نساء مطلقات و أخريات معلقات يبحثن عن حرية حبستها العادات و العيب

شارك المقال

امل وحيش – نسوان فويس

اختيار خاطئ

الاختيار الخاطئ و ارتفاع سقف التوقعات لدى الفتاة قد يوقعها في فخ الرجل الغير المناسب. 

علياء فتاة طموحة في بداية العشرينات من عمرها تزوجت و هي في السادسة عشرة من عمرها برجل تعرف عليها أثناء توصيلها للمدرسة و العمل فقد كانت تدرس لتصرف على إخوانها و تعمل مندوبة في إحدى الشركات ، أعجب بها و طلبها للزواج و لصغر سنها لم تستطع أن تزن الأمور و تختار الشخص الصح كما تقول فقد اختارت رجل يكبرها بخمسة عشر عاماً متزوج و لديه طفلتين ، لكنها وافقت هرباً من أن يتم تزويجها بأحد أقاربها الذين لا ترغب بالزواج منهم و لأنها يتيمة الأب فأي قرار من العائلة سيكون له وقع الأثر عليها . 

وافقت على العريس و تمت مراسيم الزواج فقد يكون هذا هو الزوج الذي سينسيها سنوات العناء التي أجبرتها على ترك طفولتها جانباً و الخروج لسوق العمل لتأمين لقمة عيش لإخوانها الصغار ، رأت فيه الزوج المنفتح و الانفتاح بمفهومها البريء هو أنه سيتيح لها الحرية الكافية لإكمال دراستها و الانخراط في مجال العمل و خاصة الإعلامي كونها تحب العمل الإذاعي ، ماهي إلا شهور قليلة حتى حملت بطفلها الأول و بدأت خلال هذه الشهور القليلة تتكشف لها شخصية مختلفة لزوجها عما كانت مبنية قبل الزواج ، أصبحت علياء أم و هي في السابعة عشرة من عمرها ، تقول عن زواجها و صعوبة ما مرت به : ” كان الموضوع صعب لأني تزوجته و هو متزوج من قبل و فكرة الزواج بشكل عام لبنت بعمر 16 سنة صعب فما بالك بشخص متزوج ، كان في مشاكل مستمرة من بداية الزواج ، بدأ زوجي ينفر من البيت و مني بين فترة و أخرى فزادت المشاكل بيننا لدرجة انه سافر خارج اليمن و أنا في بداية حملي و رجع وعمر ابني أربعة شهور ” ، وتضيف علياء  أنها كانت تتنازل كثيراً لأجل أن تستمر الحياة الزوجية : ” استمر الزواج من طرف واحد و هو أنا الطرف اللي يضحي و الطرف اللي يصبر و يتحمل ، كنت وقتها أدرس عن بعد و ربة بيت و أم و كنت اشتغل ، حرب و كفاح أحاول أخلي العجلة تدور و الحياة تستمر  و بحكم انه إنسان متزوج كان يتركني من أتفه سبب وأقرب مشكلة واضطر اجلس لحالي أنا وابني حتى أهلي مش عارفين إن بيننا مشاكل ، كان دائما كلما حصلت مشكلة قبلما يتركنا ويمشي يقول لي هذا ما عندي أعجبك والا الباب يفوت جمل ” .

و عن سبب تحملها و عدم إبلاغها لأهلها تقول : ” كان أي مشكلة تحصل بيننا يأخذني بيت أهلي رغم انه عارف اني احبه و متمسكة فيه لكن عشان ارضخ له . كنت أخاف من الحنق أو  ارجع بيت أهلي عشان كلام الناس فكنت أسكت عن المشاكل اللي تحصل بيننا و اتحمل و اصبر و ارجع أصالحه أنا ” .

