ليزا الكوري _ نسوان فويس
في عالمٍ مليء بالصعاب، وُجدت قلوب نادرة تأبى أن تستسلم للظلام، بل تختار أن تكون شعلة تضيء الدروب للآخرين. كانت فاطمة أحمد عبدالله العاقل واحدة من تلك القلوب النادرة، امرأة لم ترَ النور بعينيها، لكنها أهدته بيدها وقلبها لكل من حولها، لتصبح أمًا للمكفوفين، وصوتًا لمن فقدوا القدرة على التعبير عن أنفسهم.
اختارت فاطمة أن تجعل حياتها رسالة إنسانية. درست وتعلّمت رغم التحديات، حاملة على عاتقها هموم المكفوفين وذوي الإعاقة. لم تكن أدوارها مجرد وظائف؛ بل كانت أفعالًا نابعة من حب عميق.
عندما أسست جمعية الأمان لرعاية الكفيفات، لم تكن تؤسس مبنى، بل تبني أملًا وحياة.
لم تكتفِ بمساعدة المكفوفين في وطنها اليمن، بل حملت قضاياهم إلى العالم، متحدثة باسمهم ورافعة صوتهم في كل مكان. لم تكن رؤيتها محدودة بالبصر، بل امتدت ببصيرتها وإرادتها التي تجاوزت الحدود.
فاطمة لم تكن امرأة عادية؛ كانت حكاية عطاء، ملهمة لكل من عرفها. رحلت عن عالمنا، لكنها تركت خلفها نورًا لا ينطفئ، نورًا ينبعث من كل حياة مسّتها يدها الطاهرة.
قد تكون عيناها غابتا عن رؤية الضوء، لكنها أهدت الآخرين نورًا يستمر في الإشعاع. فاطمة العاقل ليست اسمًا عابرًا، بل قصة إنسانية ستظل تُروى ما دامت الإنسانية قائمة.
ولدت فاطمة العاقل هي وأختها بمشكلة في البصر، فعانتا من صعوبات شديدة في التعليم باليمن لذلك انتقلتا إلى مصر لتوفر فرص التعليم أكثر بما يتناسب مع حالتهما. فقدت بصرها أثناء مرحلة الدراسة الجامعية في جمهورية مصر العربية نتيجة إصابتها حينها بصداع شديد، وهو ما أدى بعد ذلك إلى فقدانها بصرها.