مشاريع نسائية بتعز.. طموح يواجه التلوث والتحديات

شارك المقال

أمل وحيش- نسوان فويس

باتت التغيرات المناخية والبيئية في اليمن تهدد حياة الكثيرين، وقد زادت حدة هذه التغيرات بسبب الصراع المستمر.

وبحسب تقرير للبنك الدولي، فإن نحو 50% من سكان اليمن معرضون لخطر مناخي واحد على الأقل، مثل الارتفاع الشديد في درجة الحرارة أو موجات الجفاف أو الفيضانات، يضاف إلى ذلك تلوث التربة والهواء وانعدام الأمن الغذائي.

تُمثل هذه الظروف البيئية القاسية مشكلة خطيرة تتطلب تكاتف الجهود للتصدي لها. وفي هذا السياق، تبرز مشاريع نسائية رائدة في تعز كنموذج للعمل المبتكر.

 بديل صديق للبيئة وفرص عمل

شاهدت الشابة أشواق الجعفري -31 عامًا – تكدس الأكياس البلاستيكية بجوار المعالم الأثرية في مدينة تعز القديمة، فدفعها ذلك إلى تأسيس مشروعها “Eco bags” (أكياس صديقة للبيئة)، وهو مشروع لصناعة أكياس قماشية قابلة للتحلل بسرعة.

تقول أشواق لمنصة “نسوان فويس”: “يهدف مشروعي إلى تحقيق هدفين: الأول هو المساهمة في الحفاظ على البيئة من أضرار الأكياس البلاستيكية السامة، والثاني هو توفير فرص عمل للفتيات اللاتي يُعِلن أسرهن، مما يسهم في رفد الاقتصاد ودعم المنتج المحلي”.

تواجه أشواق تحديات أبرزها إقناع الناس بتبني الأكياس القماشية الأعلى تكلفة من البلاستيكية. ومع ذلك، لا تستسلم، بل تبذل قصارى جهدها لتوعية المجتمع بأن الأكياس القماشية أكثر استدامة وتدوم لفترة أطول. كما أن ارتفاع أسعار الكهرباء والمواد الخام يضعف قدرتها الشرائية، مما دفعها للبحث عن حلول مستدامة مثل استخدام الطاقة الشمسية.

حصلت أشواق على دعم من برنامج التنمية الإنسانية التابع لمجموعة هائل سعيد أنعم والبرنامج الإنمائي، وتأمل أن يتوسع مشروعها ليصبح مصنعًا خاصًا يساهم في الحد من البطالة لدى الفتيات والأمهات المعيلات لأسرهن.

تأمل أشواق أن يتوسع مشروعها وأن يساهم بشكل كبير في الحد من التلوث البيئي، وأن يدعم الأكياس الصديقة للبيئة، كما تتمنى أن تساهم بشكل أكبر في الحد من البطالة لدى الفتيات والأمهات المعيلات لأسرهن.

دعت أشواق المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني إلى ضرورة دعم المرأة من خلال التدريب والتأهيل وتوفير الدعم المادي، مؤكدة أن ذلك سيمكنهن من تحقيق النجاح المهني والمساهمة الفعالة في خدمة البيئة والمجتمع. وأكدت أن تمكين المرأة اقتصاديًا سيعود بالنفع على الاقتصاد اليمني بشكل عام، وعلى تعز بشكل خاص.

وفي رسالة موجهة إلى النساء، حثتهن أشواق على عدم الاقتصار على الوظائف التقليدية، بل على ابتكار مشاريعهن الخاصة والبحث عن مصادر دخل جديدة. وشددت على أن الإيمان بالأفكار هو القوة الدافعة لتحقيق الأحلام، مهما كانت الصعوبات والتحديات.

 إعادة تدوير المخلفات ومواجهة الوصمة

على ذات النهج، افتتحت الدكتورة ألطاف الأهدل مشروع “قنان” في تعز مطلع العام الحالي، والذي يعمل على إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية والمعدنية الخفيفة.

فكرة المشروع جاءت بعد أن شاهدت الوضع البيئي السيئ في المدينة، لكنها واجهت تحديات كبيرة، أبرزها: الوعي البيئي الضعيف، حيث يفتقر المجتمع إلى الوعي بأهمية إعادة تدوير المخلفات. والمقاومة الاجتماعية إذ تعرضت ألطاف للهجوم والتهميش لأن المشروع تديره امرأة، وهو ما دفعها للعمل بصبر وحكمة.

وبفضل دعم من برنامج التنمية الإنسانية (HDP) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومجموعة هائل سعيد أنعم (HSA)، تمكنت ألطاف من إطلاق مشروعها.

تقول: “الدعم المالي رغم قلته كان بمثابة “الثقاب الذي يشعل شمعة”، وأطمح أن يتوسع المشروع ليساهم في توظيف عدد أكبر من الأيدي العاملة، خاصة الفئات الأكثر ضعفًا.”

تسعى الأهدل من خلال مشروع “قنان” إلى التخلص من النفايات وتوظيف أكبر عدد ممكن من الأيدي العاملة. بدأت المشروع بمساعدة زوجها وأبنائها، وفيما بعد استعانت بفني مختص لتسهيل سير العمل. 

من منطلق توفير فرص عمل للعديد من الأيدي العاملة، وتحقق الاستدامة، جاء دور مشروع “قنان لإعادة تدوير المخلفات ليكون من مجرد فكرة إلى واقع ملموس.

وتؤكد الدكتورة ألطاف على أهمية الدور المجتمعي في دعم هذه المشاريع من خلال رفع الوعي بأهمية فرز المخلفات من المنازل لتسهيل عملية جمعها وتدويرها.

ومن الجانب الاقتصادي، تشكو الأهدل من أن الدعم المقدم لا يكفي لتغطية تكاليف المشروع الكبيرة، بما في ذلك مكان المشروع والأدوات والمواد الخام، وتؤكد أنها تعمل جاهدة لتجاوز هذه الصعوبات بكل صبر وحكمة كي يستمر المشروع في خدمة المجتمع وحماية البيئة.

جهود نسائية لإعادة بناء اليمن

تمثل المشاريع البيئية التي ابتكرتها أشواق الجعفري والدكتورة ألطاف الأهدل نماذج نسائية مبدعة تسهم في تحسين الواقع البيئي وتطوير الفكر المجتمعي حول أهمية الحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة. هذه الجهود الفردية تُقدم حلولاً مبتكرة لتحديات معقدة، وتُثبت أن المرأة اليمنية قادرة على إحداث فرق إيجابي رغم كل الصعوبات.

مقالات اخرى