امل وحيش – نسوان فويس
في زيارة عابرة لمنطقة بيت الكبش السياحية في مديرية الحيمة الداخلية إحدى مديريات محافظة صنعاء تعرفنا على “وجدان ” طفلة لكنها تحمل عمر فتاة في العشرينات أحلامها تتخطى حدود منطقتها.
وجدان طفلة تبلغ من العمر 13 عاماً من سكان قرية بيت الكبش و هي منطقة يأتي لها الزوار من مختلف المحافظات لقضاء لحظات ممتعة خاصة أيام الإجازات و العطل الرسمية ، و رغم وعورة المكان الذي يختاره كثير من الزوار إلا أنها منطقة آسرة بخضرتها و أشجارها التي تعانق السحاب.
هذا المنظر بالنسبة لوجدان معتاد عليه و لم يعد يشدها أو يجذبها لأنها نشأت و عاشت ال13 عاماً من عمرها في هذه المنطقة التي تستهوي الكثير و لكن ممن يزورونها لساعات و يرحلون ، بينما هي بنظر وجدان التي تعيش فيها كل يوم تعتبر بيئة منهكة ، و الأعمال فيها شاقة للكبار فما بالكم بالصغار الذين يتحملون عناء العمل الشاق في المناطق الريفية خاصة الفتيات اللاتي يعملن في الحقول و في البيت منذ نعومة أظافرهن.
تتسلق وجدان الجبال بسهولة بحثاً عن أعشاب “الزعتر” لتبيعه للأشخاص الذين يزورون المنطقة ، و كذلك لتجمع (العلف) للماشية أثناء مساعدتها لوالدتها كما تقول.
شخصيتها قوية رغم صغر سنها ، ملامحها جميلة و بريئة رغم بشاعة الفقر إلا أنها تبتسم و تتحدث برزانة و ذكاء كأنها شابة في منتصف العمر . تمشي بسهولة في تلك المنحدرات و تتسلق الصخور بخبرة عالية فهي منطقتها التي نشأت فيها.
عن تعليمها تقول وجدان : ” درست لصف رابع و كان نفسي أكمل دراستي لكن الأستاذ عقدني لأنه خبيث يضرب خلاني أبطل المدرسة”.
و عندما سألناها لماذا لم تذهب لمدرسة أخرى؟ أخبرتنا أنها بعيدة و هذه أقرب مدرسة و لو تم تغيير ذلك المعلم الذي جعلها تترك الدراسة بسبب أسلوبه الخاطئ في التدريس فإنها ستعود للمدرسة بحسب قولها.
عرضت علي بحماس أن تأخذني للتعرف على أماكن في أسفل الوادي ، لكني خفت لهول المنظر و صعوبة النزول في تلك المنحدرات ، بينما هي تراه بالأمر اليسير كونها اعتادت بشكل يومي على مثل هذه الرحلة التي تعتبرها سهلة ، لكنها لم تعد ترغب بها و تتمنى أن تعيش في صنعاء لأنها كما تقول الناس مختلفين و ببراءة طفلة كأنها مغيبة عما يدور في العالم : ” الناس حق صنعاء ثانيين و معهم جوالات و احنا نسميها تلفونات”.
وجدان تعتبر كل من يزور المنطقة و يمتلك جوال و يطبخ و يلتقط الصور التذكارية و يتناول الطعام مع أهله و أصدقائه في هذه المنطقة السياحية تعتبره بأنه من صنعاء أياً كانت المنطقة التي جاء منها ، فصنعاء بنظر طفلة هي العالم الآخر المتحضر الذي فيه كل شيء جميل.
فيه الأشخاص يرتدون ملابس جديدة و نظيفة ، أشكالهم مرتبة ، أُناس يضحكون و يلتقطون الصور في كل وقت بينما هي لا تمتلك هاتف محمول كي تشاهد به ما يشاهد الناس أو حتى لتلتقط الصور لمنطقتها التي يحظى الجميع بأخذ الصور التذكارية فيها عدا هي فأهلها لا يستطيعون توفير هاتف محمول لها لأن ظروفهم المادية صعبة ، بل الأكثر ألماً أنهم لا يملكون تلفاز حسب كلامها.
وجدان لم تزر صنعاء مطلقاً و تقول أن حلمها أن تزورها و تعيش فيها و تكمل تعليمها لأنها كما تقول تريد أن تصبح مهندسة أو معلمة ، دائماً ما تشارك والدتها أحلامها التي هي بدورها تضحك لها و تناقشها مقنعة إياها أن كل شيء بيد الله و بأنها ستزورها و ربما تعيش فيها كما تتمنى من يدري.