حاولت علياء أن تشرح لزوجها بأن الحياة تشارك و تفاهم و اهتمام و مسؤولية لكنه حسب قولها لا يستجيب إلا لنفسه الأمر الذي شجعها أن تبدأ بالتأسيس لمشروع صغير يكون مصدر دخل لها و لابنها فباعت ذهبها و فتحت بمساعدة أهلها محل لبيع ملابس الأطفال و فعلا بدأ المحل يعمل ، إلا أنه لم يطل بسبب أنانية زوجها تقول : ” فتحت لي مشروع ملابس أطفال صغير بمساعدة أهلي بدأ يشوف اني بدأت أستند على نفسي و أقوى و معي مصدر دخل اعتمد فيه على نفسي و ما بظل البنت الضعيفة اللي تنذل له بدا يخيرني بين المشروع اللي فتحته و بينه و كان يقول يا أنا يا المشروع اشترط عليا أبيع المحل أو يطلقني ” .

استسلمت لعاطفتها و اختارته رغم عيوبه ، و باعت المحل و قبض هو ثمنه دون أن يكتب لها سند بالمبلغ كونها تثق فيه ، و لكنه أخذ المبلغ المالي و صرفه و لم تعرف كيف أنفقه ؟

و مع ذلك لم ينتبه أنه يجب أن يكون زوج مسؤول عن زوجة و طفل و أصر على أن تصرف هي على نفسها و ابنها ، حتى مستلزمات البيت هي من توفرها كل ذلك لأنها تحبه و تحاول كما تقول أن لا تخرب بيتها .

علياء منحت زوجها فرص كثيرة كي يتغير و يتحمل المسؤولية و لكنه بحسب قولها لم يستوعب و لم يقدر تضحياتها ، و هذا ما أوصلها لقناعة تامة بأن هذا الشخص لن يتغير: “مستحيل يكون رب بيت و يصرف على أسرة ، بدأت أخاف من الاستمرار معه ، و بدأت اعمل حلول لعدم الإنجاب لأنه من بيهتم فيهم و يتحمل مسؤوليتهم و هو ليس أب جيد غير مسؤول و غير مهتم بأسرته ؟ “.

قررت علياء أخيراً أن تتحرر من هذا العذاب و هذا الشتات و تطلب الانفصال لتحاول أن تجمع شتات قلبها من جديد ، نالت ما أرادت بعد أربع سنوات من المعاناة و انتظار أن يتعدل الطرف الآخر لكن لا فائدة.

قضية خلع

أعطى القانون الحق للمرأة في إنهاء العلاقة الزوجية بإحدى طريقتين الفسخ أو الخلع في حالات كثيرة منها عدم الإنفاق أو سجن الزوج لأكثر من 3 سنوات في قضية ما ، أو في حال غياب الزوج في مكان مجهول ، أو الكراهية و أسباب أخرى كثيرة ، و هذا ما شجع (س.ج) التي تبلغ 33 عاما بأن ترفع قضية خلع على زوجها بعد زواج دام ما يقارب 10 سنوات نجم عنه طفلين أحدهما عمره ٩ سنوات والآخر ٦ سنوات.

من أبرز الأسباب التي جعلت (س.ج) تلجأ للمحكمة لفسخ عقد الزواج هو عدم المسؤولية و اللامبالاة بالحياة الزوجية من قبل الزوج: ” ليس لديه أي مسؤولية خالص لامع زوجة ولا مع أولاد ولا مع بيت “. 

هذا بدوره يؤثر سلباً على العلاقة الزوجية و يعمل على تفكيك الأسرة ف (س.ج) اكتشفت منذ الأشهر الأولى من الزواج أنها وافقت على الشخص الخطأ و أن هذا الرجل ليس الزوج المناسب و أنه بأفعاله الباردة و عدم اهتمامه بزوجته و بيته يقضي على معنوياتها فكرت كثيراً في إنهاء هذه العلاقة ، لكن شاء القدر أن تحمل منه و تنجب له المولودة الأولى التي جعلتها تتراجع عن قرارها لعل هذه الطفلة تغير من طباعه و تجعله أكثر مسؤولية تجاه بيته و أسرته فمنحته الفرصة تلو الأخرى و بعد الطفلة جاء الطفل و كانت على يقين أنه سيتغير و يلتزم بمسؤولياته تجاهها هي و طفليها و لكن دون جدوى : ” لما تعطي فرص كثيرة و ما فيش نتيجة هنا توقفي تقولي خلاص لا هنا و كفاية لا تضيعي عمرك للنهاية ” و تضيف : “كلما كبروا الأطفال زادت مسؤوليتهم و زادت  احتياجاتهم ، أيضاً الزوجة نفس الشي تحتاج للاهتمام للتقدير ، المرأة لما تشوف الشخص الي عملت كل شي عشانه ما تغير ساعتها الحياة تضيق عندها كم بتجلس تتحمل “.

