مشاركة المرأة في الحياة السياسية ووصولها إلى مواقع صنع القرار..المعوقات والطموحات

شارك المقال

هدى حربي – نسوان فويس 

عقدت منصة نسوان فويس في 25 من يوليو  2023  جلسة نقاشية حول مشاركة المرأة في الحياة السياسية ووصولها إلى مواقع صنع القرار، أدارة الجلسة أمل وحيش، محررة في منصة نسوان فويس، وشارك فيها كضيوف الأستاذة أمل الباشا، رئيسة منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان، والمدربة والناشطة السياسية جميلة العثماني

في عام 1993 شاركت المرأة في أول انتخابات برلمانية جرت في الجمهورية اليمنية بعد توحيد شطري البلاد عام 1990 ولم يزد عددهن عن  42 مرشحة، لم تفز منهن إلا مرشحتان وفي عام 2003 لم تفز سوى امرأة واحدة من إجمالي 11 مرشحة أما في الانتخابات المحلية التي جرت في 2001 فقد ترشحت 35 امرأة، وفازت منهن 18 مرشحة 

  • تحديات مشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية

حال المرأة اليمنية في الحياة السياسية فهي تعاني من التهميش والإقصاء والتمييز في ظل نظام سلطوي ومجتمع ذكوري وصراع مسلح، مما  يعني أن المرأة اليمنية لا تملك أي دور أو قدرة في صنع القرار والتغيير ، برغم ن هناك فرصا وإمكانات لتحسين مشاركتها وقيادتها في المجال العام .

  • التحديات: ضعف التمثيل والتمكين

إحدى التحديات الرئيسية التي تواجه المرأة اليمنية في الحياة السياسية هو ضعف تمثيلها وتمكينها في مواقع اتخاذ القرار على كافة المستويات فالمرأة اليمنية تغيب عن صورة السلطة في الدولة والحكومة والبرلمان والقضاء والدبلوماسية، ففي مجلس النواب لا يوجد سوى 0.3% من المقاعد مخصصة للنساء، وفي الحكومة لا يوجد سوى 3% من الوزارات بقيادة نساء، وفي رئاسة الجمهورية لا يوجد سوى 4% من المستشارات من النساء، وفي المجالس المحلية لا يوجد سوى 2.5% من المقاعد شاغلة بالنساء، وفي الدبلوماسية لا يوجد سوى 1.6% من السفيرات من النساء.

هذه الأرقام تظهر حجم التفاوت بين الجنسين في مشاركة المرأة في الحياة السياسية، مما يؤثر سلبًا على حقوقها وصوتها وخبراتها في صنع السياسات والإصلاحات، كما تظهر عدم التزام الدولة بالاتفاقات والمعاهدات الدولية التي تضمن للمرأة حصولها على نصيب عادل من المشاركة في شؤون بلدها، مثل اتفاقية سيداو، وخطة عمل بكين، وقرار مجلس الأمن 1325.

  • وحول  مشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية ككل والمعوقات التي تحد من وصولها للمراكز القيادية 

 تقول أمل الباشا  رئيسة  منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان: إن مشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية هي ضعيفة وغير مشرفة على الإطلاق. يعني هذا على مستوى سلطة الدولة بتفريعاتها الثلاثة التشريعية والقضائية التنفيذية، وجود النساء في مجلس النواب هش، ولا توجد نساء في الحكومة على هرم السلطة، ولا توجد سياسيات أو مستشارات سياسية في رئاسة الجمهورية، ولا توجد نساء في المجالس المحلية التي تقريبًا متوقفة بسبب النزاع والصراع، والنساء أقل من أصابع اليد الواحدة في الدبلوماسية.

هناك عدة عوامل يمكن أن تحد من وصول المرأة للمراكز القيادية، بما في ذلك التاريخ والدين والثقافة والحرب.

برغم  أن هناك جهودًا تبذل لزيادة مشاركة النساء في صنع القرار في مستويات أقل، مثل وكيلات وزارات أو مدراء عموم كما أشارت، فإن هذه المستويات من صنع القرار قد تكون مهمة لإدارة الحياة، خصوصًا في ظل الصراع الدامي.

