سبأ الجاملي – نسوان فويس
قصص النجاح الملهمة والواقعية تكشف بوضوح الطريق الذي سلكه بعض الأشخاص الذين حققوا نجاحًا باهرًا، واحدة من أكثر قصص النجاح إلهامًا نحكيها لكم على لسان صاحبة القصة ناموس سالم علي من محافظة سقطرى و التي تبحر بنا في حقول ومدرجات حديبو الزراعية التي انطلق مشروعها وقصة كفاحها ونجاحها منها
ناموس سالم مواليد 1982م من مدينة حديبو محافظة سقطرى درست الابتدائية والاعدادية والثانوية حتى وصلت لدراسة الدبلوم وتخرجت منه لتعمل مُدرسة أساسية للصفوف الابتدائية ناموس متزوجه وهي أم لثلاثة أطفال ولدين وابنة واحدة
تقول ناموس: “اعمل حاليًا كمدرسة في مدرسة حكومية وبالإضافة إلى ذلك اعمل في الجانب الزراعي منذ وقت طويل لأصبح بعد ذلك رئيسة جمعية زراعية نسوية في منطقة (معنوفة) والتي تشتهر على مستوى المحافظة بزراعة محصول الطماطم .
القطاع الزراعي هو أحد الروافد الهامة للاقتصاد في أي بلد من البلدان وله أدوار متوقعة للمساهمة في زيادة الدخل وتقليل تكاليف المعيشة وتوفير فرص وظيفية للعاملين فيه وإلى جانب دوره الاقتصادي الهام فهناك أبعاد صحية، واجتماعية، لا تقل أهمية وتتمثل في إحداث التنمية المتوازنة بين المناطق وتوفير سبل العيش الكريم والمحافظة على نمو القرى وتوطين أبناء البادية والحد من معدلات البطالة، والفقر..
تضيف ناموس: “اخترت ان اعمل بهذا المجال لأسباب عديدة منها أن راتبي من عملي كمعلمة ليس شهري، وحتى لو كان كذلك فهو لا يغطي احتياجات البيت والأولاد، بالإضافة إلى العائد الاقتصادي للأسرة، فالحروب وارتفاع الأسعار جعلنا نفكر في العمل بأكثر من جهة، كما أنني مقتدية بحديث الرسول (ص) الذي قال “ما أكل أحد طعامًا خيرًا من أن يأكل من عمل يده” .. ونحن نحتاج أن نأكل من محاصيلنا التي نزرعها بأنفسنا، ومن نحن حتى لا نعمل والأنبياء رضوان الله عليهم عملوا من قبلنا في مختلف المجالات، وأحب أن اذكر هنا الجميع بأن الله يسأل العبد يوم القيامة عن عمره في ما ابلاه وعن شبابه في ما أفناه وعن ماله من أين اكتسبه وفي ما أنفقه فنسأل الله السلامة”.
تتميز الطرق التي يسلكها المكافحون في الحياة عادة بالمغامرات، وهي طرق محفوفة بالمسارات الصعبة في بدايتها، ولكي تواصل عملك على نحو أفضل، مهما كانت الصعاب، يجب أن يكون هناك تشجيع ودافع داخلي قوي يلهمك ويحفزك على العمل لبلوغ هدفك وهذا ما دفع ناموس سالم لتحمل ضغوط العمل الحكومي والخاص وكذلك مسؤوليات الأسرة.
تقول: “اشتغلت على فترتين الفترة الصباحية في التدريس والمسائية في الزراعة حاولت جاهدة أن أنظم وقتي واستطعت التوفيق بين العملين بالإضافة لأعمال البيت، بعد فترة توليت إدارة الجمعية وهنا مريت بضغوطات في العمل وإرهاق وتعب جسدي، لكن الحمد لله بفضل الله سبحانه وتعالى ثم المنظمات والجهات الداعمة ولا أنسى أيضًا عضوات الجمعية تجاوزت مرحلة البدايات التي تعتبر من أصعب المراحل وحققت إنجازات كبيرة لي ولأسرتي ولكل العاملات معي وللمحافظة بشكل عام، وأصبحت جمعيتنا الأولى والرائدة في هذا الجانب، تلقيت الدعم أيضًا وإضافة إلى من سبق ذكرهم من السلطة المحلية، ووزارة الزراعة ممثلة بالوزير السابق فريد مجور ثم الوزير الجديد اللواء سالم عبدالله حفظه الله الذين تركوا أثر في جمعيتنا لا ينسى”.
