عمليات التجميل في اليمن.. سباق من نوع آخر!

شارك المقال

مروى العريقي – نسوان فويس

يزدحم المكان بالنساء اللواتي ينتظرن دورهن للدخول إلى الطبيب، جلست بجوار إحداهن، وهي امرأة في الأربعين من العمر ترافق ابنتها ذات التسعة عشر ربيعا، فسألتهن عن سبب قدومهن، أجابت الأم: “ابنتي تريد شفط الدهون من بطنها”، نظرت للفتاة باستغراب جم فسألتها: لماذا لا تمارسين الرياضة بدلاً من إجراء العملية؟، كانت إجابتها أغرب من السؤال: “ليش اتعب؟ أفعل عملية واتخارج!”

دون إدراك منها أو من أسرتها بخطورة عمليات التجميل والتي قد لا تعود بالنفع على من يقوم بها، تندفع الفتاة إلى إتخاذ قرار إجراء العملية بسهولة واستسلام، رغم من صغر سنها، ووزنها الذي لا يتجاوز 90 كيلو..

لا تكاد تخلو إذاعة محلية في العاصمة صنعاء من إعلانات مراكز التجميل، وعروض تنافسية لجذب العملاء، تلك الإعلانات التي تبث على ترددات الأثير، وتموّل منشوراتها على منصات التواصل الإجتماعي، دفعتني إلى زيارة عدد من مراكز التجميل، وهناك التقيت بنساء وفتيات أختلفت احتياجاتهن للتردد على تلك المراكز.

إنقاص الوزن

(رندا ناصر) شابة أربعينية من مدينة عدن أجرت عملية شفط دهون لمنطقة البطن بأحد المراكز في العاصمة صنعاء، وتكبّدت خسائر السفر والإقامة الفندقية، وكذا تكاليف العملية التي تجاوزت ثلاثة آلاف دولار بحسب قولها.

تحكي رندا بامتعاض شديد بعد مرور 4 أشهر على إجراءها عمليتها والتي لم تكن بالمستوى المطلوب، تقول لمنصة “نسوان فويس”: لو كنت سافرت القاهرة أفضل لي، صحيح صحتي جيدة والحمد لله لكن وزني عاد كالسابق، من راني لا يصدق أنني أجريت عملية شفط دهون”.

وتابعت: الطبيب يقول إن هذه العمليات لا تعطي الشكل المطلوب من أول مرة، أي يجب عليّ إجراء عمليات أخرى حتى أصل للوزن المثالي، وهذا ما لا أستطيع عليه، ولا أرغب بتكرار التجربة من جديد..

الزواج

في أحد مراكز التجميل التقينا بسعاد جوهر، الشابة العشرينية القادمة من محافظة البيضاء، وهي تستعد للزواج بعد أقل من شهرين، جاءت بغرض إجراء عملية تجميل أنف. تقول سعاد لمنصة “نسوان فويس”: دفعت تكلفة العملية من مهري بدلاً عن شراء الذهب، لأن شكلي سبب لي التنمر، وأريد أن أظهر بمظهر رائع في يوم عرسي”.

في القبيلة التي تنتمي إليها سعاد لا يزيد مهر النساء عن مبلغ 800 ألف ريال، ما يقارب 1500 دولار حسب أسعار الصرف في صنعاء، وهو ما دفعته سعاد لمركز التجميل حتى تجري العملية.

ضرورة صحية


أم فهد، قدمت من مدينة إب برفقة ولدها الذي يساعدها على المشي والجلوس والقيام فحجم بطنها الكبير تسبب لها بانزلاق غضروفي في العمود الفقري، ويجب عليها إزالة دهون البطن قبل ألا تقوى على الحركة.

لا تمشي أم فهد إلا بعكاز، وحين تجلس فإن كرشها يتقدمها ليصل إلى ركبتيها.. تقول لمنصة نسوان فويس: “من زمان نصحوني بتخفيف وزني لكن مشكلتي ليست مع الأكل.. أكلي محدود ولكن مع كل ولادة كان وزني يزداد، وأهملت نفسي إلى أن صعب عليا المشي والمال يفدي الروح، زوجي مغترب والحمد لله قادر على توفير مبلغ العملية”.

تصل تكاليف عملية أم فهد إلى مليون ريال ما يعادل ($1900)، حسب أسعار الصرف في صنعاء، بخلاف تكاليف السفر والإقامة الفندقية طوال فترة التعافي.

المظهر الشبابي


نهى شاهر، وهي زوجة رجل أعمال، ليست المرة الأولى التي تأتي فيها إلى المركز، اعتادت القدوم لإزالة تجاعيد الجفون من على عينيها.