  • الوجود الحقيقي للمرأة اليمنية 

 وذكرت وجود النساء الحقيقي والواقعي في الحياة اليمنية يتمثل في مشاركتهن في إدارة الحياة، خصوصًا في ظل الصراع الدامي الذي أثر على المجتمع اليمني وعلى الأسرة اليمنية، وجود النساء هنا حاضر ولافت، لكن في العمل الإنساني أو في العمل الإغاثي أو في العمل الرعائي، فالإحصاءات تقول بأن هناك تقريبًا نصف مليون قتيل وشهيد، والأمم المتحدة تقول إن عدد الجرحى يكون ثلاثة أضعاف تقريبًا، فنقول بأنه يمكن أن يكون هناك مليون ونصف جريح، من يرعى هؤلاء الجرحى ومن يهتم بهم في منازلهم؟ خصوصًا في بعض المناطق التي تتبع حكومة صنعاء، حيث هناك حالة من الحصار، فلا يستطيع هؤلاء الحصول على الطبابة والخدمة الطبية، لكن هذه المهمة تتحملها عادةً النساء، فهن يقدمن المساعدات والرعاية للجرحى والمصابين.

  • المشاركة النسائية في مؤتمر الحوار الوطني

كما اشارت  إلى المشاركة النسائية في مؤتمر الحوار الوطني وكيف كانت هناك تفاؤلًا بأن يتحسن وضع المرأة اليمنية في مجالات صنع القرار، وتشير إلى أن هذه المشاركة لم تكن برغبة من النخبة السياسية أو قادة الأحزاب، بل كانت نتيجة للظروف التاريخية والضغط الدولي والتأثير الدولي، وكان هناك من يريد أن يقدم نفسه بأنه يقبل التغيير ويقبل بالمدنية ويقبل بوجود النساء والشباب.

واضافت  إلى أن هناك معوقات عديدة تحول دون مشاركة المرأة في صنع القرار، منها عدم وجود إرادة أو رغبة من قبل الأحزاب السياسية والنخبة السياسية في مشاركة النساء في هذه المسألة، كما تشير إلى أن هناك إقصاء منهجي للمرأة من الحياة العامة في المناطق التي تتبع حكومة صنعاء، حيث يتم منعهم من السفر إلا بمحرم وعدم الاختلاط وغلق الأماكن العامة أمامهم.

إذًا، يبدو أن هناك تحديات كبيرة تواجه المرأة اليمنية في مجالات صنع القرار والمشاركة في الحياة العامة.

 لكن يبدو أن هناك جهودًا تبذل لزيادة مشاركتهم في هذه المجالات، سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي، فالضغط الدولي والتأثير الدولي قد يلعب دورًا مهمًا في دعم حقوق المرأة وزيادة مشاركتهم في صنع القرار.

  • مشاركة  المرأة الفاعلة في المجال السياسي و القيود التي تُفرض عليها 

  ذكرت   المدربة والناشطة السياسية  جميلة  العثماني  أن المرأة قادرة على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية إذا أُعطيت الفرصة، ولكن  هناك قيود وعوائق تفرض عليها، تمنعها من المشاركة في هذا المجال الحساس والمهم، ففي اليمن خلال السنوات الماضية قبل الثورة أو بعد الثورة، كان دور المرأة مهمشًا في الحياة السياسية، وكانت المرأة مجرد ناخب أو صوت انتخابي للأحزاب السياسية، ولم يكن لها تمثيل حقيقي في التشكيلات الحقيقية والفعلية لهذه الأحزاب.

أشارت إلى أن هناك محاولات كانت تجري خلال فترة الحوار لزيادة مشاركة المرأة في صنع القرار، ولكن هذه المحاولات لم تؤدِ إلى نتائج فعالة، ففي مجلس النواب كان هناك 301 عضو وامرأة واحدة فقط، وكان هناك من يقول إن المرأة يجب أن تثبت جدارتها قبل أن تتمكن من المشاركة في صنع القرار.

إذًا، هناك تحديات كبيرة تواجه المرأة في مجالات صنع القرار والمشاركة في الحياة السياسية، ولكن يبدو أن هناك جهودًا تبذل لزيادة مشاركتهن في هذه المجالات، سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي، فالضغط الدولي والتأثير الدولي قد يلعب دورًا مهمًا في دعم حقوق المرأة وزيادة مشاركتها في صنع القرار.

  •  استغلال الأحزاب السياسية لأصوات النساء

كما تحدثت الباشا عن دور الأحزاب السياسية في استغلال أصوات النساء واستخدامهن كأداة للوصول لأهدافها السياسية، وتشير إلى أن الأحزاب السياسية كانت تستخدم النساء كورقة للصعود إلى السلطة، خصوصًا كناخبات في فترات الانتخابات، ولكن بعد انتهاء فترات الانتخابات، كانت تتوقف كل الأنشطة الخاصة بالنساء، ووجودهن ضئيلًا في هذه الأحزاب.