لاشك أن التحفيز وسيلة تُستخدم بهدف دفع الإنسان للعمل الجاد لتحقيق أهدافه، من خلال شحن النفس بالأحاسيس الإيجابية، و قد يأتي التحفيز من الشخص ذاته، وقد يأتي من الأشخاص المحيطين، مثل: الأهل والأصدقاء، والمقربين، وهناك على الطرف الآخر من يسعى للأسف لإحباطك أو لتصوير الطريق الذي تسلكه بالصعب والمستحيل
تضيف ناموس: “إذا تكلمنا عن المحافظة بشكل عام فهناك من يرفض عملنا وهناك من يقبل ولو نقدرهم نسبيًا فسنجد القليل من يرفضون عمل المرأة، لأن غالبية الناس يعانون من صعوبة توفير لقمة العيش ويعرفون جيدًا الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، لذلك الكل يعمل معًا الرجال والنساء من أجل تحسين مستوى المعيشة، فمن المواقف التي أثرت فيا عندما ألتقي بأشخاص ومقربين يقولون لي: “ليش ما تريحي حالك ودماغك وتكتفي براتبك؟” وهنا اسأل نفسي ليش ما اعمل بنصيحتهم؟ واترك عملي بالزراعة وارتاح؟، لكن الذي يجعلني استمر واواصل لما أسمع مدح من الناس ويصفوني بالمرأة الناجحة عندها اتشجع أكثر وأصبر وأكافح عشان أكون عند حسن ظن الجميع بي وأكون قدوة لغيري”.
جميعنا يريد أن نحيا حياة كريمة وطبيعية كسائر الناس، ونتغلب على مصاعب الحياة التي تعترض طريق تقدمنا وتلك التي تحول دون تحقيق أحلامنا وطموحاتنا لذلك نجد الكثيرين يفكرون بكل الطرق التي يمكن أن تذلل الصعوبات وناموس واجهت الكثير من هذه الصعوبات منها كثافة العمل وكيفية التنسيق بين عملها في الجمعية وفي جانب الزراعة وبين مهنة التدريس وأيضًا الأسرة التي هي الأخرى بحاجة للاهتمام والرعاية والإشراف..
وحول المواقف الصعبة التي مرت بها تقول ناموس: “ليس هذا فحسب فقد واجهتنا مشكلة الآفات الزراعية والكوارث الطبيعية مثل الأعاصير وغيرها، كما أن هناك موقف لا أنساه، كان هناك منظمة جاءت إلينا وقدمت لنا الدعم وبعض الأعمال لمصلحة الجمعية وفي عام 2017م انتهوا من فترتهم و من اعمالهم تمامًا والتي استمرت لعامين، جاءت إلينا في الفترة التي تليها منظمة أخرى داعمة وفترة دعمهم لسنتين كما وضحوا لنا ذلك، اتفقت معهم على كثير من البنود والنقاط و قبل التوقيع معهم بفترة قصيرة جاءت المنظمة الأولى التي سبق وقامت بدعمنا وعارضت تدخل هذه المنظمة الجديدة وتريد أن تستأنف العمل من جديد”
تضيف: “هنا أدركت أني بمشكلة لأني اتفقت مع المنظمة الجديدة ولم يتبقى لي سوى التوقيع معهم، عقدنا اجتماع مع الأعضاء في الجمعية لمناقشة هذا الموضوع وإيجاد حل منصف لجميع الاطراف، وقررنا أن البقاء للمنظمة الاولى، وهنا كان عليا إبلاغ المنظمة الأخرى بالموضوع والإعتذار منهم، صارحتهم بالخبر وأبدوا انزعاجهم لأنهم اشتغلوا كثيرًا حتى حصلوا على موافقة وميزانية المشروع والتي نزلت باسم الجمعية، كنت في موقف محرج جدًا وصعب، و طلبوا مني رسالة تبرير حتى يلغى المشروع ويقدموه للجهة التي تعاونت معهم، لكن الحمد لله أن الجمعية لم تتأثر بهذه المشكلة واستمر عملنا وانتاجنا إلى هذه اللحظة”.
تقدم ناموس رسالتها الأخيرة: “أقول لنساء سقطرى ونساء اليمن بشكل عام، من كانت منكن في عمل ما فلتستمر ولا تتركه حتى لو كان شاقًا، ومن كانت لديها فرصة للعمل فلا تضيع الفرصة لأن المرأة نصف المجتمع ولها الحق الكامل بأن تعمل بمختلف المجالات، وليس عيبًا أن تعمل بأي مجال مع ضرورة أن تحفظ دينها ونفسها وسمعتها، ولكن العيب الحقيقي أن تعتمد في كل شيء على غيرها وأن لا تساهم في نجاح مجتمعها”.
إنّ تقدير الذات وتحفيزها أمران أساسيّان لتقدّم الإنسان وتحقيق أحلامه لا سيما في حياة مليئة بالصعوبات التي لا يمكن قهرها إلّا بالعزيمة القوية والإصرار على بلوغ الهدف، ولأجل ذلك على المرأة أن تحرص على تحفيز نفسها بنفسها، وإحاطتها بأشخاص إيجابيين لدفعها دومًا للأفضل.