لا زالت أمي حريصة على قطف أنواع من الريحان والزهور من سطح منزلنا. كل نهار جمعة، تزين أبي بباقة الريحان الصغيرة بعد أن يشمها ويصلي على النبي إعجابا برائحتها. كما أنها ترسل معه عدة باقات أخرى ليوزعها على مصلي صلاة الجمعة. فأبي كباقي اليمنيين الذين يحرصون على التزين بـ”المشاقر” من خلال وضعها في الجيوب وفي لفات العمائم والشالات للحصول على رائحة زكية.
ترتبط المشاقر بالنساء في اليمن، حيث تتزين النساء بباقات متنوعة من “المشاقر”، توضع بعضها بجانب الخدود تلف بالمقارم المعصوبة على الرأس. تمثل جزء أصيلا من أجزاء الأزياء النسائية التقليدية الأصيلة كأزياء مناطق تعز وإب وريمة وصنعاء.
وقد ورد اسم المشاقر في المعجم اليمني الذي ألفه المؤرخ اليمني الشهير الشاعر مطهر الإرياني، حيث قال: “إن (المشاقر) هي النباتات التي يتخذها الناس لتزيين رؤوسهم، وهي أضاميم الورد والريحان وغيرها مما يتمشقرون به طلباً للزينة والرائحة الطيبة.
الدكتور علي صالح الخلاقي قال في كتابه (معجم لهجة سرو حِمْيَر – يافع وشذرات من تراثها)، “الشُّقر: اسم جامع لأنواع متعددة من نباتات الطيب ذات الرائحة العطرية، تزرع في أحواض خاصة بجانب البيوت، وكان يكثر استخدامها من قبل النساء على الرأس أو بين الثياب.
فالمشاقر نباتات عطرية متنوعة في الشكل والرائحة، وتستخدم في الزينة للرجال والنساء، ترتبط بموروثهم الثقافي وتحضر في جميع مناسباتهم الاجتماعية، كما أن البعض يستخدمها “حرزاً” يحميهم من الأرواح الشريرة بحسب بعض المعتقدات السائدة، و تستخدم أنواع منها علاجاً لبعض الأمراض، كما أنهم يصنعون من بذورها وأزهارها وأوراقها مواد عطرية، تدخل أيضا في صناعة البخور والطيب.
تغنى الفنان أيوب طارش عبسي بالمشاقر في أحد أغانيه التي كانت من كلمات الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان حيث تقول كلمات الأغنية:
وا صبايا وا ملاح هيا اقطفين لي مشاقر
وارصفين لي الورود الحمر وسط المزاهر
واطرحين الكواذي البيض بين المباخر
لحبيبي هو حبيب القلب أول وآخر
يطلب فيها من الصبايا أن يقطفن له المشاقر ويرصفنها في مزَهريّات، كما أن المشاقر ارتبطت بزينة الرجال خاصة كبار السن، وقد ذكر مشقر الرجل في أغنية “يا نجم يا سامر” للفنان محمد مرشد ناجي، والتي كتبها الشاعر سعيد الشيباني ويقول:
الأخضري من العدين بكَّر
مشدته بيضاء ومشقره أخضر.