وفاء صالح – نسوان فويس
ارتفاع ضغط الدم، اضطرابات النوم وما ينتج عنها من تعب مفرط، فقدان السمع أو مشاكل واضطرابات في حاسة البصر ، مشاكل القلب والأوعية الدموية، ومشاكل نفسية وغيرها من المضاعفات التي يتسبب بحدوثها التلوث السمعي والبصري، بل و يعد التلوث السمعي ثاني أكبر تهديد بيئي لصحة الإنسان، وفقًا لوكالة البيئة الأوروبية، فهو حسب الوكالة يؤدي إلى 12 ألف حالة وفاة مبكرة سنويًا.
التلوث السمعي (الضوضائي) والتلوث البصري يعدان من أبرزالمشاکلات البيئية التي تمتد آثارها المباشرة وغير المباشرة لتشمل الإنسان (خاصة المرأة والطفل) وصحته واقتصاده ونشاطه وحتى علاقاته الاجتماعية، ولا تسلم من آثاره النباتات والحيوانات والتربة والمياه الجوفية وغيرها.
وتعتبر المدن اليمنية الكبرى أبرز المناطق التي ينتشر فيها هذين النوعين من التلوث وذلك كونها مدن مزدحمة وکبيرة وذات کثافة سکانية عالية، فنجد شوارع هذه المدن ممتلئة بالمرکبات بمختلف أنواعها، وأيضًا تنتشر عشرات الآلاف من الدراجات النارية والتي تضاعف أعدادها خلال السنوات الأخيرة ، ولا ننسى انتشار المناطق والأسواق والأحياء العشوائية، وما نتج عن انقطاع الكهرباء من انتشار للمولدات الكهربائية التي زادت الوضع سوءًا.
ويعرف التلوث السمعي بأنه ذلك التلوث الذي يستهدف حاسة السمع لدى الإنسان، يسبب تهالك للجهاز العصبي وانهياره، ويؤدي به إلى الإصابة بأمراض في صحته النفسية والجسدية.
أما التلوث البصري فهو التلوث الذي يستهدف حاسة البصر لدى الإنسان، ويسبب أضرارًا للجهاز العصبي والبصري ويتسرب إلى عمق الإدراك الاستيعابي وردات الفعل السلوكية .
أشكال للتلوث السمعي تتفرد بها اليمن..
وتتنوع مصادر وأشكال التلوث السمعي المنتشرة في اليمن فهناك مصادر نتشابه فيها مع كثير من دول العالم، إلا أننا نتميز بمصادر لا توجد إلا في اليمن ويعود ذلك لأسباب اجتماعية وسياسية واقتصادية كما يقول الدكتور عبدالقادر الخراز أستاذ تقييم الأثر البيئي المشارك بجامعة الحديدة، في تصريح لنسوان فويس:
“بالنسبة لمصادر التلوث السمعي في اليمن بشكل عام أو في المدن اليمنية الكبيرة، نحن نختلف عن بقية الدول فيما يتعلق في المصادر، فلدينا مصادر مميزة نوعًا ما، مثل استخدام السلاح في المناسبات مثل الأعراس بسبب العادات والتقاليد الموجودة أو بسبب انتشار استخدام السلاح، وكذلك الضوضاء المتعلقة بحركة السير، أو استخدام مواطير الكهرباء بسبب انطفاءات الكهرباء وهي تسبب ضوضاء سواء في الشوارع الرئيسية أو حتى الفرعية، أيضًا الألفاظ غير اللائقة والمخلة بالآداب والتي تسبب تلوث سمعي، وأيضًا بالنسبة للمناطق القريبة من المناطق الصناعية والمحطات الكهربائية وهي تنتج الكثير من الضوضاء نتيجة المعدات و المواطير”.
*أشكال التلوث السمعي يوضحها الانفوجرافيك التالي:
و يقدر الصوت المنبعث من الإنسان أثناء حديث الفرد العادي يقدر ب 50- 60 ديسيبل ويقدر الصوت المنبعث من بوق السيارات ب 100 ديسيبل، والإنسان ينزعج عندما يتعرض لصوت شدته 70 ديسيبل، أما أعضاء الجسم تتأثر عندما تصل شدة الصوت إلى 90 ديسيبل وإذا استمر الصوت بهذه الدرجة لفترة طويلة يصاب الإنسان بالصمم، كما أكد الدكتور إسماعيل محرم في مقالته التلوث الضوضائي في اليمن، والذي نشر في موقع المشهد اليمني .
تشوه عمراني، نفايات ومياه صرف صحي
أما بالنسبة لمصادر وأشكال التلوث البصري في اليمن، فهي عديدة ومنتشرة في أغلب المدن اليمنية كذلك القرى إن لم تكن كلها، يقول الخراز فيما يتعلق بالمصادر: ” لدينا الكثير من أشكال التلوث البصري سواءً عدم تخطيط المدن الذي يؤدي للتلوث البصري، فهناك اختلافات مثلا في عدد طوابق البنايات، نوعية البناء، عدم وجود تصنيف حتى للألوان وهذا ناتج لعدم وجود تخطيط عمراني، وحتى لعدم اتساع الشوارع أو ضيقها وهذا يؤدي لوجود تلوث بصري، بالإضافة لانتشار رمي النفايات في الشوارع، أو خروج هذه النفايات خارج الصناديق المخصصة لها، وأيضًا ما يتعلق بالصرف الصحي و خروج مياه البالوعات وتسربها في الشوارع، وشبكات الصرف الصحي التي لا نملك بنية جيدة لها سواءً داخل المدن أو خارجها التي يصرف إليها مخلفات الصرف الصحي، و التي نجدها تقطع أحيانًا الشوارع الرئيسية والأحواض المائية فتسبب تشوه بصري وتسبب تلوث للمياه الجوفية والتربة”.