وأشارت  إلى أن المرأة يمكن أن تفعل شيئًا من أجل أن تنخرط في هذه الأحزاب وتفرض رأيها، فعليها أن تبحث عن حزب مناسب لها، حزب تتفق مع أيديولوجيته وبرنامجه السياسي وأطروحاته، وتعمل من داخل هذا الحزب، فإذا كانت كل النساء يشتغلن داخل هذه الأحزاب، فسوف يكون لهن تمثيل حقيقي، ووجود قوي في صنع القرار.

إذًا، يبدو أن هناك دورًا مهمًا يمكن أن تلعبه المرأة في تغيير وضعها في المجال السياسي، فعليها أن تشتغل داخل الأحزاب السياسية وتفرض رأيها وتسعى لزيادة مشاركتها في صنع القرار، وعلى الأحزاب السياسية أيضًا أن تظهر المرأة وتساندها وتدعم مشاركتها في صنع القرار.

في الوقت الحالي، يوجد فرصة كبيرة جدًا للنساء للحصول على المعرفة، المعرفة التي يمكن للنساء الوصول إليها متوفرة بشكل كبير جدًا، أكثر بكثير من جيل سابق، يمكن للنساء الآن قراءة التاريخ والسياسة والاقتصاد والأدب وغيرها من المجالات عبر الإنترنت، المعرفة هي القوة، وإذا أرادت النساء المشاركة، عليهن أن يثبتن أنفسهن، يجب على النساء أن يثبتن أنفسهن بأنهن فاعلات وأهل لأي مجال من المجالات.

ومع ذلك، لا يزال هناك تحديات تواجه المرأة في المجتمع اليمني، فالثقافة المجتمعية تؤول من شأن الرجل وأن الرجل هو رجل العمل خارج البيت، بما فيها العمل السياسي والعمل المجتمعي، في حين أدوار النساء محدودة هي البيت والعائلة وتغذية الأطفال والطبخ والابتسامة للزوج عندما يعود من العمل، لكن قد تغيرت الحياة، فالآن نرى نساء رئيسات دول، ورئيسات وزراء، وسفيرات، ووزيرات دفاع في دول عديدة حول العالم، هذه الفكرة التقليدية التي تقول إن المرأة لا تستطيع هذا لم يعد لها أساس من الصحة، المسألة تتعلق بالمعرفة والمثابرة على التميز في مجال من المجالات.

  • التدريب والتأهيل النوعي للمرأة في مجال العمل السياسي

أمل باشا  تقول إن  التدريب والتأهيل النوعي للمرأة في مجال العمل السياسي هو أمر مهم جدًا لتمكين المرأة من المشاركة بقوة وبمعرفة في الحياة السياسية، هناك العديد من المنظمات التي تقدم برامج تدريبية للنساء اللواتي يرغبن في المشاركة في الحياة السياسية.

بالنسبة للطرق التي يمكن للمرأة من خلالها أن تصل إلى عضوية المجالس المحلية والمشاركة في صنع القرار، فهناك عدة طرق، يمكن للمرأة أن تشارك في الانتخابات المحلية وتترشح لعضوية المجلس المحلي، كما يمكن للمرأة أن تشارك في الأحزاب السياسية وتعمل على تحقيق التغيير من خلالها، بالإضافة إلى ذلك يمكن للمرأة أن تشارك في المجتمع المدني وتعمل على التأثير على صنع القرار من خلال المنظمات غير الحكومية والجمعيات.

وفي نفس الوقت، يجب أن نلاحظ أن هناك تحديات تواجه المرأة في المجتمعات التي لا تزال تعاني من نقص في التمثيل السياسي للنساء، ولذلك يجب على المجتمعات أن تعمل على تحقيق التوازن بين الجنسين في مجالات صنع القرار، سواء على المستوى المحلي أو الوطني . 

  • الضغط الدولي وتأثيره

الضغط الدولي والتأثير الدولي قد يلعب دورًا مهمًا في دعم حقوق المرأة وزيادة مشاركتهم في صنع القرار، وعلى المرأة اليمنية أن تستمر في جهودها لتحقيق التغيير والعمل معًا لتحقيق التوازن بين الجنسين في مجالات صنع القرار، فالتغيير لا يأتي من فرد واحد، بل من جهود جماعية، نأمل أن يحدث التغيير في المستقبل وأن تتمكن المرأة اليمنية من المشاركة بشكل فعال في صنع القرار وإدارة شؤون بلدها.

مقالات اخرى