صانعات المحتوى في اليمن بين التمكين الرقمي والتحديات المجتمعية

شارك المقال

نسوان فويس – خاص

استضافت منصة نسوان فويس اليوم الأربعاء، حلقة نقاش معمقة تحت عنوان “صانعات المحتوى اليمنيات.. التحديات والحلول”، بهدف تسليط الضوء على أبرز الصعوبات التي تواجه النساء الناشطات في مجال صناعة المحتوى الرقمي في اليمن.

شارك في الجلسة نخبة من المتخصصين والناشطين، وهم صانعة المحتوى العنود عارف، والأكاديمية الدكتورة بلقيس محمد علوان، و المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان الأستاذة سماح سبيع، والصحفي المهتم بقضايا الإعلام الرقمي الأستاذ ماجد زايد.

التحدي الأبرز التنمر والتحريض

تحدثت صانعة المحتوى العنود عارف عن تجربتها الصعبة في مواجهة التنمر الإلكتروني. وأوضحت أنها تعرضت منذ ظهورها الأول لحملة تنمر واسعة، تطورت لاحقًا إلى تحريض ممنهج. ورغم ما واجهته من صعوبات وشعور بالانكسار، أكدت عارف على أهمية الاستمرارية كثقافة مقاومة تفرض وجود المرأة في الفضاء الرقمي، مشيرة إلى أن دوافع المهاجمين غالبًا ما تنبع من شعور بالنقص ورغبة في تهميش دور المرأة وإسكات صوتها المؤثر.

ظاهرة التنمر أزمة فردية

من جانبها، قدمت الدكتورة بلقيس علوان تحليلًا نفسيًا واجتماعيًا لظاهرة التنمر، معتبرةً إياه سلوكًا مؤذيًا يعكس أزمات فردية ومجتمعية. وفي السياق اليمني، ربطت علوان هذا السلوك بحالة الكبت والغضب التي يعيشها المجتمع، حيث يتم توجيه هذا الاحتقان نحو صانعات المحتوى كونهن واجهة مرئية.

كما أشارت إلى وجود صورة نمطية سلبية متجذرة تجاه المرأة وصانعة المحتوى، معتبرةً أن التنمر في كثير من الأحيان يعكس عجز المجتمع عن مواجهة قضاياه الأساسية.

العوامل المجتمعية والثقافية المغذية للتنمر

بدوره، أرجع الصحفي ماجد زايد تفشي ظاهرة التنمر ضد صانعات المحتوى في اليمن إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها هيمنة الثقافة الذكورية المحافظة والمتدينة والمؤدلجة، والتي لا تزال تنظر إلى المرأة نظرة قاصرة وتحرمها من حقوقها الكاملة واستقلاليتها.

كما لفت زايد إلى دور غياب الوعي الإلكتروني، وانتشار القهر الاجتماعي المكبوت، وازدواجية المعايير، و التراكمات السياسية في تحويل الفضاء الرقمي إلى ساحة لتفريغ الإحباطات عبر استهداف النساء الظاهرات.

ضرورة التكاتف

من جهتها، شددت المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان سماح سبيع على أن ما تتعرض له صانعات المحتوى اليمنيات يتجاوز مفهوم “التنمر”، واصفةً إياه بسلسلة من الانتهاكات الجسيمة التي تصل إلى حد القذف والتحريض والتشهير، وهي أفعال تستوجب المساءلة القانونية.

وأشارت إلى أن العاملات في هذا المجال هن الأكثر عرضة لهذه الهجمات في ظل غياب الحماية القانونية الفعالة، مؤكدة على ضرورة تكاتف المحاميات وصانعات المحتوى والناشطات لمواجهة هذه الانتهاكات وعدم تركها بلا ردع.

بناء شبكات دعم

أشارت العنود عارف إلى أن الخوف من التنمر يدفع العديد من الفتيات الطموحات للتراجع عن فكرة أن يصبحن صانعات محتوى، خاصة في ظل ضعف المنظومة التعليمية وغياب الوعي لدى الشباب.

وأكدت على أهمية دعم المحتوى الهادف، وضرورة تأسيس رابطة دعم نسوية تضم محاميات وصانعات محتوى وغيرهن، لخلق شعور بالتكاتف والمساندة.

أهمية الوعي والاستمرارية في التغيير

اختتمت الجلسة بمداخلة للدكتورة بلقيس علوان التي أكدت على أن خلق بيئة داعمة للمرأة يبدأ بالوعي المجتمعي، مشيرة إلى التحديات التي تفرضها الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي قد تدفع البعض لتهميش قضايا المرأة.

وشددت على أن المسؤولية مشتركة، وأن المحتوى الإعلامي والدرامي يلعب دورًا هامًا في تسليط الضوء على قضايا المرأة ودعمها بوعي وواقعية. من جانبها، أكدت العنود عارف على أهمية الاستمرارية في صناعة المحتوى كأداة فاعلة للتغيير وفرض الوجود الإيجابي.

توصيات الورشة

أجمع الحاضرون على ضرورة انشاء تكتل يضمن مجموعة من صانعات المحتوى والمحاميات يقوم بالعمل على تقديم الدعم اللوجستي والقانوني لصانعات المحتوى حتى يتمكنّ من استمرار تقديم رسالتهن ورؤيتهم ما يعزز من الحضور الرقمي النسوي ومشاركتهن في كافة جوانب الحياة.

مقالات اخرى