بين مطرقة الزوج وسندان الأهل: معاناة المرأة تتفاقم

شارك المقال

منيرة أحمد الطيار _ نسوان فويس


تفقد المرأة اليمنية حقّها في منزل والدها بمجرد زواجها وانتقالها إلى زوجها، وعند حدوث مشكلة في بيت الزوجية تحتاج للعودة إلى منزل والدها، حينها قد لا تجد مكانًا لها ولأطفالها لتقيم فيه، وغالبًا ما تتعرّض للضغط لسبب أو لآخر، وتعود لمنزل زوجها مرغمة؛ حتى قبل أن تجد حلاً معه.

لم تجد تسنيم ملجأ لها بعد تفاقم المشاكل مع زوجها إلا البقاء في منزله مرغمة حتى بعد أن اكتشفت خيانته المتكررة لها ونفورها منه.

تزوجت تسنيم 25 عامًا وهي في عقدها الثاني من العمر زواجًا تقليديًا، كانت تأمل أن تخرج من منزل عائلتها لتبني لها مملكتها الخاصة بكل حب، ولكنها لم تصل لحلمها بل واجهت في زواجها مشاكل مع شريك حياتها؛ وفي كل مرّة كانت تذهب لأسرتها طالبة منهم الوقوف بجانبها كان ردهم بأن عليها الرجوع لزوجها والصبر.

تقول تسنيم: خلال خمس سنوات من زواجنا عدت لمنزل والدي عدة مرات، وترجيتهم أن يقفوا معي، ويطلقوني من زوجي، لكنهم جميعاً كانوا ينصحوني بالصبر والبقاء معه، إلى أن رزقت بطفلين وأنا صابرة على أمل أن يتعدّل زوجي، وتستقر حياتنا، لكن للأسف تفاجأت أنه يخونني.

أصرّيت حينها على الطلاق، جئت إلى أهلي وأبلغتهم قراري لكنهم “كسروا ظهري” عندما اشترطوا أن أترك أطفالي.. فكّرت بأطفالي وعدت إلى زوجي بهدف تربيتهم والبقاء بجوارهم حتى لا أُحرم منهم؛ خاصة أني لم أكمل دراستي، ولن أستطيع العمل لتوفير لقمة العيش لهم.

مجرد ضيفة


ياسمين، هي الأخرى وجدت نفسها بعد الزواج مجرد ضيفة على عائلتها بعد أن كانت تمتلك غرفتها الخاصة، وتستطيع التقرير بشأن أمور المنزل؛ تقول: “بعد زواجي تم أخذ غرفتي لتزويج أخي الأصغر مني وأصبحت آتي للمنزل بصفتي ضيفة فقط، وحين أتعرّض لمشكلة مع زوجي لا أجد مكانًا أنام فيه أنا وأطفالي الثلاثة، وأشعر أنني عبء على عائلتي.

تضيف ياسمين: ذات مرّة اضطررت للبقاء في منزل والدي شهرين على خلفية مشاكل مع زوجي كادت أن تصل للطلاق؛ إلا أنني شعرت بالاختناق بسبب المشاكل والهمز واللمز من زوجات إخوتي الإثنين الذين يعيشون مع زوجاتهم وأطفالهم في منزل والدي، وقرّرت بعدها العودة لمنزل زوجي لأشعر بالاستقلالية قليلا، وليرتاح أطفالي من الإذلال الذي تعرّضوا له.

قلق واكتئاب


الأخصائية النفسية غدير البحيري تؤكد على أنّ التعامل مع المرأة بهذا الشكل يعزّز بداخلها الرغبة المبالغة والتمسّك الشديد بإنجاح علاقتها الزوجية، فلا تبني علاقة صحية لشعورها بعدم مرجع آمن لها تستند عليه لذلك تظل تقدم التنازلات لتحافظ على زواجها وكأنها المسؤولة الوحيدة على نجاحه وفشله.

وفي حال انفصلت عن زوجها وعادت لبيت أهلها تشعر بأنها عبء ثقيل عليهم خصوصاً إن كان لديها أطفال، ويستمر شعورها بعدم الأمان، وعدم الاستقرار، وقد تصاب بالاكتئاب والشعور بالوحدة والخوف والقلق والتوتر.

تخوّف


مروى (25 عامًا) تتخوّف من مسألة الزواج والخروج من منزل والدها، وتبرّر مخاوفها بقولها: “أخاف لو أتزوج ويفشل زواجي واضطر لتحمّل الزواج الفاشل، لأن أهلي لن يقبلوا رجوعي لعندهم.

تضيف: مكانة البنت وهي عزباء في مجتمعنا غير مكانتها بعد الزواج، فعندما تتزوّج تنتقل ملكيتها لإخوتها الذكور الذين قد يأخذون أغراضها أيضًا، وعندما تأتي للبيت فهي مجرّد زائرة فقط.

شكل مؤقّت
ثقافة مغلوطة يتعامل بها المجتمع اليمني مع المرأة منذ نشأتها، وهي أنها تعيش بمنزل والدها بشكل مؤقت، وأن عليها مفارقتهم، حتى أنّه لا يتم الترتيب لاحتمال فشل زواجها، وحاجتها للعودة لأحضان عائلتها، وحقها في أن تستقبلها أسرتها بكل حب؛ كما ترى أخصائية علم الإجتماع ابتسام محمد.

مسؤولية
الوضع الإقتصادي أسهم بشكل كبير في جعل الأسر اليمنية تتخوّف من فشل زواج بناتها، واحتمال العودة لمنزل العائلة، لذا تلجأ الأسر لتشجيع بناتها على الصبر وحل مشاكلهن الزوجية، وقد يصل الأمر لمستوى ترهيبهن كي لا يفكرن باتخاذ قرار الطلاق، وتحميلهم مسؤوليتها مرة أخرى.

لا نص قانوني


من الناحية القانونية تقول المحامية أمل الصبري: لا توجد نصوص في القانون اليمني تنص على أن للمرأة حقوق في منزل والدها؛ بل تكون مكفولة في رعاية أبيها أو أخيها مسؤولية عرفية وفقًا للعرف الذي يضمن لها حسن التربية والايواء والصحة قبل زواجها وتنتقل تلك المسؤولية بعد زواجها لزوجها.

مقالات اخرى