شخصية الفتاة من يساهم في تكوينها.. و كيف ؟!

شارك المقال

أمل وحيش – نسوان فويس

جميعنا يدرك بأن البنات هدية الله لأهاليهن فهن السند و مصدر الحنان للوالدين سواء في قوتهما أو عند كبرهما ، و كون الاناث يتصفن بالرقة و الإحساس فإنهن يتأثرن من أبسط الكلمات ناهيكم عن الأفعال ، الأمر الذي يؤثر في تكوين شخصيتهن إما سلباً أو إيجاباً.

لا شك أن شخصية الفتاة يساهم في تكوينها بشكل أساسي الأهل بدءا بالأب والأم ثم الأقارب بعد ذلك يأتي المجتمع المحيط ، و من هنا تنشأ فتاة ذات شخصية إما قوية و مدركة لكيفية التعامل مع الحياة و صعوباتها ، أو شخصية هشة تخاف من ظلها ، و يصعب عليها مواجهة متغيرات الحياة.

أبي صديق مش أب

” احنا تربينا على إننا ما نخاف من أي شيء و نقول رأينا بدون خوف أو خجل” من هنا بدأت هند محمد حديثها حيث تؤكد لمنصة نسوان فويس أن والدها رباها هي و أخواتها الأربع على أن يثقن بأنفسهن و أن يعبرن عما بداخلهن بكل قوة دون خوف من الناس أو من ردة فعلهم طالما و أنهن على حق

تضيف هند بأنها خرجت للعمل و هي ماتزال في الثانوية دون خوف أو تردد ، عملت في عدة أماكن و كانت بكل ثقة تطرح رأيها حول أي موضوع و تناقش دون خجل و تقول:” الخروج للعمل في هذا الوقت مش سهل الضعيف الناس يدوسوا عليه وعلى حقوقه لذلك لابد ما تكون البنت قوية عشان تعرف تعيش و محد يقدر يستغلها أو يضرها”.

تربية القمع

” احنا تربينا إن البنت ما ترد على أخوها و لا على أي واحد من أهلها حتى لو غلط عليها و خلونا نحترمهم غصب و احنا نندعس ” سميرة (اسم مستعار) شابة في منتصف العشرينات تستاء من طريقة التربية التي تنتهجها كثير من الأسر و التي تصفها بأنها تقمع شخصية الفتاة و تدمر نفسيتها و هذا برأيها يجعل منها لقمة صائغة لكل شخص ليس لديه رحمة أو ضمير حد قولها ، تضيف سميرة : ” البنت اللي تتربى ببيت كله كره للبنات صعب تطلع فتاة واثقة من نفسها و تقدر تواجه العالم” سميرة التي عانت من التشديد الأسري الذي تؤكد أنه أثر سلباً في شخصيتها و جعلها شخصية منعزلة لا تقدر على المواجهة بل أوصلها لمرحلة الخوف حتى ممن حولها ترجح أيضاً أن للفتاة دور في تكوين شخصيتها فهي حين تتبع أسلوب الطاعة الدائمة دون أي اعتراض تكون قد حكمت على نفسها بالتهميش و الضعف الدائم حسب قولها.

شخصية مغايرة

” من و أنا صغيرة كنت أخاف من كل شيء و ابكي من أبسط شيء ، و لو أحد أخذ حقي أو ضربني مقدرش ادافع عن نفسي اجلس ابكي بس و استمر معي هذا الخوف لحد ما دخلت الجامعة ” ، رفيدة (اسم مستعار) شابة في بداية الثلاثينات من العمر غير متزوجة تتحدث لمنصة نسوان فويس أن تربيتها أثرت على شخصيتها ، فقد كانت هي الأخت الثانية من أصل 11ولد و بنت بحكم نشأتها في منطقة ريفية فقد كان كل شيء تقوم به الفتاة محط الأنظار و تحت الرقابة دائماً ، و تشرح لنا كيف أن والدها و والدتها كانوا دائماً يراقبون كل تصرفاتها و لا يسمح لها بالتعبير عن رأيها و أنها كلما كانت تريد أن تتكلم يقول لها والدها ” أنت اسكتي” حتى كبرت و هي شخصية ضعيفة لا تستطيع الدفاع عن نفسها أو أخذ حقها و مرت السنوات و هي على تلك الحال حتى وصلت الجامعة.

تغيرت شخصيتي

رفيدة لم تستلم لهذا الضعف و الانكسار فطموحها أكبر من أن تصل إليه و هي بهذا الضعف و التردد فقررت أن تستغل فرصة ثقة أهلها التي منحوها إياها كي تدرس في مدينة أخرى تقول : ” و أنا بالجامعة كنت أخاف أتكلم و أشارك حتى أخاف أتعرف على أحد ، و هذا الشي كان يزعجني لذلك قررت أتغير و ابدأ أكسر قيود الخوف و أواجه مصيري و انطلق طالما أنا عاملة حدود لنفسي و ملتزمة بثقة أهلي بي ، و فعلاً الحمد لله وصلت لمرحلة الثقة و عدم اللامبالاة فيما يقال عني حتى أهلي تغيرت نظرتهم و تعاملهم و أصبحوا متفهمين أكثر من قبل و واثقين بي أكثر”.