و عن موافقة أهلها لرفعها قضية خلع و نظرة المجتمع ، لم تبالي (س.ج) بكلام الناس لأنهم لا يعلمون بمعاناتها و لا ما بين الزوج و زوجته ، لكن الأهم هو وقوف أهلها معها : ” أهلي كانوا ومازالوا معي لأنهم شافوا كيف أعاني و عارفين انه كل شيء أنا المسؤولة عنه في البيت أنا أصلح و أجيب و أكسي و أؤثث و فوق هذا أغطي عليه عسى يصلح أمره و أهلي كانوا زعلانين عليا لأنهم يشوفوني أكافح و هو و لا مهتم “.

لم ترفع (س.ج) قضية الخلع مباشرة و إنما بدأت بتوكيل محامي لإقناع زوجها أن ينفصلوا بشكل ودي دون تدخل المحكمة و لكنه رفض و أصر على إبقائها على ذمته و أتى بوسطاء لإقناعها بالعودة له و الاستمرار في هذ الزواج الذي لم يعد مرغوباً من قبلها ” كرهته مشتيش أعيش معه .. اللي ما يتغيرش مرة ما بيتغيرش طول حياته المرأة تعطي فرص في حياتها لكن توصل لمرحلة تقتنع إن الشخص اللي تعطيه الفرص مش قد الفرصة اللي أعطتها له فترجع تقول خلاص يكفي “.

6شهور منذ بدأت (س.ج) برفع قضية الخلع و  ٦ جلسات في محكمة بني مطر بصنعاء و لم يبت القاضي بأمرها على الرغم من وجود الإثباتات و الدلائل التي تؤكد عدم صلاحية هذا الزواج بحسب قولها إلا أن القضاء لم ينطق بعد بالحكم و في كل مرة يتم التأجيل حتى بعد جلسات الصلح التي عقدت بين الزوجين و لكن النتيجة هي ذاتها رغبة المدعية بالانفصال عن المدعي فقد وصلت لحد الكراهية الشديدة له .

تطالب (س.ج) القضاة بالإسراع بالبت بقضايا الخلع أو الفسخ خاصة إذا كانت الزوجة غير قادرة على العيش مع شخص لا تريده و لا ترغب به كزوج .

كما توجه رسالة للنساء اللواتي يعانين العنف النفسي و الجسدي من قبل الزوج تنصحهن بأن لا يخفن في حال وصل الأمر بهن لعدم التحمل فعلى الزوجة أن تترك هذا الرجل طالما أنه لا يُقدر العشرة و لا يحترم الزوجة و أن تعود لأهلها أهون لها من أن تتحمل الظلم من زوجها و أن تتخلى عن مقولة ” نارك و لا جنة أهلي ” فهي مقولة خاطئة و فيها ذل كبير للمرأة . تضيف :” نصيحة للبنات خليك قوية اختاري قرارك صح وادرسيه من جميع النواحي “.

الطلاق عيب

إيمان أم لفتاة تبلغ الخامسة عشرة و فتى في الثالثة عشرة ، و منذ ما يقارب سبع سنوات و هي شبه منفصلة عن زوجها بعد أن قضيا معاً ما يقارب 12 عام من الزواج تطلقت عبر الهاتف و منذ عامين لم تصلها ورقة الطلاق بشكل رسمي رغم مطالبتها المستمرة و لم تلجأ للمحكمة خوفاً على أطفالها أن يتأثروا سلباً كون أمهم رفعت قضية على والدهم خاصة و هما في مرحلة استيعاب .

