أفراح بورجي – نسوان فويس
“متلازمة مولر” أو عدم تخلق المهبل، المعروفة طبيًا بمتلازمة ماير-روكيتانسكي-كوستر-هاوزر (MRKH)، تمثل أحد التشوهات الخلقية النادرة التي تصيب الجهاز التناسلي الأنثوي.
وتتسم هذه المتلازمة بغياب كامل أو جزئي للرحم وعنق الرحم والمهبل، أو بتشوهات مختلفة في الجزء العلوي من المهبل. بهذه الكلمات بدأت الدكتورة كوثر الدوسي، أخصائية النساء والولادة، في تعريف هذه الحالة المعقدة.
وأوضحت الدكتورة الدوسي أن متلازمة مولر تعتبر من الحالات النادرة عالميًا، حيث تشير الإحصائيات إلى إصابة واحدة من كل 4000 أنثى تقريبًا.
وفي سياق المجتمع اليمني، أكدت على عدم وجود إحصائيات دقيقة حول مدى انتشارها، مما يجعل فهم حجم المشكلة أكثر صعوبة.
وأشارت إلى أن السبب الرئيسي لهذه المتلازمة يعود إلى خلل في النمو والتطور الطبيعي للجهاز التناسلي الأنثوي، مع دور محتمل للعوامل الجينية والوراثية، إلا أنه لا توجد أسباب محددة وواضحة لحدوثها، باستثناء اعتبار وجود تاريخ عائلي للحالة كأحد عوامل الخطر.
أما عن تشخيص الحالة، بينت الدكتورة الدوسي أن ذلك يتم أولاً من خلال التقييم السريري الذي قد يكشف عن بعض الأعراض أو العلامات المشيرة للمتلازمة، بالإضافة إلى استخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية والرنين المغناطيسي لتأكيد التشخيص.
صمت وآلام وخجل معاناة فتيات مع MRKH
تعيش فتيات يواجهن متلازمة مولر (Müllerian agenesis)، أو MRKH، ألمًا مضاعفًا يتمثل في المعاناة الجسدية والنفسية، غالبًا في صمت وخجل يمنعهن من التحدث عن حالتهن.
هدى تركي فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا من محافظة الحديدة ولديها أخت توأم، لم تدرك إصابتها بمتلازمة مولر لسنوات طويلة، كونها حالة لا تُكتشف بسهولة في البداية. وعندما تكتشف الفتيات إصابتهن، غالبًا ما ينتابهن الخجل، مما يجعلهن يتألمن بصمت.
دور الأسرة الداعم
روت والدة هدى قائلة: “لم ألاحظ أي اختلاف بين هدى وتوأمتها سلمى في البداية، لعدم معرفتي بهذه المتلازمة. وللأسف، لم أركز على فحص الجهاز التناسلي لهدى والتحقق من وجود أي تشوهات خلقية مقارنة بسلمى.”
مع بلوغ الفتاتين سن البلوغ، ظهر الاختلاف جليًا. اكتمل النمو الطبيعي لجهاز سلمى التناسلي وبدأت الدورة الشهرية المنتظمة، بينما لم تحدث الدورة لهدى، التي كانت تعاني بصمت من آلام أسفل البطن وتغيرات مزاجية شهرية. هنا، بدأت الأم تشك في وجود مشكلة في رحم هدى.
التشخيص المبكر نقطة تحول
تكمل والدة هدى: “عرضت ابنتي على طبيبة نساء وولادة، وبعد الفحص تبين أنها مصابة بمتلازمة مولر وتحتاج إلى تدخل جراحي لفتح المهبل ليتمكن دم الحيض من النزول. بعد الجراحة، عادت هدى لممارسة حياتها الطبيعية كأي فتاة أخرى.”
حالة أخرى لطفلة تدعى ليان، تبلغ من العمر 3 سنوات، حيث لاحظت الأم وجود تشوه خلقي في جهازها التناسلي (وجود جلد سميك يغطي فتحة المهبل). وبعد التواصل مع طبيبة نساء وولادة في الحديدة، أوضحت الطبيبة أن التدخل الجراحي يفضل إجراؤه في سن العاشرة، مع بداية البلوغ، لتجنب الألم المصاحب لعدم نزول الدم.
وتوجه أم ليان رسالة هامة إلى جميع النساء والأمهات بضرورة تفقد الجهاز التناسلي لبناتهن الصغيرات للكشف المبكر عن أي تشوهات، وكسر حاجز الصمت والخجل لدى الفتيات، وتقديم الدعم الأسري اللازم لهن للإفصاح عن آلامهن.
الجراحة أمل لحياة طبيعية
أكد الدكتور فضل الوصابي، استشاري جراحة النساء والتوليد، في حديثه لمنصة ” نسوان فويس” أن الحلول الجراحية لتشوهات المهبل الخلقية لا تؤثر على القدرة الجنسية والإنجابية للمرأة. وخلال حديثه، كشف عن أحدث التقنيات والعمليات الجراحية المتاحة لعلاج هذه التشوهات.
وعن إمكانية تشخيص الحالة قبل الولادة، أوضح الدكتور الوصابي أن ذلك يعتبر صعبًا، إلا أنه يمكن إجراء التشخيص باستخدام جهاز السونار بعد الشهر السادس من الحمل، حيث يمكن حينها ملاحظة وجود أي تشوهات في الجهاز التناسلي الأنثوي.
وأشار إلى وجود أنواع مختلفة من العمليات الجراحية لتشوهات المهبل، بما في ذلك عمليات زراعة المهبل وعمليات فتح المهبل، التي تستخدم في حالات متلازمة مولر لفتح الغشاء الذي يغطي فتحة المهبل.
لا مساس بالقدرة الجنسية والإنجابية
و أشار الوصابي إلى أن التدخلات الجراحية لا تؤثر سلبًا على قدرة المرأة الجنسية والإنجابية، مؤكدًا أن فترة التعافي بعد العملية تستغرق حوالي عشرين يومًا، وبعدها تستطيع المرأة ممارسة العلاقة الزوجية بشكل طبيعي.
وأوضح أن العمليات الجراحية لمرضى متلازمة مولر تعتبر بسيطة ولا تستغرق وقتًا طويلاً، وأن فترة التعافي المتوقعة هي عشرة أيام، لتعود الفتاة بعدها طبيعية كقريناتها.
وفي الختام، أكد الدكتور الوصابي أن الحلول الجراحية لتشوهات المهبل تمنح المرأة فرصة حقيقية لعيش حياة طبيعية وكاملة، دون أي تأثيرات سلبية على قدرتها الجنسية والإنجابية.