*الإنفوجرافيك التالي يوضح أشكال التلوث البصري
عوامل اجتماعية سياسية اقتصادية.. تتفرد بها اليمن
كل مصادر التلوث السمعي والبصري تتسبب بها عدة عوامل في اليمن، منها ما هي عوامل اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية و يضيف الخراز فيما يتعلق بالعوامل: “من أبرز العوامل الاجتماعية مثلا عادة حمل السلاح وإطلاق الرصاص في المناسبات، والذي يشكل عندنا حالة خاصة بالنسبة للتلوث السمعي، وأيضًا لدينا بعض الفئات تستخدم الألفاظ غير اللائقة في الشارع بشكل عادي، ويسبب هذا تلوث بالنسبة للأشخاص الذين لا يتقبلون هذه الألفاظ.
أما بالنسبة للتلوث البصري فما يتعلق بمياه الصرف الصحي فهو عامل بيئي اقتصادي فلا يوجد أولوية للدولة ولدى المسؤولين بوجوب إنشاء مشاريع بيئية وأيضًا ذات مردود اقتصادي وتحافظ على البيئة في الوقت ذاته .
معايير قياس التلوث السمعي والبصري
أضرار ومخاطر
تتعدد الأضرار التي يمكن أن تصيب الإنسان نتيجة لتعرضه الدائم أو المتكرر لمصادر التلوث السمعي فهناك عدة أضرار منها أضرار صحية ونفسية مثل ارتفاع الضغط وحدوث مشاكل في السمع، التي يحدثنا عنها الدكتور محمد الصغير طاهر
(
وهناك أضرار أخرى فعادة رفع السلاح في المناسبات مثلا قد تؤدي في أوقات كثيرة لفقد أرواح أو إحداث إصابات، وقد شهدنا العديد من الحوادث من هذا القبيل خلال الفترات السابقة والتي لا زالت مستمرة في الحدوث.
أضرار التلوث البصري
ولا تقل المضاعفات التي قد تحدث نتيجة التعرض لمصادر وأشكال التلوث البصري خطورة، فقد تحدث مشاكل في حاسة البصر، أحيانا تؤدي إلى تلف شبكة العين أو فقدان النظر بشكل تام او جزئي على أثر استمرار تعرض خلايا العين للتلف، غير المشاكل والإضطرابات العصبية، وتدهور الحالة النفسية، والذي يتسبب بطبيعة الحال بتدهور صحي وإعياء جسدي.
غير أن انتشار النفايات وتسرب مياه الصرف الصحي تتسبب بتلوث المياه والتربة وتؤدي إلى انتشار الحميات والأمراض كالسرطان وأمراض الكلى والفشل الكلوي، خاصة في ظل عدم فرز النفايات، مثلا نفايات المصانع أو المستشفيات وغيرها، فيتسرب كله للتربة والمياه الجوفية ليتسبب أيضًا في حدوث انبعاثات و تلوث للهواء كما يؤكد الخراز .
تطبيق القانون وإعادة تخطيط المدن.. إجراءات لا بد منها
إن مخاطر ومضاعفات التلوث السمعي البصري تستلزم وقفة جادة من قبل الجهات الحكومية والإدارات المحلية، للمعالجة و الحد من آثار التلوث السمعي والبصري كالإهتمام بالبيئة والتشجير وتنظيم الإعلانات وضبط تراخيص المصانع والمعامل القريبة من الوحدات السكنية بالإضافة لعدة إجراءات يمكن القيام بها كما يقول الخراز: ” مثلا تطبيق القانون اليمني فنحن لدينا قانون بيئية متعلق يجب تطبيقه، ويجب اعادة تخطيط وتنظيم المدن وتنظيم حركة المرور داخلها، كذلك يجب إنشاء مناطق صناعية خارج المدن يراعى فيها كثير من المعايير البيئية، بالنسبة لاتجاه الرياح وعلاقتها بنقل الانبعاثات الخاصة بهذه المناطق الصناعية وتخفيف الانبعاثات من خلال تركيب ما يتعلق بالمعدات التي تعمل على تخفيف هذه الانبعاثات مثل الفلاتر القطنية أو المرسبات الغلكترستاتية .
ووضع القوانين المتعلقة بحمل السلاح وإطلاق النار، ووضع قانون يكفل تعويض المتضررين من هذه المسائل، والاهتمام فيما يتعلق بالصرف الصحي وجمع النفايات وإظهار المدن بالمظهر اللائق الذي لا توجد فيه نفايات مترامية بهذا الشكل، وأيضًا معالجتها في المكان التي تجمع فيه بشكل جيد وفرزها واتخاذ الطرق البيئية السليمة والصديقة للبيئة والاستفادة أيضًا من إعادة تدوير النفايات الثمينة كما تسمى، وتجنب الآثار المترتبة على هذه الظواهر”.