معيدات ومدرسات بجامعة الحديدة بلا منح دراسية

شارك المقال

عبده حسين _ نسوان فويس

دخلت الباحثة اليمنية شيماء حسن المعينة مدرسة بجامعة الحديدة في مرحلة يأس وإحباط، بعد عجزها عن تسديد الرسوم الدراسية المطلوبة منها لاستكمال مناقشة أطروحتها للدكتوراه بجامعة صنعاء؛ حسبما ذكرته لـ”نسوان فويس”.

شيماء -والإسم هنا مستعار كسائر الأسماء في التقرير- ليست الوحيدة التي تعيش تلك المعاناة، بل هناك سبع من زميلاتها المعينات ضمن أعضاء هيئة التدريس المساعدة بجامعة الحديدة (معيدات ومدرسات)، مسجلات في برنامجي الماجستير والدكتوراه بعدد من كليات جامعة صنعاء، توقفن إجبارياً عن استكمال دراستهن ومناقشة رسائلهن وأطروحاتهن، نتيجة عجزهن عن تسديد الرسوم الدراسية المقررة عليهن لجامعة صنعاء، منذ سنوات، وسط مطالبتهن المتكررة لقيادة جامعة الحديدة، بمنحهن قرارات إيفاد داخلي أو خارجي، وتوفير منح مالية، تنهي تعثرهن، وفق القانون الذي يكفل لهن الحصول على منح دراسية داخلية أو خارجية لمواصلة دراساتهن العليا على نفقة الجامعة المعينات فيها، على غرار ما عملته جامعة صنعاء للعشرات من زملائهن وزميلاتهن.
نيابة الدراسات العليا بجامعة الحديدة من جهتها فرضت على كل معيدة أو مدرسة ممن قررن مواصلة تحضير الماجستير والدكتوراه على حسابهن الشخصي، توقيع تعهدات بعدم مطالبة الجامعة بصرف أي منح مالية مستقبلاً؛ وفق ما أكدته المعيدة ليلى محمد، وعديد من زميلاتها، لـ”نسوان فويس”.

شيماء وليلى وزميلاتهن، يناشدن قيادة جامعة الحديدة وعمداء كلياتها ورؤساء الأقسام العلمية، بحل قضيتهن ومنحهن قرارات إيفاد داخلي على الأقل وفقاً للقانون، كما عملت جامعة صنعاء للعشرات من زميلاتهن وزملائهن، والتي بموجبها تم إعفاؤهم من الرسوم الدراسية، وصرف رسوم المناقشة والإشراف لكل واحد منهم، باعتبار ذلك أدنى الحقوق التي كفلها القانون لأعضاء هيئة التدريس المساعدين في الجامعات، ويجب أن يحصلوا عليها بكل سهولة، إن لم يكن من المفترض إيفادهم في منح خارجية.

وفي مقابل ذلك، أقرت معيدات ومدرسات بجامعة صنعاء، بأن الجامعة أصدرت لهن وللعشرات من زميلاتهن وزملائهن بكافة الأقسام والتخصصات العلمية فيها قرارات إيفاد داخلي، مكنتهن من دراسة التمهيدي وتسجيل الخطط البحثية مجاناً، وخففت العبء المالي عليهن، وصرفت لمشرفيهن ومناقشيهن أجور المناقشة والإشراف، كأبسط حقوقهم، في إجراء شجع كثيرُ منهن على مواصلة تحضير الماجستير والدكتوراه؛ حسب إفادتهن لـ”نسوان فويس”.

يأتي ذلك وسط ظروف صعبة يعيشها أساتذة وموظفي الجامعات جراء انقطاع المرتبات منذ نحو 8 سنوات.
وتنص لائحة تنظيم المنح الداخلية لطلبة الدراسات الجامعية والعليا للعام 2008م، على استحقاق طالب الدراسات العليا الحاصل على منحة داخلية للمساعدة المالية المقرة من اللجنة العليا للبعثات والمنح الدراسية، إضافة إلى الرسوم الدراسية المستحقة لمؤسسة التعليم العالي المقيد فيها، وبدل بحث ميداني، وبدل طباعة الرسالة أو الأطروحة العلمية التي قام بإعدادها، بهدف تشجيع الفتيات على مواصلة دراستهن.

إعفاء الموفد من الرسوم الدراسية


ومنذ أن توقفت الاعتمادات المالية من وزارة المالية في العام ٢٠١٦م توقفت المنح الدراسية على كل الجامعات؛ حسبما أكده ذي يزن الرمانة مدير عام الدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة الحديدة، في حديثه لـ”نسوان فويس”.
ووفق الرمانة، فإن هناك من يتقدم بطلب إصدار قرار إيفاد على نفقته الخاصة ويتعهد بعدم المطالبة بأي مستحقات مالية أو رسوم أو بدلات، فيصدر له القرار.

