منيرة الطيار – نسوان فويس
تقطع إيمان (اسم مستعار) ذو السادسة عشر عامًا يوميًا مشيًا على الأقدام مسافة 3.5 كم تقريبًا، ما يقارب نصف ساعة من منزلها بقرية النجد التابعة لمديرية شهارة للذهاب لمدرسة الزهراء الثانوية الموجودة بمدينة شهارة حتى تكمل تعليمها الثانوي، ففي قريتها لا توجد مدرسة ثانوية للإناث، ويتحتم عليها لإكمال تعليمها أن تذهب لقرية شهارة وسط تضاريس جغرافية وعرة، فطريق مدينة شهارة عبارة عن سلسلة من الجبال التي تسمى جبال (الأهنوم) التي تتفرع إلى عدد من الجبال الشاهقة.
مدينة شهارة التابعة لمحافظة عمران والتي تبعد عنها حوالي (90) كم وهي المركز الإداري لمديرية شهارة بارتفاع جبلي شاهق حوالي (3000) متر عن مستوى سطح البحر.
تقول إيمان اليوم أصبحت أنا وصديقة لي فقط من نذهب للدراسة في شهارة، أما بقية صديقاتنا فقد فضلن الزواج على المشقة التي يواجهنها للوصول للمدرسة، خاصة أن لدينا أعمال الرعي والمنزل وجلب الماء، والذهاب لمنطقة بعيدة عن القرية التي نقطن فيها يعد جهد مضاعف ويحتاج لتفهم أسري، تقول: “حاربت كي ألتحق بالمدرسة الثانوية ولا أكتفي فقط بالشهادة الأساسية على الرغم من بعدها، وواجهت عدة إشكاليات أولها عدم توفر وسيلة النقل فأنا أذهب أنا وصديقتي مشيًا على الأقدام لنصل للمدرسة، وقد أصابنا التعب وشعرنا بتخدر قدمينا وسط ريح وشمس وبرد بعد أن نكون قمنا منذ الفجر لإنجاز المهام المنزلية”.
نقص
نقص المدراس الخاصة بالإناث في مديرية شهارة ساعد على انتشار الأمية الثانوية، فمن بين 7 مدارس خاصة بالإناث يوجد فقط 3 ثانوية بحسب الأستاذة (بشرى الخياري) مديرة مدرسة الزهراء بمدينة شهارة فإن عدد مدارس البنات بمديرية شهارة وعزلها سبع مدارس موزعات على قرى (العرضي / القابعي / الصويح / جوة ذري / الغول ذري / قاع الوحد / وحشان ذري) من بينهن ثلاث مدارس لتعليم الثانوي للبنات (الخنساء / 30 نوفمبر / الزهراء)
تقول الأستاذة بشرى: “وصل إجمالي عدد الطالبات للعام الدراسي 2023-2024 إلى 134 طالبة في مدرسة الزهراء أغلب الطالبات يأتين من النجد والقابعي والمبها والقرى المجاورة لعدم وجود مدارس ثانوية للبنات في تلك القرى”.
قرى متعددة
لمديرية شهارة عزل وقرى كثيرة منها (المبها – دخفان – النجد – الشامخ الأعلى – قصل – الكراوي – الغارب – ذري- القشبه – القوزعي – بيت الغول – الرحاب – الصلال – القابعي – الكنيه – الحبله – ) وتلك القرى تعاني من عدم وجود مدارس ثانوية للبنات فيضطررن للتوزع لثلث المدارس الثانوية المتواجدة على عموم المديرية أو يعزفن عن التعليم ويذهبن للزواج. أسر أخرى وافقت على مضض أن تكمل بناتهن تعليمهن الثانوي بنفس القرية أو في قرية أقرب لهن بمدارس الذكور، مفضلين ذلك على ذهابهن لمدارس بعيدة عن القرية وتعرضهن لمخاطر السقوط في منحدر جبلي أو الأذى من الحيوانات.
أحمد ناصر (اسم مستعار ) من منطقة القابعي إحدى القرى المجاورة لمدينة شهارة يقول: “لا يوجد لدينا مدرسة للبنات تعليم ثانوي فقط لدينا مدرسة أسماء للتعليم الأساسي، حينما وصلت ابنتي الكبرى للتعليم الثانوي لم أستطع أن اسمح لها أن تذهب لمدرسة ثانوية بعيدة خاصة أن من كن زميلاتها في المدرسة الأساسية تزوجن ولم يعد يرغبن بمواصلة تعليمهن الثانوي بعكس ابنتي بعد تفكير مضني وافقت أن تكمل تعليمها مع أخيها بمدرسة الذكور الموجودة في القرية مفضلًا ذهابها بمفردها لمدرسة بنات بعيدة.
لا خيارات
نجاة (اسم مستعار) طالبة من مديرية دخفان وجدت نفسها بلا خيارات لمواصلة تعليمها الثانوي، فعدم وجود مدرسة ثانوية للبنات بقريتها أو بالقرب منها للقسم الأدبي جعلها تعزف عن اكمال تعليمها الثانوي، فالمدراس الموجودة بالقرب من قريتها سواء للبنات أو مختلطة فقط للقسم العلمي تقول نجاة: “لدي مشكلة مع المواد العلمية كالكيمياء والفيزياء صديقاتي بالقرية التحقن بمدرسة الثانوية الأقرب لقريتنا، ولكني لم أفعل لرغبتي في القسم الأدبي” تضيف نجاة “هذه احدى العوائق التي تواجهنا كطالبات أيضًا المراكز الامتحانية البعيدة التي تكون أحيانًا في الوديان لطالبات اللواتي اعتدن أن يسكن الجبل أو العكس”.
عوائق
عوائق عدة تواجه الطالبات الثانوية في القرى بمحافظة عمران ومديرية شهارة تحديدًا إذ تقول حسناء من قرية القشبة: “نحاول أن نتغلب على كل الصعاب التي تواجهنا في الدراسة من بعد وندرة المدارس الثانوية للبنات إلى الوقت والجهد الذي نبذله للوصول لمسألة التغيير المفاجئ للمراكز الامتحانية التي تكون بمناطق بعيدة جدًا عن منازلنا وقرانا” وتعتبر حسناء أن بنات القرى يبذلن جهد مضاعف للحصول على الشهادة الثانوية وأن الأمر ليس مجرد الذهاب للمدرسة كما يتخيل البعض.
محاولات
حاولت بعض المدراس ابتكار حلول للتغلب على فكرة عزوف الطالبات عن اكمالهن لتعليمهن الثانوي تحت مبرر الطريق الوعرة والمسافة البعيدة، فلجئت بعض مدراس الذكور في بعض القرى لدمج العملية التعليمية للذكور والإناث تحت سقف واحد فاصلًا بينهم ستار ليصبحوا جميعهم متساوين في حقهم للحصول على العلم.
فهل تنصف الفتاة الريفية بمديرية شهارة وتحصل على حقها في مدارس ثانوية قريبة لمنزلها أم أنها تبقى أسيرة التحديات التي تواجهها لنيل شهادتها الثانوية؟