القطاع الصحي في سقطرى.. نقص حاد وإمكانيات ضعيفة

شارك المقال

سبأ الجاملي – نسوان فويس

رعاية صحية غائبة 

تعاني المرأة في سقطرى  من الوضع الصحي المتدهور، تقول فاطمة (36 عاما): “الوضع رديء جدًا بالنسبة للطوارئ التوليدية وكذلك الأمومة والطفولة فنحن كنساء نعاني كثيرًا من قلة المراكز والمستشفيات، صحيح يوجد  لدينا عيادات لكنها فقط للمعاينة والولادات الطبيعية ولا يوجد فيها توليد، بالذات للحالات الصعبة والولادات المتعسرة  فإذا كانت الولادة صعبة أو تحتاج إلى عملية، معنا مركز واحد فقط القريب من العاصمة لكن بقية المناطق البعيدة عن هذا المركز مثل قلنسية وغيرها من المدن والقرى البعيدة، فالنساء يتعرضن للخطر والبعض منهن تتوفى بسبب بعد المسافة عن منطقتها، والمسألة تتحول أنتِ وحظك فإذا استطعت أن توصلي في الوقت المناسب  ينقذوك وإذا لا، فالأم تموت قبل أن تصل للمستشفى”

تضيف: “أيضًا إذا تعرضت المرأة لتعب أو حالة ولادة مبكرة أو شعرت بالمغص وبتكون بحاجة لطبيب يفحص ويشوف الحالة، لابد ما تبكري من الساعة ست عشان تحصلي على كرت وإلا ما بتقدري تدخلي لأي طبيب حتى لو كنت جاية من منطقة بعيدة”

كان لنا لقاء عبر منصة نسوان فويس مع الدكتور سعد عامر مدير عام مكتب الصحة بمحافظة سقطرى والذي تحدث عن الوضع الصحي في بعض المرافق العامةالمنتدى

 

الوضع الصحي العام 

في ظل النقص الحاد في عدد المستشفيات، وضعف الإمكانيات والأجهزة الطبية، وقلة الأطباء، يعاني قطاع الصحة في محافظة سقطرى من تحديات كبيرة، فعلى الرغم من أن هناك حاجة ماسة لتوسيع شبكة المستشفيات والمراكز الصحية لاسيما في المناطق البعيدة عن المدن  لتلبية احتياجات المواطنين، إلا أن هذه المشكلة تظل قائمة بسبب عدم التركيز في تطوير هذا القطاع وقلة الدعم من مختلف الجهات.

يقطع آلاف المواطنين من ابناء سقطرى مسافات طويلة وسط تضاريس وعرة وسوء الطقس للوصول إلى أقرب منطقة للخدمات الصحية في مديرياتهم حيث تعاني هذه المراكز والوحدات الطبية من ضعف الإمكانيات والخدمات المجهزة والمعدة  بشكل كامل.

إضافة إلى ذلك، فإن ضعف الإمكانيات وقلة وندرة الأجهزة الطبية يؤثر سلبًا على جودة خدمات الرعاية الصحية، فالتشخيص والعلاج يتأخر بسبب نقص التجهيزات وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى تدهور حالة المرضى وارتفاع مخاطر حدوث مضاعفات صحية.

أرقام وبيانات 

بات توفر مرافق البنية التحتية الصحية العاملة، مثل المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية في المناطق البعيدة أمرًا صعب المنال، تحت وطأة الظروف الاقتصادية والسياسية وقلة الدعم، إذ تواجه نسبة كبيرة من السكان تحديات في الحصول على الرعاية الصحية الكافية ففي الوقت الحالي، لا تعمل إلا عدد محدود من المنشآت الصحية بكامل طاقتها موزعة على كل سقطرى وهذا يعني أن هذا العدد غير كاف مقارنة بعدد المناطق التي يتوزع فيها سكان الجزيرة، حيث تبلغ مساحة الجزيرة ٣٦٥٠ كيلومترا، أما عدد سكانها فيقدر بنحو ١٥٠ ألف نسمة.

