الشعبانية.. بين الفرحة والتكاليف

شارك المقال

سهير عبدالجبار _ نسوان فويس

 

 

“الشعبانية” (ليلة النصف من شعبان)، هي طقوس معروفة في اليمن، وتتميز بها عدد من المحافظات، وقد انتشرت عبر السنوات، وتناقلها الناس، وتغيّرت المسميات والأوقات، فالبعض يعتبرها عادة دينية نشأ وكبر عليها لا يهمّه مصدرها بقدر كونها مناسبة دينية ينتظرونها كل عام.

يقول شهاب مقبولي، أحد أبناء محافظة الحديدة، ويقيم في صنعاء حالياً: “هذه العادة تذكرنا بأبي الذي كان يهتم بها، لم تكن الأشياء هذه مكلفة إذ كنا نتركها بالسهالة، وعلى قدر إمكانيتنا، يبدأ نهارنا بالصيام في 14 شعبان، ونقوم بزيارة المقابر، وقراءة القرآن على موتانا، ونفطر ونجتمع في أماكننا المعتادة من كل عام، نحيي ليلتنا بذكر الله، ويأتي (المُقَصوِد) يقرأ قصائد في مدح الله ورسوله”.

عادة روحانية

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تتجدد في العديد من البلدان هذه العادة المعروفة بـ”الشعبانية”، والتي تُعد فترة انتقالية تملؤها الاستعدادات الروحية والمادية لاستقبال شهر الصيام. تتنوع هذه الطقوس بين الفرح والتكاليف، ما بين تجهيزات البيوت والأسواق، وبين الأنشطة الدينية والاجتماعية.

تقول أميرة التي تربّت وعاشت في صنعاء إن عادة “يانفس ماتشتهي” كما تُعرف بصنعاء، كانت تقتصر على الأيام التي تسبق رمضان بيوم أو يومين، أصبحت مؤخراً تستمر طوال الشهر، منها جلسات للأهل والصديقات وزميلات العمل، وحتى أن الرجال أصبحوا يقبلون عليها. لم تكن مكلفة، وكانت تدخل على أنفسنا البهجة ونجتمع بها، ونودع بعضنا بسبب انشغالنا طوال شهر رمضان بالصيام والقيام.

فرحه مكلفة 


انتشرت في الآونة الأخيرة عدد من المشاريع التي تهتم بتنسيق التجمعات، وشهدت إقبالاً واسعاً من قِبل الفتيات والأسر التي تهتم بالتفاصيل، من حيث أنواع الأطعمة والأواني التي تقدم فيها، وطريقة تقديمها.

سندس عبدالسلام، صاحبة أحد المشاريع الخاصة بتنظيم الجلسات تقول لـ”نسوان فويس”، إن الإقبال هذا العام أقل من العام السابق بسبب شدّة المنافسة، وتضيف: تهتم بعض الفتيات بالإستئجار لدينا، بسبب ما نوفره من تفاصيل يبحثون عنها، ويرون أنها تخرجهم من الروتين المتكرر في حياتهم.

وتتحدث أسماء أبو غانم عن الشعبانية، التي يطلقون عليها في صنعاء (يا نفس ما تشتي)، فتقول: نحن كعائلة نحب التجديد والتحسين، ودائماً نقوم بتجهيز أشياء تكون مميزة، وأغلبها من عملي أنا وأخواتي وصديقاتي، يعني نصنعها بحب.

وعن التكلفة تقول أبو غانم: “بالنسبة للتكلفة فالأشياء التي نجهزها لا تكلف الكثير، ونحن نعتمد مبدأ “لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها..”، فبحسب الإمكانيات التي لدينا نجهز، وإذا لم تتوفر لا مشكلة، لأن الأساس والهدف بالنسبة لي هي “اللمة”، والحب، والروح الجميلة التي تجمعنا، وليس المكان والمظاهر المحيطة بنا، فالمهم دائما تحقيق الهدف الرئيسي، والباقي إن تم فهو زيادة خير، وإن لم يحدث كان خيراً، لكن يلاحظ أن الغالبية أصبحت تتكلّف وتتسلف لتعمل فوق قدرتها”.

من ناحيتها تقول هدى قاطن لنسوان فويس إن الاحتفالات تستمر طوال أيام شعبان للأهل والصديقات وزميلات العمل والمعاريف، و “الذي مافي معه يتسلف ويتكلف”.

وخلال إعداد هذا التقرير قمنا باستطلاع بعض الآراء 


يصر الأغلبية على أهمية هذا التجمع، بينما عدد قليل يرون أنه غير مهم، ويفضل معظم من استطلعنا رأيهم عدم التكلّف في توفير التجهيزات لـ “الشعبانية”، ويهتمون بتغيير روتينهم في المناسبة بالتجمعات لكن على حسب قدراتهم المادية.

يتحدث المختص في علم الاجتماع الدكتور محمود البكاري عن الموضوع فيقول: “بالنسبة لموضوع التكلّف في المناسبات لا نستطيع التعميم بالقول إن الكل يقوم بذلك؛ ولكن البعض وخاصة ممن لديهم إمكانيات مادية هم من يطبقوا مقولة (يا نفس ما تشتهي)، وخاصة في شهر شعبان.

ويرى البكاري أن ذلك شعار خاطئ لأن الإستعداد لشهر رمضان يكون بالإحسان إلى المحتاجين، وشحذ الهمم لأداء فريضة الصيام، والإستفادة من هذه المحطة الربانية روحياً ونفسياً وصحياً واقتصادياً واجتماعياً؛ وبالتالي فإن من يقوم بالاحتفالات والتبذير هو يجرح مشاعر الفقراء والمحتاجين سواء في شعبان أو حتى في شهر رمضان.

واختتم البكاري حديثه بالقول: “إذا أراد الناس ممارسة هذه الطقوس فالأولى أن تكون بطريقة غير معلنة في حياته الخاصة دون مفاخرة أو مباهاة أمام الآخرين لجذب الإهتمام ولفت الإنتباه إلى هذه الممارسات لتحقيق مقاصد شخصية”.

مقالات اخرى