تنصح رفيدة كل أم و أب بأن يصادقوا بناتهم و يمنحوهن الثقة من الصغر كي لا يعشن أي لحظة خوف و تردد لأتفه الأمور و أن يكونوا عون لها في تكوين شخصيتها كي تستطيع الاستمرار في الحياة و مواجهة أي تحدي أو ابتزاز أو عنف قد يصادفها.

أمي صاحبتي

تغريد فتاة في بداية العشرينات ترى أن الشخصية القوية و الضعيفة للفتاة تعتمد على الأهل منذ الصغر و هذا ما نشأت عليه هي حيث تربت بحسب قولها في بيئة متفهمة ، يتركون لها مساحة من الحرية التي لا تخرج عن حدود المعقول و تقول : ” الحمد لله أهلي مش مشددين عليا ، أنا و اخوتي نتعامل بأريحية ما فيش هاذيك العقد اللي اسمع عنها عند ناس كثير” و عن أكثر الناس قرباً منها و يزيد ثقتها بنفسها تؤكد تغريد أن والدتها لها فضل كبير في تربيتها تربية كلها ثقة و قوة ، كون والدتها تعاملت معها كصديقة و ليس كابنة تأمرها و يجب أن تطيع.

و توجه نداء لكل أب و أم بأن يساعدوا بناتهم و يقفوا بجانبهن حتى لا يتعرضن للأذى حسب قولها.

عاملوهن بحب

“يجب معاملة الفتاة بحب و حنان و اهتمام و احتواء فعند توفر هذه العناصر تكون الفتاة خلاقة وعظيمة”

أبو محمد يتحدث لمنصة نسوان فويس عن أهمية منح الفتاة الثقة و الاهتمام لضمان عدم هشاشتها : ” أول شيء إعطائها مساحتها الشخصية خاصة عندما تكبر قليلا لأن هذا مهم في ثقتها بنفسها و تكوين شخصيتها المستقلة و هذا يقويها في مواجهة المجتمع و خوض تجربة الحياة ” يضيف أبو محمد: ” لضمان عدم هشاشتها من الداخل يجب عدم تعنيفها قدر الإمكان لأن البنات حساسات جدا و الهشاشة تولد الضعف الداخلي و هذا كارثة “.

أبو محمد لديه خمسة أبناء و ابنه وحيدة فقط وهي الآن في بداية المشوار الجامعي و كطالبة في سنتها الأولى انخرطت في عالم آخر و بيئة مختلفة عما كانت من قبل يقول أبو محمد عند سؤالنا له عن المرحلة الجامعية التي بدأتها ابنته :” بدأت هذا العام و أقلق عليها كثير بس لابد من بدء مشوار حياتها “.

ثقافة العيب تضعف!

” البنت اللي تلاقي من والديها آذان صاغية و تقدر تخاطبهم هذه ممكن تقوى شخصيتها”

أبو توجان يتحدث لمنصة نسوان فويس عن تكوين شخصية الفتاة و من يسهم فيها قائلاً : ” الموضوع الأول أن التربية تبدأ بالبيت فالمدرسة فالمجتمع ، هذه المكونات هي من تبني شخصية البنت حتى لو البيت بنى البنت على قوة شخصيتها ثم اتجهت إلى المجتمع و وجدت معيقات أثناء حياتها ممكن يحدث لها انكسار”

و يشدد أبو توجان على أن المدرسة تلعب دور كبير في تكوين شخصية الفتاة بعد الأهل لأن الفتاة تقضي ساعات طويلة في المدرسة قد تكون أكثر من الوقت الذي تقضيه مع والديها في البيت و قد يكون للمدرسة دور عكسي في ما يتعلق بتخويف الفتاة باستمرار و غرس ثقافة العيب بشكل سلبي في ذهن الفتاة : ” المدرسة تلعب دور أساسي جداً لأنه تخيلي الطفلة تقعد ثمان ساعات بالمدرسة أكثر مما تقعد مع أمها و أبوها  و في المدرسة يعلموها على العيب و انتبهي و و…هذا الكلام تسمعه في البيت و تخرج المجتمع و هي خايفة من الوحوش الموجودين في البيئة المحيطة و تروح المدرسة نفس الجرعات من التخويف هذا يؤثر على شخصية البنت و يضعفها “.

