أمل وحيش _ نسوان فويس
لا يستغني اليمنيون عن “البسباس” المطحون في وجباتهم، فهو رفيق دائم في موائدهم، باعتباره فاتح شهية إضافة إلى أنه يشجع على الإقبال على تناول الطعام باستمتاع أكثر. وتشتهر العديد من المناطق اليمنية بصناعة أنواع مختلفة من “البسباس” المطحون الذي تتنوع خلطاته بحسب صانعيه، ولا شك أن للنساء خاصة في محافظة المحويت طريقتهن المميزة في صناعة ألذ أنواع البسباس اليمني الذي تزدان به السفرة اليمنية ولا يستطيع الكثير الإستغناء عنه.
” بسباسكو “
(أمة الرزاق مصلح) من محافظة المحويت ، إحدى الشابات الجامعيات اللآتي يرفضن قيود الوظيفة بدوام كامل والتي ترى أنها تأخذ من الإنسان الكثير من وقته وجهده وصحته، وهو ما دفعها للعمل عن بعد في مجال تخصصها الصحفي، كي تتفرغ لأعمالها الخاصة التي تستطيع إنجازها من البيت، مثل المصنوعات اليدوية التي تجد متعتها فيها، لكنها مؤخراً قبل حوالي العام قررت أن تؤسس لها مشروعاً خاصاً تملك هي زمام أموره وهو مشروع بسباسكو لصناعة البسباس المطحون المصنع محلياً ومن المنزل وبلمسة يمنية. وهي المهنة التي تتقنها الكثير من نساء المحويت، إلا أن ( أمة الرزاق) فضلت أن يكون لها منتجاً محلياً خاصاً بها بعلامة تجارية مميزة، وبنكهة مختلفة عما هو في الأسواق وبهذا جاءت بمشروع بسباسكو الذي برغم الفترة البسيطة من تأسيسه إلا أنها استطاعت أن تحقق نجاحاً هي راضية عنه وتطمح للمزيد، حيث وصل منتجها للعديد من المحافظات اليمنية، مستغلة بذلك علاقاتها وقدرتها على الإقناع والتسويق، إضافة إلى الترويج للمنتج عن طريق صفحة الفيسبوك الأمر الذي يلاقي إقبالاً على منتجها والإشادة به.
من “أم برهوم للبسباس المطحون بنكهة الزعتر والكمون” إلى اسم مختزل يحمل مسمى بسباسكو حيث جاءت هذه التسمية المختصرة بعد التحاقها بإحدى الدورات التدريبية لرواد الأعمال والمشاريع الصغيرة ، ما ساعدها في إختيار اسماً خفيفاً تسعى من خلاله أن يكون برانداً عالمياً وليس محلياً فقط.
يتم التعامل مع عملاء بسباسكو عن طريق الطلب بالجملة أو الحبة في الغالب، كما تقوم (أمة الرزاق) بالاتفاق مع بعض أصحاب المحلات لعرض منتجها في محلهم، وغالباً ما يأخذ تحضير الطلبات وقتاً طويلاً نتيجة للخطوات المتبعة في التحضير، وفي حال كان الطلب لمحافظات أخرى مثل الحديدة، وصنعاء، وحجة والبيضاء وغيرها، فهي تسعى جاهدة لإنجاز الطلب في أقرب فرصة وإرساله للعميل في الوقت المناسب محافظة بذلك على سرعة الإنجاز والدقة في المواعيد ولاشك آخذة بالاعتبار الجودة.
تقول ( أمة الرزاق) لمنصة “نسوان فويس” إن ما يميز مشروعها عن باقي المشاريع المشابهة له هو أن البسباس الأصل الذي تقوم بتحضير المنتج منه من مزارعهم مباشرة، إضافة على كونه خال من أي إضافات حافظة والركيزة الأساسية لمكوناته هي البسباس والزعتر والثوم ومكونات أخرى، ويطحن بطريقة خاصة تجعله ذو جودة عالية.
