آية و مافيار… قصة نجاح طالبة ثانوية تخطت كل التحديات والصعاب

شارك المقال

نسوان فويس – امل وحيش

عندما يكون الطموح كبيراً، والعمر صغيراً يكون التنفيذ شبه مستحيل، خصوصا في بلد يعاني ويلات الحرب، ويشهد تحولات مأساوية – لكن «آية» ابنة الـ«18» ربيعاً، استطاعت بعزيمتها الصلبة وقوة إرادتها أن تحقق حلمها، رغم هول التحديات والعراقيل التي واجهتها ومحاولات بعض المقربين والأصدقاء لإجهاض مشروعها.

آية الحواتي خريجة ثانوية عامة في العام 2021 .. قبل أن تنهي دراستها الثانوية أي وهي ماتزال في الصف الأول الثانوي قررت أن تفتح مشروعاَ خاصاً بها تدعمه موهبتها في صناعة الهدايا وجمال خطها، ألهمتها إحدى صديقاتها لإقامة مشروعها الصغير ذاك، عندما طلبت منها أن تجهز لها هدية  لمناسبة خاصة، لتفاجأ بدقة اتقانها في تصميم الهدية بلمسات إبداعية مبهرة، وهو الأمر الذي أثار انتباه كل من حولها من الأصدقاء والمقربين الذي اقترح عليها بعضهم فتح محل خاص بالهدايا، ومن هنا ولدت فكرة مشروع مافيار للهدايا .

مضت آية لتنفيذ مشروعها الصغير، وكانت البداية بإمكانات بسيطة جدا، لكن براعتها في التصميم وعمل اللمسات على الهدايا جعلت صديقاتها يشجعنها باستمرار، كان المؤازر الأكبر عائلتها التي ساندتها و  قدمت لها الدعم معنوياً ومادياً من أول وهلة .. فقد شرعت «آية» بشراء الأدوات الخاصة بتصميم الهدايا، ثم سرعان ما أُلهمت  إنتاج اسم وهوية للمشروع  (مافيار) ، تلى ذلك قيامها بفتح حساب خاص على وسائل التواصل  الاجتماعي، وراحت تسوق لأعمالها إلكترونياً .

تقول «آية» أنها تفاجأت بحجم ومستوى الإقبال والتفاعل الذي قوبلت به أعمالها من الوهلة الأولى، سيما  أنها حرصت على وضع أسعار رمزية في البداية، واقتنعت بالقليل من الربح .. وكان غرضها من ذلك هو التسويق لمشروعها والوصول لأكبر عدد من الزبائن كونها جديدة على السوق، لذلك وضعت أسعار رمزية واجتهدت في اتقان أعمالها، التي كانت تحرص على إضفاء لمسات جديدة عليها إلى جانب كتابة عبارات بخطها الجميل والأنيق وبحسب رغبات العملاء، الأمر الذي ساعدها على سرعة الانتشار وضاعف من الطلبات التي تصلها.

 واصلت «آية» أعمالها بإمكانات وأدوات بسيطة  ، الأمر الذي حال دون تمكنها من توسيع نشاطها، والتسويق لمشروعها على أرض الواقع، وذلك بسبب الظروف المادية الصعبة التي تواجهها، إذ ان عملية توسيع نشاطها يتطلب مبلغ مالي كبير، وذلك لفتح محل تجاري وتجهيزه بمعدات وأجهزة تقنية حديثة وبرؤى وأفكار عصرية مبهرة .. وهو مالم يتحقق لها إلى الآن كون الأرباح التي تتحصل عليها بسيطة، إلى جانب أن عملية التسويق لأعمالها لا تزال مقتصرة فقط على الإنترنت رغم مرور عامين على بدء نشاطها.

تؤكد «آية» أن من أبرز التحديات التي واجهتها عند اطلاق مشروعها، هي إصرارها على المشاركة في معرض «شو عرسي» الذي يقام سنوياً لإبراز كل ما يتعلق بالأعراس، ومن ضمنها الهدايا، حيث أن إقامة المعرض تزامنت مع قرب امتحاناتها النهائية للمرحلة الثانوية بشهرين فقط، حيث فوجئت بالكثير ممن حولها يحاولون إثناءها عن المشاركة مؤكدين لها بأنها ستفشل في التوفيق بين مذاكرة دروسها، وتجهيز العمل الذي ستشارك به في المعرض والذي يتطلب وقت طويل، لكنها صممت على خوض التحدي والمشاركة بالفعالية التي تدرك تماماً بأنها ستساعدها كثيراً للتسويق لمشروعها..

وبالفعل نجحت «آية» في ذلك، وشاركت في المعرض، الذي تؤكد أنه أضاف لها الكثير، فقد استطاعت من خلاله أن تلفت انتباه الكثير إلى أعمالها التي تتميز بالجودة وبساطة الأسعار، وهكذا كسبت الرهان وأضافت لرصيدها عملاء جدد .. وعقب انتهاء المعرض عادت «آية» إلى أحضان الكتب وبدأت المذاكرة بكل جد واجتهاد ومثابرة، وخاضت الامتحانات، ونجحت آية في الثانوية العامة وبتقدير امتياز.

ولم تتوقف احلام وطموحات «آية» عند الثانوية العامة، بل أنها تعمل جاهدة على تطوير مهاراتها وقدراتها وذلك من خلال الحرص على المشاركة في الكثير من الدورات التدريبية الخاصة بمجال الخط والتصاميم، كما أنها تنوي الالتحاق بالدراسة الجامعية عن طريق بوابة هوايتها وعشقها الأول التصاميم “جرافكس” وذلك بغية تطوير مشروعها بحيث يواكب أحدث التطورات الحديثة.

وأخيرا تقول «آية»: طموحاتي وأحلامي كبيرة، لكني أؤجلها للمستقبل، وما يهمني الآن هو أن يتحول مشروعي إلى اسم على أرض الواقع في أقرب وقت ممكن” .. وفي الحقيقة لم تكتف بالأحلام فقط، بل إنها تعمل حاليا على ذلك مؤكدة بأنها حريصة بأن يكون مشروعها متميز وملفت ويقدم شيء جديد ومبهر .. مشيرة إلى أنها وفي سبيل تحقيق هذه الغاية تعمل بتأني، وأنها قريباً بمساندة أهلها ستفتتح مشروعها، الذي تحلم بأن يكبر ويصبح سلسلة محلات وليس محلاً واحداً، كما تحلم بأن تصبح رائدة أعمال ناجحة تثبت للجميع بأن المرأة اليمنية قادرة على المنافسة والوصول مهما كانت الصعوبات..

هكذا استطاعت «آية» ورغم صغر سنها، وكثرة الصعوبات والعراقيل التي واجهتها بما في ذلك الرسائل السلبية التي كانت تتلقاها من البيئة المحيطة، وبفضل ما تتسلح به من حلم وطموح وإرادة وعزيمة أن تحقق حلمها وأن تصنع لنفسها اسم، وها هي تمضي قدما وبكل ثقة وحكمة نحو تحقيق بقية أحلامها، لتثبت بذلك للجميع أنه إذا تسلح الإنسان بالإرادة والعزيمة فإنه يصل إلى ما يريد، مهما تعاظمت التحديات والعراقيل، ولن يحول بينه وبين حلمه لا عمر ولا ظروف ولا شيء يذكر..

مقالات اخرى