الانفوجرافيك التالي يوضح بيانات حول القطاع الصحي في جزيرة سقطرى 

بالإضافة إلى ذلك فهناك نقص في عدد الأطباء خصوصًا من أبناء الجزيرة والذي لا يتعدى عددهم 6 أطباء والبقية من العمالة الخارجية، وعندما نتحدث عن نقص في عدد الأطباء، فإن هذه المشكلة تعيق قدرة النظام الصحي على تلبية احتياجات المرضى  فيعاني الأطباء الموجودين من ضغوط هائلة وتحديات كبيرة في التعامل مع عدد كبير من المرضى وأحيانًا عدم قدرة الأطباء الحفاظ على جودة الرعاية الصحية، مع العلم أن هناك خريجين من المعاهد لكنهم يعملون كمساعدين لأطباء، وأيضًا في أقسام التمريض والمختبرات والصيدلة وما ينقص الكادر الصحي _بحسب ما صرح به الدكتور سعد عامر مدير مكتب الصحة بمحافظة سقطرى_ فني عمليات، فني أشعة، وفني تخدير.

تحديات وصعوبات 

 في الوضع الصحي الحالي يعلق الدكتور سعد عامر مدير عام مكتب الصحة بمحافظة سقطرى قائلًا: “لدينا حالات مصابة بالسل وامكانياتنا ضعيفة في مواجهتها، إذ لا يوجد طبيب مختص بأمراض الصدر في المنطقة، و هذه المشكلة تتسبب في تأخر التشخيص والعلاج المناسب للمرضى”

وتجدر الإشارة إلى أن برنامج السل هو جزء حاسم من نظام رعاية صحية فعال، فهو يساهم في تشخيص ومتابعة حالات مرضى السل، وكذلك توفير الأدوية المناسبة لهم، لذا فإن الضعف في تطبيق هذا البرنامج يمكن أن يؤدي إلى زيادة انتشار المرض وتفشيه وتأخر صرف الأدوية وهذا ماتعاني منه الجزيرة.

كما أن من بين التحديات أن المحافظة  لا تزال تعاني من مرض الجذام وبعض الأمراض الوبائية مثل الحصبة وهذا يستدعي وجود مركز حميات لعلاج ومكافحة الأمراض الوبائية والحد من انتشار الأمراض المعدية بين المواطنين. 

انعدام الأقسام الحيوية 

تعد المختبرات المركزية أحد أهم أجزاء النظام الصحي حيث يتم فيها إجراء التحاليل والفحوصات التشخيصية المبكرة للأمراض، وبالتالي يسهِّل على الأطباء اتخاذ قرارات علاجية فورية وفعَّالة، كما أن هذه المختبرات تسهم في رصد الأوبئة  الجديدة أو انتشار أمراض قائمة، ما يمهد لاتخاذ إجراءات صحية استباقية لحفظ صحة المواطنين في الجزيرة، انعدام وجود هذه المختبرات وكذلك نقص الأجهزة والمعدات اللازمة لفتح المختبرات يشكل تحديًا كبيرًا للسكان المحليين الذين يعانون من صعوبة الوصول إلى خدمات التشخيص والفحص المختبري، وصعوبة ايضًا للأطباء في الحصول على التشخيص الدقيق للأمراض والاوبئة، وبالتالي يتعرض الكثير من المرضى لتدهور وضعهم الصحي وربما يصل البعض منهم للوفاة.

اضافة الى ما سبق يعاني القطاع الصحي من عدة ضغوطات  تؤثر بشكل سلبي على خدمة المرضى وجودتها من بينها، النقص الحاد في وحدات الرقود، حيث لا يتوفر عدد كافٍ من الأسرة لاستيعاب المرضى المحتاجين للإقامة في المستشفيات.

كما أن من بين أهم المشكلات التي تواجه القطاع الصحي  هو انعدام مركز بنك الدم الذي يشكل أحد أهم الأقسام الحيوية الهامة  بالمستشفيات ونظرًا لانعدام هذه المرافق فإنه يصعب إجراء العمليات الجراحية وتقديم الرعاية الصحية الملائمة للأشخاص المصابين بأمراض خطيرة أو الذين يعانون من فقر دم.

أولويات 

واخيرًا أصبح من الضروري  العمل على تحسين جودة الخدمات الصحية وتوفير بقية الأجهزة والمعدات لفتح المزيد من الاقسام التي يحتاجها المواطنين في سقطرى، ولابد من التركيز على تطوير وإنشاء مراكز صحية تعمل بالطاقة الكاملة خصوصًا في المناطق البعيدة وذات الكثافة السكانية العالية، وهذا يحتاج إلى تكاتف الجهات المعنية المختلفة سواء مسؤولين أو جهات داعمة للتخفيف مما يعانيه المواطنين في سقطرى وبالذات المرأة التي تكون بحاجة ماسة للرعاية الصحية.

 

 

مقالات اخرى