لا أحد يستطيع أن ينكر أنه لا يوجد أحن من الأم على أبنائها، فهي من حملت وأنجبت وعاشت لحظات لا يستطيع بشر أن يتحملها من أجل أطفالها، وفي لحظة خلاف أو ضغوط ومشاكل متراكمة مع الزوج أودت إلى الطلاق، أو في حال وفاة الزوج فإن القوانين العالمية عامة والقانون اليمني على وجه الخصوص يعطيها الحق والأولوية في حضانة الأبناء كما جاء في قانون الحضانة الصادر سنة 1992م بشــأن الأحوال الشخصية اليمني في الفصل الثالث الذي يتناول الحضانة وأحكامها.
بداية عرف القانون الحضانة في المــادة(138) على أنها: الحضانة هي حفظ الصغير الذي لا يستقل بامر نفسه وتربيته ووقايته مما يهلكه أو يضره بما لا يتعارض مع حق وليه، وهي حق للصغير فلا يجوز النزول عنها وإنما تمتنع بموانعها وتعود بزوالها .
كما أن القانون حدد مدة الحضانة للذكر والأنثى كما نصت المادة (139): مدة الحضانة تسع سنوات للذكر واثنا عشر للأنثى مالم يقدر القاضي خلافه لمصلحة المحضون.
ولكن هذا يعني أن كل أم تصلح أن تكون حاضنة وإن كانت تفيض حنانًا على أطفالها فهناك شروط لهذه الحضانة حددها القانون في المادة (140): يشترط في الحاضن البلوغ والعقل والأمانة على الصغير والقدرة على تربيته وصيانته بدنيًا وأخلاقيًا وإن كانت الحاضن امرأة فيشترط زيادة على ما تقدم أن لا تكون مرتدة عن الإسلام وأن لا تمسكه عند من يبغضه وأن لا تشغل عن الحضانة خارج البيت إلا إذا وجد من يقوم بحاجته وإن كان رجلًا فيشترط أيضًا اتحاد الدين .
جرم القانون حرمان الأم من حضانة أطفالها من قبل الزوج أو أهله وأكد في المــادة(141) أن: “الأم أولى بحضانة ولدها بشرط ثبوت أهليتها للحضانة وإذا اسقطت حقها فلا يسقط إلا إذا قبل الولد غيرها أو أجبرت؛ لأن الحق للصغير ولا يجوز لزوجها الآخر منعها حيث لا يوجد غيرها ولا يمنع سوء خلقها من حقها في الحضانة حتى يبلغ الصغير الخامسة من عمره “.
وفي حال توفيت الأم فإن حضانتها لأطفالها لا تسقط فهناك من يتولى الحضانة بعد وفاتها من أقاربها كما نصت المــادة(142): “إذا ماتت الأم أو بطلت حضانتها انتقلت الحضانة إلى أمهاتها وإن علون ثم خالات الصغير ثم الأب المسلم ثم أمهات الأب وإن علون ثم أمهات أب الأم ثم الأخوات ثم بنات الخالات ثم بنات الأخوات ثم بنات الإخوة ثم العمات ثم بناتهن ثم بنات العم ثم عمات الأب ثم بناتهن ثم بنات أعمام الأب”.
واذا انعدمت النساء انتقلت الحضانة إلى الأقرب فالأقرب من الذكور العصبة المحارم فإن لم يوجد فالأقرب من ذوي الرحم المحارم فإن عدموا فالعصبة غير المحارم فإن عدموا فذوي الأرحام المحارم.
ويقدم في كل درجة ذو السببين على ذي السبب الواحد ثم ذوي الأم على ذوي الأب فإذا كانا على سواء كانت الحضانة للأصلح فإن تساويا في الصلاح يرجع للقاضي ويجوز للقاضي أن يتجاوز عن الترتيب في الحضانة إذا رأى في ذلك مصلحة الصغير .
واشترط القانون في حال كان أحد الحاضنين مصاب بعلة أو مرض قد يؤذي به الطفل أن تنتقل منه الحضانة إلى غيرة كما جاء نص المــادة(143): “تنتقل الحضانة من الحاضن إلى من يليه بأحد أمور هي الجنون ونحوه من المنفرات كالجذام والبرص وكذا العمى والاهمال والفسق وترك حفظ الصغير والزواج إلا أن يكون بذي رحم للصغير”.
المــادة(144): يجوز للأب وسائر الأولياء نقل الطفل من حضانة حاضنه أولى إلى حاضنة اخرى بشرطين:
ا- أن تكون الحاضنة الأخرى مثل الأولى في الحفظ والتربية أو أحسن منها .
ب- أن تكون الحاضنة الأولى قد طلبت أجرًا فوق أجر المثل والبينة في ذلك على الولي .
كما أكد قانون الحضانة على أهمية الاعتناء بالطفل ماديًا ومعنويًا كما ورد في نص المــادة(145): “على الحاضن القيام بما يصلح الطفل إلا النفقة وتوابعها فهي على من تلزمه طبقًا للمبين في باب النفقات ويجوز للحاضن نقل الطفل إلى بلده ما لم يكن فيه ضرر على الطفل ماديًا أو معنويًا أو أخلاقيًا وإذا كان الصغير عند أحد والديه كان للآخر حق رؤيته بالطريقة التي يتفقان عليها أو بما يراه القاضي”.
أما في المــادة(146) فقد وضح القانون ما يمكن أن يتقاضاه الحاضن إن لم يكن من أفراد أسرته: “يستحق الحاضن أجرة حضانة من مال الطفل إن كان له مال أو ممن تلزمه نفقته كما هو مبين في باب النفقات وتقدر أجرة الحاضنة بقدر حال من تلزمه، ولا تستحق الحاضنة أجرة إذا كانت في عصمة أب الصغير وإذا كان الأب معسرًا تكون أجرة الحضانة من مال الأم ولا رجوع لها وإن كانت من مال غير الأم فبإذن المحكمة وله الرجوع بها”