المظهر الشبابي الدائم هو ما تبحث عنه، لذا كلما تقدم بها العمر زارت المركز، إما لإخفاء التجاعيد، او إزالة شحمة الأذن أو شد الجفن.

تنمر

أحلام جابر، وهي أم لـ 6 أطفال جاءت للمركز من أجل إجراء عملية شفط دهون من منطقة البطن.

ترغب أحلام أن يكون جسدها مناسب لسنها، فهي في عقدها الثالث غير أن مظهرها يوحي بأنها في الستين من العمر.

تعرّضت أحلام للتنمر من قبل النساء التي تقابلهن في المناسبات الاجتماعية، ولأن التزاماتها المنزلية لا تنتهي لم تتمكن من الالتحاق بنادٍ رياضي لإنقاص الوزن، فاضطرت لبيع مدخراتها من المجوهرات لدفع مبلغ مليون ريال ($1900) تكلفة العملية.

يعزو طبيب التجميل محمد الشعيبي أسباب إجراء عمليات التجميل إلى إخفاء أو إصلاح العيوب الناتجة عن الإصابات أو الأمراض أو التشوهات الخلقية، والحصول على مظهر أكثر شبابا.
ويشير إلى أن أكثر العمليات شيوعا، إزالة الندبات، شدّ البطن، تصغير وتكبير الثدي، إزالة الدهون، إصلاح شفة الأرنب، وشق سقف الحلق، تجميل الأنف.

رفض المجتمع

عمليات جراحة التجميل في اليمن ليست حديثة، ويرجّح الشعيبي بأن لها ما يقارب 20 سنة.. كان يوجد مركزين للتجميل وقسم في إحدى المستشفيات الخاصة، أما الآن توجد مراكز عديدة لكنها دخيلة على جراحة التجميل، لعدم وجود أطباء جراحة تجميل فيها وإنما اشخاص ليس لهم أي شهادات.

وعن أسباب رفض المجتمع يقول الشعيبي: العادات والتقاليد قد تمنع إجراء مثل هذا العمليات بدعوى العيب، والسبب الآخر بدعوى أنها حرام رغم أن بعض العمليات هي ضرورية ولا يوجد ما يحرّمها شرعا.

تأثير الحرب

لا شك أن الحرب أثّرت على مجال جراحة التجميل، يقول الشعيبي: حالات التجميل التي غرضها الحصول على مظهر أكثر شبابا، قلّت بشكل كبير جداً بسبب ضعف مستوى الدخل أثناء الحرب، بينما زادت حالات التجميل المتعلقة بإصابات الحرب والتشوهات.

فيما يرى الدكتور محمد دهاق – أخصائي تجميل – بأن وجود كادر طبي يواكب آخر عمليات التجميل أصبح حافزاً لدى الناس بأن يبحثوا عن الخدمة، وكذا الاحتياج إلى تعديل التشوهات، وتغيير الحالة النفسية بظهور أجهزة حديثة تساعد في التخلص من التشوهات والأشياء المعيبة في أجسامنا.

مخاطرها

لا تخلو أي عملية جراحية من المخاطر المحتملة، هكذا يؤكد الشعيبي، قائلا: عمليات التجميل مثل بقية العمليات لها مضاعفات، من ضمنها: النزيف والالتهابات والتقيحات والتجمعات الدموية، والحاجة لعمليات أخرى، وعدم الحصول على النتيجة المرغوبة، وهذا ما يجب أن يوضّحه الطبيب للمريض قبل إجراء أي عملية.

ويرى دهاق بأن توقّعات المريض في حالات تكون أكبر مما يحققه الطبيب، وذلك بسبب اختلاف الأجساد، وقابلية الجلد لإخفاء الندبات، وأيضاً عدم التزام المريض بتعليمات الطبيب بعد العملية، ولهذا من المهم إيضاح الطبيب التفاصيل الدقيقة للمريض قبل إجراء العملية.

وبحسب دهاق تأخذ مرحلة التشافي من سته أشهر إلى سنة، وأحيانا إلى سنه ونصف في عمليات إصلاح الأنف، شفط دهون البطن وشدّها، بينما تكون الفترة الزمنية أقل في عمليات الوجه، وتختلف بحسب المنطقة، في الجفون يحتاج المريض من أسبوع لأسبوعين بالنسبة لعمليات شدّ الوجه يحتاج إلى أسبوعين، وعليه الالتزام بتعليمات الطبيب ما لم كأن شيئا لم يكن!.

مقالات اخرى