عقلية الرجل العربي

 يضيف أبو توجان أن الفتاة بحاجة دائما للدعم و الثقة : ” البنت اللي تلاقي من والديها آذان صاغية و تقدر تخاطبهم هذه ممكن تتقوى شخصيتها “. و يعتقد  أبو توجان أن المعادلة معقدة لأنه حسب وصفه ما يزال الكثير يعيش بعقلية رجل العالم الثالث أو عقلية الرجل العربي الذي يخاف على ابنته من كل شيء و يرى أن عوامل الخوف هذه تقيد في تربية البنات بعكس الأبناء الذين يتم منحهم الحرية الكاملة إلى أن يصلوا سن المراهقة و يحدث أنهم بسبب هذه الحرية قد يتجهوا للتدخين أو تناول القات أو أشياء أخرى لا يحبذها الآباء و بعد أن يحدث هذا يريد الآباء العودة لتقييد الأولاد و هنا يحدث التصادم ما بين الأسرة و الشاب بعكس الفتاة : ” الفتاة صدمتها إما انه يتم تقييدها و محاصرتها سواء بنسبة عالية أو نسبة أقل ، أو أنها تكسب الثقة و تنطلق في حياتها و هذا النادر”.

لا يوجد حواجز

يؤكد أبو وجدان أن علاقته بأخواته البنات و بناته علاقة ليس فيها حواجز و يحدثنا عن أحد المواقف التي حصلت مع ابنته الكبرى و كيف تعامل مع الموقف : ” مرة بنتي الكبيرة كانت تحب شخص بنفس سنها و طالب بالمدرسة و كان حب من طرف واحد ولأن علاقتي ببناتي علاقة صداقة أكثر من كونها أب و بنت صارحتني و استطعت إني أوجهها خاصة و هي ماتزال صغيرة كان من الممكن أن تُخدع و لكني تصرفت بعقلانية في وقتها و وضحت لها بأنه حب مراهقة و ستكبر و تنسى الأمر و هذا ما حصل بعد فترة ” ، يضيف : ” هنا الأب قدر يحل الموضوع بشوية عقلانية و لو كان شخص آخر ممكن ما يقدر يحل الأمر بهذا الشكل أو مايستحملش لأن المجتمع يعتبر هذا الشي عندنا عيب ، بس أنا كأب أشوف أين مصلحة بنتي و كيف بحمي بنتي فشفت إن هذا الحل الأفضل “.

بناء الشخصية

فتيات كثر يشكون من سوء تعامل أهاليهن لهن و عدم مشاركتهن همومهن و مشاكلهن ، أو السماح لهن بالتعبير أو المشاركة في القول أو الفعل في أبسط أمور الحياة وهذا ما يجعلهن يلجأن للغرباء للشكوى أو كملاذ يعتقدن أنه آمن للهروب من المعاملة السيئة التي تعمل على كسر ثقة الفتاة بنفسها

الأستاذة هناء الطريقي أخصائية اجتماعية في حديث لمنصة  نسوان فويس ترى أن الحل في هذه الحالة بسيط و يكمن في الحوار مع الفتاة في كل صغيرة و كبيرة ، و عدم مقاطعتها أو توبيخها في حال أخطأت بل يجب فهمها أولا و ترك المجال لها لتتحدث عما يجول في نفسها.

و عن عواقب التعامل بعنف مع الفتاة منذ الصغر سواء من الوالدين أو الإخوان تقول الطريقي :” العنف في الصغر يترك بصمته على وظائف الدماغ و قد يؤدي تأثيره إلى العناد و التمرد و الانحراف و الانتحار أحياناً”.

و تضيف الطريقي بأن تربية الفتاة منذ نعومة أظافرها من قبل الوالدين يجب أن تكون هادفة حتى تنشأ صاحبة شخصية قوية و حضور قوي ، و ذات تأثير ملحوظ على الآخرين.

غرس الثقة

و عن سؤالنا لها عن الطرق السليمة التي ينبغي على الأهل اتباعها في التعامل مع الفتاة لغرس الثقة لديها تقول الطريقي : ” من أهم الطرق هي التوقف عن مقارنة الفتاة بالآخرين ، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الأفكار الإيجابية لديها و تقوية شخصيتها بتعزيز الثقة و الشجاعة في نفسها”.

رسالة أخيرة

توجه هناء الطريقي أخصائية اجتماعية رسالة للأهالي من أجل احتواء بناتهم و غرس الثقة فيهن لمواجهة تحديات الحياة قائلة: ” فتيات اليوم أمهات الغد فأعطوهن مساحة من الثقة و الحب”.

و كلمتها للفتيات الغير واثقات بأنفسهن و اللاتي يعشن حياة التردد و الخوف اكتفت الطريقي كلامها بعبارة :” أنت قوية بذاتك “.

تظل الفتاة قوية بذاتها ، بثقتها بنفسها ، قوية بعلاقة الحب و التفاهم و الثقة بينها و بين أهلها الذين من المفترض أن يكونوا مصدر أمان لها لا مصدر خوف.

مقالات اخرى