وأشار إلى صدور قرار جديد من مجلس الجامعة بناء على الإتفاق بين الجامعات الحكومية للتعاون مع المعيدين والمدرسين بأن يُعفى الموفد من الرسوم الدراسية، ويتحمل أجور المشرفين والمناقشين على الرسالة العلمية، ويطبق هذا القرار كذلك على الدارسين داخل الجامعة في الوقت الحالي في برامج الدراسات العليا المتاحة والمتوفرة داخل الجامعة؛ في إشارة إلى جامعة الحديدة.
وأضاف: نحن في جامعة الحديدة كنا نتعاون مع المعيدين والمدرسين بإصدار قرارات إيفاد داخلي تنص أحد مواده بأن يتم العمل بموجب قرار مجلس الدراسات العليا الأول للعام ٢٠١٦م المنعقد في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي (سابقا) بتاريخ ١٤-٨-٢٠١٦م، وحضره نواب رؤساء الجامعات للدراسات العليا والبحث العلمي، ومدراء عموم الدراسات العليا، والذي نص في موضوعه الخامس على أن ” تلتزم الجامعات بعدم تعطيل سير الموفدين إليها من جامعات حكومية أخرى لأسباب مالية، ويتم احتسابها دين على الجامعة المدينة، ويتم الوفاء بها عند تحسن الظروف المالية للبلد”، وبموجب ذلك يحرر الطالب تعهداً خطياً بعدم المطالبة بأي مستحقات مالية أو رسوم أو بدلات إلا بعد توفر الاعتمادات من وزارة المالية.

حق قانوني


وتنص المادتين (78) و(79) من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات اليمنية، على أن “الحد الأعلى لبقاء المعيد في وظيفته ثلاثة أعوام يسقط بعدها حقه في البقاء فيها إذا لم يقيد لدرجة الماجستير أو يسافر في منحة إلى الخارج (مع توفر ذلك)، ويسقط حقه في البقاء فيها أيضاً إذا لم يحصل على درجة الماجستير خلال أربع سنوات على الأكثر من تاريخ قيده في الجامعة المبتعث إليها”، وكذلك “إنهاء خدمات المدرس الذي لا يحصل على الدكتوراه خلال خمس سنوات – على الأكثر – من تاريخ قيده لدرجة الدكتوراه، على أن لا تزيد مدة البقاء في درجته عن ثمان سنوات كحد أقصى من تاريخ ترقيته أو تعيينه، وهو ما باتت تخشاه عدد من هؤلاء المعيدات والمدرسات المعينات بجامعة الحديدة، والمقيدات في برامج ماجستير ودكتوراه بجامعة صنعاء.

اكتئاب وإهمال وظيفي


وينتج عن إهمال الجامعات اليمنية الحكومية لأعضاء هيئة التدريس المساعدة، من الشباب والشابات (المعيدين والمدرسين)، وعدم وتحفيزهم على مواصلة واستكمال دراساتهم العليا، آثاراً نفسية سلبية تنعكس على أدائهم الأكاديمي والشخصي منها الإحباط وفقدان الدافعية والإهمال الوظيفي، والقلق والاكتئاب، والانخفاض في جودة الأداء الأكاديمي، والتأثير على جودة التعليم والعلاقات الإجتماعية والعزلة ونقل المشاعر إلى الطلبة، وفقدان الطموح الأكاديمي والتوقف عن استكمال الدراسات العليا الأمر الذي يعني فقدان فرص التطوير المهني على المدى البعيد، إضافة إلى التحول المهني في بعض الحالات وترك المجال الأكاديمي بالكامل بحثًا عن فرص مهنية أكثر استقرارًا وتقديرًا؛ حسبما أكدته الدكتورة حنان محمد الصرابي، أستاذ ورئيس قسمي علم النفس التربوي والإرشاد النفسي بجامعة الحديدة، في حديثها لـ”نسوان فويس”.
وأشارت الصرابي إلى أن إهمال الجامعات الحكومية لتأهيل أعضاء هيئة التدريس المساعدين (معيدين ومدرسين) له تأثيرات طويلة الأمد على التعليم العالي وجودته في اليمن منها نزيف العقول والبحث عن فرص خارج البلاد أو خارج المجال الأكاديمي، ما يؤدي إلى فقدان الجامعات لمواهب مستقبلية، إضافة إلى تراجع سمعة المؤسسات الأكاديمية التي لا تهتم بتطوير كوادرها التعليمية، ما يؤثر على جاذبيتها للطلبة وأعضاء هيئة التدريس الجدد.

مقاعد مجانية


وفي وقت سابق من العام الجاري، أقر مجلس جامعة صنعاء، منح الجامعات الحكومية اليمنية مقاعد مجانية في الدراسات العليا لأعضاء هيئة التدريس المساعدة في التخصصات غير الموجودة بجامعاتهم في إطار تعزيز التعاون، والمساهمة في الإعداد العلمي والمعرفي والأكاديمي لأعضاء هيئة التدريس بكل الجامعات الحكومية اليمنية ويعود بالنفع على الطلبة والطالبات في تلك الجامعات، وهو ما منح المعيدات والمدرسات المعينات بجامعة الحديدة، بصيص أمل للحصول على مقاعد مجانية، تمكنهن من استكمال دراساتهن وأبحاثهن وتجاوز معضلة عجزهن عن تسديد الرسوم الدراسية وكذلك رسوم الإشراف والمناقشة.
كما سبق وأعلنت جامعة صنعاء عن تخصيص ثمانية مقاعد دراسية في برامج الدراسات العليا لتأهيل أعضاء هيئة التدريس بجامعة الضالع، ثلاثة منها في الدكتوراه وخمسة في الماجستير.

 

مقالات اخرى