نجوى أسعد من أرخبيل سقطرى.. سيرة نجاح وصمود

شارك المقال

سبأ الجاملي – نسوان فويس

يعرف معظمنا أن الوصول لتحقيق هدف ما في الحياة يتطلب الإصرار والعزم، وتجاوز الظروف الصعبة التي تحاصره مهما كانت، فلا شيء في هذه الدنيا يمكن أن يظل بعيد المنال إذا توفرت هذه الأسس وترسخت بأذهاننا، وهذا فعلًا ما استطاعت أن تحققه نجوى أسعد من محافظة سقطرى، المذيعة براديو سقطرى أف أم ورئيسة مؤسسة المرأة السقطرية للاستجابة والتنمية، التي تفوقت وتميزت عن غيرها واستطاعت أن تروض طاقتها وإمكانياتها وتوجهها إلى الأشياء المهمة بدلًا من تبديدها وتشتيتها على الأشياء التافهة وغير المجدية.

كانت البداية التحاق نجوى بكلية التربية في أرخبيل سقطرى، الكلية الوحيدة في الجزيرة والتي تضم ثلاث تخصصات (اللغة العربية، اللغة الإنجليزية، التربية الإسلامية) في تلك الفترة، درست واجتهدت وتفوقت في تعليمها إلى أن تخرجت من الكلية.

ظلت نجوى تبحث عن وظيفة مناسبة، فقدمت  لأكثر من جهة لعلها تجد الوظيفة الملائمة لها،  ومن بين الأماكن التي قدمت بها كانت إذاعة سقطرى، حيث عملت في البداية كسكرتارية في المحطة.

وفي أحد الأيام تقول نجوى: “قدم وفد من المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون لتجهيز الإذاعة، وتركيب الأجهزة، وتدريب المتقدمين للوظائف، ومن خلال الحديث والعمل معهم اقترحوا علي العمل كمقدمة برامج وبعد تفكير طويل بهذه الفكرة واستشارة العائلة واقناعهم قبلت وبدأت العمل كمقدمة برامج”

كانت البداية صعبة للغاية لفتاة تنتمي لمجتمع لا يقبل بعمل المرأة  على حد تعبير نجوى، خاصة أن التي تعمل هي من أبناء المحافظة وليس من خارجها.

  تقول: “كانت البداية صعبة جدًا خاصة أننا في مجتمع منغلق فكريًا وثقافيًا، يتقبل الغريب من حيث عمله وتصرفاته أما بنات المحافظة فهم مسببات للعار وقدوة سيئة السمعة على البنات الأخريات، أيضًا تعرضت لتشويه السمعة بين الناس  فقط لأني إعلامية واستدعي شخصيات واجري مقابلات معهم إضافة لانتشار رقمي الشخصي عند من هب ودب فقط لكوني إعلامية فبيعتبروا أني إنسانة مش متحفظة”

نظرة المجتمع وملاحقته لنجوى باعتبارها خالفت قوانينه جعلها تتردد كثيرًا وتفكر بأن تتوقف عن مواصلة طريقها نحو الحلم والهدف الذي رسمته لنفسها  على الرغم من شغفها الكبير وتفوقها أيضًا

تقول نجوى: “أذكر مرة أني عدت إلى أمي وأنا أبكي من بعض الزملاء في نفس مجالي عندما حكوا لي كيف يتحدث أبناء المنطقة عني وبعض الأوصاف التي وصفوني بها، قالت لي أمي حينها هل صحيح ما يقولونه؟ أجبتها بالنفي، فقالت: “استمري وراسك مرفوع”

ولأن الداعم الأول لنجوى والوحيد على حد وصفها هي والدتها فقد شكل هذا  دافعًا  لها لمواصلة ما بدأت به وتحقيق أهدافها.

تقول: “كانت والدتي هي الداعم والسند الأول لي  وكانت بمثابة الطاقة التي استمد منها القوة كلما شعرت بالضعف، وأيضًا أولادي والتفكير بهم ومستقبلهم جعلني أتخطى وأقاوم كل ما تعرضت له من خيبات لاسيما من أقرب الأشخاص لي وليس من نظرة المجتمع فحسب”

لاشك أن النجاح ليس بالأمر السهل، بل طريق متعرج مليء بالمغامرات والتحديات والصبر وما يدعوا للتفاؤل أن بعض العراقيل التي كانت تواجه نجوى وغيرها سابقًا انتهت، واندثرت بعض المعتقدات وتحسنت نظرة المجتمع نوعًا ما تجاه المرأة العاملة  في جزيرة سقطرى.

 بحسب ما ذكرته نجوى حيث قالت: “حاليًا في بنات تخصصوا بعدة مجالات بعد افتتاح العديد من الأقسام والكليات في المحافظة ومن بينها  على سبيل المثال الإعلام المرئي وبدأ الناس يتقبلوا ويدعموا  فكرة عمل المرأة بالذات الناس المثقفة وهذا الشيء يساعد ويخفف من معاناة الفتيات من هذا الجيل  ويسهل الطريق أمامهن لإثبات جدارتهن وخطوة مهمة عشان يكون لهن دور في خدمة أنفسهن وأهاليهن ومجتمعهن”

في نهاية لقائنا بنجوى كان لها رسالة وجهتها للمرأة في أرخبيل سقطرى قائلة: “بما أن المجتمع بدأ يتقبل عمل المرأة وخاصة كإعلاميات أتمنى من بنات الأرخبيل مواصلة دراساتهن ومواصلة طموحهن لأعلى المستويات وإثبات أن المرأة لها دور مهم فيما يخص خدمة المجتمع تمامًا مثل الرجل”

تضيف: “وبالنسبة للمجتمع أتمنى منكم  دعم بناتكم وأخواتكم باختياراتهن وإن كانت تخصصات جديدة على الأرخبيل فمن خلال بناتنا ننهض بأرخبيلنا” .

كل امرأة يمنية هي مكافحة في حد ذاتها، أينما كانت وأيًا كان مجالها ومهما كان ما تصنعه، وهذا ليس بالأمر الغريب فالظروف المحيطة بالنساء في اليمن تختلف اختلافًا  كليًا عن بقية النساء في العالم، لذلك مثل هذي القصص تستحق أن تُروى وحكايات يجب أن تُسطر، ولأن الشخص يتأثر بالناجحين ممن انطلقوا من نفس بيئته، فهذه النماذج عاصرنا نفس الظروف التي يعيشها معظمنا حاليًا وحققنا إنجازات مختلفة وهذا يدعو إلى التفاؤل والعزم لدى الكثيرات لتحقيق المزيد من النجاح والإنجازات على مختلف الأصعدة .

 

مقالات اخرى