاع النسوي في ملتقى تعز الجامع والمساند للسلطة المحلية في المحافظة، وتُعدُّ نائبًا لرئيس الإتحاد الوطني للفئة الأشد فقرًا لشؤون المرأة، وتمثل المهمشين في هذا القطاع تحمل البكالوريوس في اللغة العربية، وحاليًا تدرس البكالوريوس في شريعة وقانون، حيث تعتقد أن دراستها في هذا المجال ستعزز موقفها في الدفاع عن حقوق المهمشات واستطاعت أن تثبت نفسها بجدارة وتحقق إنجازات عديدة، وتدير مشاريع متعددة تهدف إلى خدمة المجتمع وخاصة فئة المهمشين ولاسيما النساء”.
“في تاريخ 20 يوليو من عام 2023م، تم تعيينها مديرة لإدارة منتزه التعاون السياحي بتعز بقرار محافظ المحافظة نبيل شمسان، واعتبر الناشطون الحقوقيون والاجتماعيون هذا القرار، الذي مكّن أول امرأة من فئة المهمشين من تولي منصب إداري من هذا النوع، خطوة نوعية ومهمة نحو تعزيز المبادئ الحقوقية والمساواة والتنوع، ووفقًا للإتحاد الوطني، يُعد قرار تعيين المقرمي تعزيزاً للمبادئ الحقوقية ومناهضة التمييز بأشكاله وإحلال مبدأ المساواة والعدل والتنوع، ويمثل خطوة هامة نحو تمكين المجتمعات المهمشة من المشاركة في المجالات الرئيسية في المجتمع”.
المرأة المهمشة والعوائق التي تقف ضدها
يصل عدد النساء المهمشات في اليمن إلى 1.200.000 امرأة من إجمالي عدد المهمشين في اليمن البالغ عددهم 3.500.000 نسمة على مستوى اليمن، وفق إحصائيات الأمم المتحدة، ويسكن الأغلبية العظمى منهم في أكواخ مبنية من الصفيح على أرض معظمها ليست ملكهم، وعلى مجاري السيول أو أطراف القرى أو في مناطق معزولة داخل المدن لا يختلط معهم الآخرون.
وتعاني المرأة المهمشة من تمييز واضح وذلك لانتمائها سلالياً لفئة المواطنين السود (المهمشين) كما تعاني من ارتفاع نسبة الأمية التي تصل إلى 94% تقريباً، ونسبة 6% منهن فقط حصلن على فرصة التعليم، ووصلن إلى المراحل الأساسية والثانوية ونسبة 1% استطعن مواصلة التعليم الجامعي.
النظرة الدونية والتمييز القائم ضد المرأة المهمشة من قبل المجتمع والسكن غير الملائم للعيش الآدمي من أبرز المعوقات، فمعظم النساء المهمشات يسكن في أكواخ تفتقر إلى الخدمات الصحية والعامة وكذا فقدان الحقوق المدنية والاقتصادية من قبل الحكومات المتعاقبة وغياب الحماية القانونية والاجتماعية للنساء المهمشات، والزواج المبكر بسبب تدني الوعي لدى أولياء الأمور، وسوء الأوضاع المعيشية والفقر وانعدام الفرص أمام النساء المهمشات في مختلف المجالات وغيرها من المعوقات.
العدالة تكون في نبذ العنصرية والذكورية واشراك”المهمشات”
لكي تستقيم الحياة والعدالة في حياتنا وجب علينا تعزيز ثقافة الدمج الاجتماعي والثقافي والتعايش بين المهمشين خصوصاً النساء وشرائح المجتمع الأخرى والقضاء على الأمية بين أوساط المهمشات.
كذلك وضع برامج محددة لتمكين المرأة المهمشة من إدارة المؤسسات الحكومية كما يجب التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لعمل برامج تأهيل وتدريب للنساء المهمشات على حرف و مهارات يمكنها مساعدتها في توفير دخل يضمن الحد الأدنى من الاحتياجات الأسرية الضرورية.
(تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية)