تواجد الإعلاميات اليمنيات في أماكن صنع القرار الإعلامي.. استحقاق محفوف بالتحديات..!

شارك المقال

أمل وحيش – نسوان فويس

تطالب المرأة اليمنية باستمرار بالعدالة وتمكينها من الوصول إلى أماكن صنع القرار، والتمكين يعد هدفًا تسعى للوصول إليه الإعلاميات اليمنيات اللاتي يواجهن العديد من التحديات التي تعرقل طموحهن ومطالبهن المشروعة.

تمكين الصحفيات والإعلاميات اليمنيات من قيادة المؤسسات الإعلامية يعد استحقاقًا يجب أن يمنح لهن بناءً على الكفاءة والقدرات والخبرة الطويلة، إلا أنه يظل استحقاق مستبعد، ويظل التحدي قائمًا، تحول بينه وبين تحقيقه أسبابٌ كثيرة تعرفنا عليها من خلال لقائنا ببعض الزميلات الصحفيات العاملات في المجال الإعلامي، وحاولنا إيجاد بعض الحلول من أجل وصول الإعلاميات اليمنيات لحقهن في أن يكن مساهمات فاعلات في رسم السياسة الإعلامية في البلد وقياديات لهن بصمتهن البارزة.

ماض غير منصف وحاضر أكثر قتامة 

واقع المؤسسات الصحفية وتاريخها المهني منذ أكثر من 30 عامًا لم يسجل بين صفحاته أي استحقاق قيادي أو إداري كحق من حقوق المرأة الإعلامية ضمن المناصب العليا بحسب الإعلامية( سامية محمد العنسي) التي ترى بأن الفترة العصيبة التي تعيشها البلد ومرارة الحرب وتداعياتها  التي تدخل عامها التاسع بمآسيها وتفاقم صعوباتها والشلل العام الذي أصاب مرافق الوظيفة العامة للدولة، وتوقف حركة الحياة والعمل والإنجاز لتختلّ معها كل معايير العمل ومنظومة الحقوق والواجبات الوظيفية في الحكومة وتداعياتها على الإعلام الذي أصبح موجهًا لصالح طرفي النزاع،  ترى بأنه زاد من تعقيد مسألة تمكين المرأة من قيادة المؤسسات الإعلامية وتضيف: ” فرضت الحرب على الإعلام سياسات أكثر توجيهًا وخصوصية  تخدم الأطراف المتصارعة وتقوّي من مواجهاتها ولا شيء غير ذلك”، وبحسب وصفها فالوضع التعس وغير الآمن أو المستقر يحول دون وجود أي فرص منصفة تسمح للإعلاميات بطرح مثل هذه الحقوق والتطلعات المشروعة في أحقية التمكين والوصول الى الاستحقاقات القيادية التي تمكّنهن من ممارسة الصلاحيات الوظيفية لطرح ما يمكن طرحه من الرؤى والأفكار والخبرات المتراكمة لصياغة ملامح جديدة وفاعلة وإيجابية للسياسات واللوائح وسائر الضوابط الأخرى في مسار المجتمع الإعلامي الذي يخدم الناس ويضيف للرسالة الإعلامية أجمل السطور وأكثرها تأثيرًا ورقيًا للسلوك العام وذائقته بحسب قولها.

صعوبة التجاوز 

عن إمكانية تجاوز التحديات والصعوبات من قبل الإعلاميات اليمنيات ليصلن لطموحاتهن المشروعة في التمكن من المشاركة في وضع السياسات والقرارات في مراكز صنع القرار الإعلامي تؤكد (العنسي) بأن تجاوز أو تلاشي تلك التحديات يبقى مرهونًا بتجاوز تاريخ طويل من العادات والتقاليد البالية والانغلاق وتضيف: “العادات والتقاليد أثرت سلبًا على الوعي الجمعي للناس وعلمهم وقيمهم المجتمعية التي وصمت هذا المجتمع بخصوصية التحفظ وجهل العديد من المفاهيم والثوابت تجاه إنشاء مؤسسات تعتني وتهتم بالثقافة القانونية وضوابط العمل وقوانينه ليس فقط تجاه حق الإعلامية في الحصول على فرص المساواة والإنصاف من أجل العمل والتطلعات القيادية المستحقة”، وتؤكد بأن هناك العديد من الموظفين من أصحاب الكفاءات الذين تختزل سيرهم الذاتية كمًا  هائلًا من الخبرات والخدمة الطويلة، والنجاحات المهنية إلا أنهم برأيها خرجوا من ميدان العمل خالييّ الوفاض، من أي استحقاق أو مزايا تقاعدية تساعدهم على ما بقي من حياتهم بأمانٍ وكرامة.

وتختتم حديثها ربما بنظرة غير تفاؤلية بأن التمكين ليس بتلك السهولة خاصة في حاضرنا المليء بالتناقضات والاستثناءات حيث تقول: “هنا أقول مرة أخرى أن فاقد الشيء لا يعطيه وأن من ليس  ماله ماضٍ وظيفي منصف في زمن الاستقرار لا يمكن له اليوم أن يحقق شيئًا في زمن اللاإستقرار موظفةً كانت أو موظفًا”. 

تجارب ناجحة 

الإعلامي (توفيق الشرعبي) بدوره يرى بأنه لا توجد أي عوائق تمنع تولي الإعلامية اليمنية مناصب قيادية خاصة في المؤسسات الرسمية بدليل أن هناك إعلاميات يشغلن مناصب عليا في هذا المجال حسب قوله، ويؤكد أن المرأة موجودة في سلطة القرار الإعلامي وإن لم يكن بنسبة كبيرة إلا أنها موجودة قائلًا: “لدينا تجربة نادية السقاف وزيرًا للإعلام ورئيس مؤسسة يمن تايمز، ولدينا مها البريهي ملحق إعلامي في سفارتنا في بيروت، وسونيا المريسي مستشارة وزير الإعلام، إضافة إلى الكثير من الإدارات العامة التي تشغلها المرأة في المؤسسات الإعلامية”. 

 ويضيف بأن صوت المرأة اليمنية مسموع في المجال الإعلامي وهي تحارب من أجل إثبات ذاتها وحضورها الذي يليق بها وبإمكاناتها؛ ولكنه يعلل تأخر وصولهن لمراكز صنع القرار بسبب الوضع الحالي الذي تعيشه البلد الذي يحول دون تمكين المرأة نظرًا لعدم استقرار المؤسسات الإعلامية وتواجدها في الخارج.

زاوية محصورة 

كانت المرأة اليمنية وما تزال في أغلب المؤسسات ومنها الإعلامية توضع في أماكن يحددها الرجال، وغالبًا ما يتم اختزال دورها في مناصب إدارية دنيا ويتولى إصدار القرار من هم أكبر منها في المنصب ولاشك أن جلهم من الذكور، وهذا ما تؤيده ابتهال المخلافي مدير إدارة التحرير الإخباري بإذاعة صنعاء ومقدمة ومعدة برامج إذاعية، كما عملت نائبًا لمدير البرامج في القناة التعليمية قبل العام 2015؛ (المخلافي) ترى بأن تواجد المرأة في مناصب قيادية في المؤسسات الإعلامية يعد خجولًا جدًا ويقتصر وجودها على الوظائف الدنيا أو المتوسطة حسب وصفها، وتعزي ذلك إلى وجود صعوبات كثيرة ليس في مجال الإعلام فحسب بل في كافة المجالات، وتضيف: “هناك نوع من التشكيك بقدرات المرأة لتولي مناصب عليا بشكل عام خصوصًا في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد، وترى (المخلافي) بأن المحاصصة الحزبية وتوصيات الشخصيات النافذة والمحسوبيات تلعب دورًا مهما في التعيينات للجنسين، ولهذا السبب يصعب انتزاع المناصب بسهولة حتى وإن كانت المرأة مستحقة حسب قولها وتضيف: “أيضًا هنالك عدم ثقة من قبل أغلب الرجال بقدرات المرأة في تولي المناصب العليا حيث يعتقدون أنهم الأصلح لها والأكثر تحمل لأعباء هذه المناصب، وهناك من يعتبر بأن التزامات المرأة تجاه أسرتها وأطفالها يشكل عائقًا لتولي مثل هذه المناصب”، وبرأي (المخلافي) فإن الحل من أجل تمكين المرأة من تقلد مناصب قيادية في المؤسسات الإعلامية يتطلب حزمة من التغييرات الجذرية ابتداءً من زيادة الوعي لدى الرجل بقدرات المرأة وإنصافها من التعصب أثناء اتخاذ قرارات التعيين التي تكون بناء على الكفاءة وليس النوع الاجتماعي خاصة وأن القوانين لا تمنع تقلد المرأة هذه المناصب، كما تؤكد أن المرأة ذاتها عليها الدور الأكبر في إثبات وجودها من خلال الاجتهاد والمثابرة كي تثبت للجميع بأنها قادرة على تولي المناصب العليا في الإعلام. 

وتشير إلى إمكانية زوال كل العراقيل مع الوقت في حال توفرت بيئة سياسية وأمنية وقانونية أفضل، فمجال الإعلام بحسب قولها بشكل عام كان تواجد المرأة فيه ضئيل لكنه زاد مع الوعي ومعرفة أهمية هذا المجال، وزالت أغلب الخطوط الحمراء التي كانت تحيط به حسب تعبيرها.

(المخلافي) في ختام حديثها توجه تحية لزميلاتها الإعلاميات و تدعوهن إلى مواكبة التطور في المجال الإعلامي من خلال التدريب المستمر وتطوير المهارات حتى يتسنى لهن المنافسة والوصول للمراكز القيادية بجدارة. 

تحيز وقلة فرص 

 

 

المطلع على وضع الإعلاميات اليمنيات يرى بأنهن رغم تجاوزهن مرحلة العداء المجتمعي القديم لهن إلا أن هذا التحيز الثقافي والعرف ما يزال يمارس مهامه في الواقع وهو ما يحرمهن من الوصول لمراكز صنع القرار في المؤسسات الإعلامية، وهذا ما تراه الصحفية (عبير واكد) حيث تقول: “هناك تحيزات ثقافية تعتبر الإعلاميات غير مناسبات لقيادة المؤسسات الإعلامية، حيث تُعتبر القيادة في هذا المجال متوجهة أكثر للذكور”

وترى (واكد) بأن قلة الفرص التعليمية والتدريب المهني اللازم للنساء في مجال الصحافة والإعلام، إضافة إلى التمييز الوظيفي الذي يفضل الذكور عن الإناث في المراكز القيادية كل تلك تحديات تعيق وصول المرأة، وتضيف ( واكد) عنصرًا آخر من التحديات وهو الأسرة حيث أن التحديات العائلية قد تعيق توازن الحياة المهنية والشخصية للمرأة، وكذلك تكوين شبكة من العلاقات المهنية والقيادية في مجال الإعلام التي ترى (واكد) بأنها تساهم في الترقية والوصول  

للمناصب القيادية وهي الاستراتيجية التي يتبعها الذكور والتي يتم الأخذ بها في كثير من الأحيان بعيدًا عن معيار الكفاءة بحسب قولها.

(واكد) تؤكد بأن التشريعات والسياسات التحفيزية من خلال وضع قوانين تعزز المساواة في الفرص الوظيفية والترقية في قطاع الإعلام ذلك بدوره يمكن أن يساهم في تعيين المرأة الإعلامية في مناصب قيادية بناء على الكفاءة والاستحقاق.

مفهوم التمكين للنساء والفتيات يتعلق بقدرتهن على اكتساب القوة والسيطرة على حياتهن وتنطوي على زيادة الوعي وبناء الثقة في النفس وتوسيع الخيارات وزيادة الوصول إلى الموارد والإجراءات والتحكم بها من أجل تغيير الهياكل والمؤسسات التي تعزز وتديم التمييز وعدم المساواة بين الجنسين، وهذا ما تحلم به الإعلاميات اليمنيات، وهو العدالة في الترقيات ومنح الحقوق بناءً على الكفاءة والخبرة والجدارة، وحتمًا سيصلن وبقوة رغم التحديات فهن قادرات على العطاء والنهوض بالإعلام اليمني إلى الأفضل.

مقالات اخرى