تحاول ( أمة الرزاق) أن تستخرج لمشروعها سجلاً تجارياً وتقول إنها ستبدأ بترتيبات المعاملة للحصول عليه وهو ما يندرج حسب قولها تحت رواد الأعمال للمشاريع التجارية في وزارة الصناعة و التجارة، ما يعني أنها تهتم بتوثيق مشروعها لأنه ليس مشروعاً مؤقتاً كما تقول بل تسعى لتطويره.
مشاريع نسائية كثيرة انطلقت من المنزل بفعل الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، وأثرت على الإقتصاد بشكل كبير، ورغم بساطتها إلا أنها ساهمت بشكل فاعل في مساندة الأسرة في ظل الظروف الإقتصادية المعيشية التي يعيشها المواطن اليمني، وما مشروع ( أمة الرزق ) إلا جزء من مشاريع نسائية كثيرة ساهمت بشكل كبير في التخفيف من أعباء الحياة، ومؤازرة الأسرة، ودعمها في ظل الوضع المعيشي الصعب.
حلمها كحلم فتيات كثر يسعين لإثبات ذواتهن، وتحقيق إنجازات حياتية تذكر ولو على الصعيد الشخصي وبالإمكانيات المتاحة، حيث تتمنى ( أمة الرزاق) أن تمتلك يوماً ما معملاً خاصاً بإنتاج البسباس وتحديدً علامة بسباسكو وتصدره إلى خارج البلد، لتكن كما تقول المورد الأول للبسباس اليمني المطحون خارج الحدود.
عراقيل كثيرة تواجه النساء الراغبات في فتح مشاريعهن الخاصة وإن كانت مشاريع في نظر البعض غير مهمة إلا أنها في نظرهن شيئاً كبيراً، وكل صغير كما يقال سيكبر يوماً ما ولن يتم ذلك بدون إرادة الشخص وقوة عزيمته، وهو ما وجهته(أمة الرزاق) في رسالتها لصاحبات المشاريع الصغيرة أو الراغبات بالبدء، والتي تؤكد فيها أن الإستمرار أساس النجاح، وبأن العثرات هي بداية للوصول، وبأن التعلم من الأخطاء يعني تحقيق المراد.
وهي ذات الرسالة التي توجهها لنفسها باستمرار بألا تستسلم، أو تتراجع في أي عمل تقوم به، وأن تظل قوية كي تحقق أحلامها وما تسعى للوصول إليه.
تعد المشاريع الصغيرة النسوية التي ابتكرتها النساء رافداً أساسياً لدعم المنتج المحلي الذي يتمنى الجميع أن ينافس في الأسواق العالمية ، كما أنها وسيلة مشروعة لكسب المال، تبدأ من المنزل لتصل للعديد من المنازل والمحلات والمراكز التجارية، ولاشك أن الكثير من النساء اليمنيات يبدعن في العديد من الصناعات ، بما فيها البسباس المطحون الذي تشتهر فيه محافظة المحويت وحجة وغيرها من المحافظات، وما تلك الأعمال والمشاريع إلا نتاجاً للظروف المعيشية السيئة التي تمر بها البلد، ومن هنا كان لابد للمرأة اليمنية أن تضاعف جهودها لتكون مساهماً فاعلاً في التخفيف من الأعباء المادية الأسرية.
ويظل المشروع الصغير كبيراً في نظر صاحبه لأنه جاء في ظروف مختلفة وغير مستقرة لكنه أنتج تفاعلاً إيجابياً من شأنه أن يكبر مع مرور الأيام والسنوات ليصبح معملاً أو مصنعاً كبيراً يكبر بكر طموح صاحبه، كما هو حلم (أمة الرزاق) في مشروعها بأن يصبح أكبر معمل يمني لإنتاج وتصدير البسباس المطحون إلى خارج اليمن.