تؤكد إيمان أنها كانت هي المسؤول الأول عن البيت تزوجت  وعاش زوجها معها في بيت والدها لأنها وحيدة أهلها ، و هي من كانت تصرف على البيت و والديها المسنين ، و زوجها و طفليها ، رغم عصبيته و مزاجيته و طبعه الصامت في معظم الأحيان و بذاءة لسانه حسب قولها إلا أنها صبرت و تحملت خوفاً من والدتها التي كانت ترفض أن تتطلق ابنتها خوفاً من العار و كلام الناس حسب ظنها : ” كلما قلت  اشتي أتطلق أمي تقول لي عيب ما بش واحدة بالأسرة  تطلقت ، اصبري تحملي عشان عيالك تشتي الناس يقولوا مطلقة “. 

  كل ذلك لم يثمر في زوجها بل تعدى ذلك إلى اتهامها بشرفها الأمر الذي جعلها تنهي هذه العلاقة كما تقول : “ كل شيء يهون إلا أن يشك زوجك فيك و يتهمك في شرفك هنا ينتهي كل شيء “.

و بعد تنهد طويل تضيف : “الآن أنا بعد كل تحملي و صبري أصبحت معلقة لأنه طلقني طلقة واحدة بالتلفون أكثر من سنتين مش راضي يجيب ورقتي و لا أنا عارفة وضعي أيش “.

عكس التوقعات

بحث اجتماعي قام به موقع (منصة المرأة العربية) أظهر أن الأسباب المؤدية لزيادة الطلاق بين الدول العربية سببها الاستعجال في اتخاذ قرار الزواج و استقلالية المرأة ماديًا و التوقعات العالية و  المشاكل الاقتصادية

بالإضافة إلى التوقعات العالية التي تتوقعها بعض الفتيات خاصة إن أردن الابتعاد عن سلطة الأب أو الأهل ، فتعتقد أن بيت الزوج هو الملاذ و الخلاص حتى تصطدم بالواقع 

الاستقلالية المادية للمرأة جعلتها أكثر قابلية للتخلي عن الرجل ، خاصة إن كان الزوج غير مرضي لها أو عند وجود خلل سابق في العلاقة ، كذلك المشاكل المادية التي تساعد على زيادة الضغوط النفسية بين الزوجين مما يؤدي إلى خلق توترات في العلاقة العاطفية لعدم القدرة على تلبية الاحتياجات المادية التي تحتاجها الأسرة.

انعدام التفاهم

لو كان الطلاق عيب أو أن المطلقة معيوبة أو ناقصة لما انزل الله في هذا الموضوع آيات في القرآن و لما سميت به إحدى السور” هكذا يبدأ أحد المحاميين حديثه لمنصة نسوان ثم يورد لنا أبرز أسباب زيادة معدلات الطلاق

المحامي محمد عبد المغني يرى أن أسباب الطلاق كثيرة و متشعبة و من تلك الأسباب برأيه هي الأنانية و انعدام التفاهم و أحياناً يكون للعناد دخل في المشاكل التي تؤدي للانفصال و كذلك الظروف الاقتصادية ، و عن إنصاف القانون للمرأة فيما يتعلق برغبتها بالطلاق يقول عبد المغني لمنصة نسوان فويس :

” القانون أنصف المرأة إلى حد كبير و منحها الحق في إنهاء العلاقة الزوجية بإحدى طريقتين الفسخ أو الخلع و لعل الأشهر في اليمن هو الفسخ و قد أعطى القانون المرأة الحق بالفسخ في حالات كثيرة و لم يقيدها بحالة أو بحالتين و من أهم هذه الحالات عند عدم الإنفاق و كذلك في حال حكم على الزوج بعقوبة تزيد عن 3 سنوات سجن في أي قضية ما ،  وجود مرض معدي ، غياب الزوج في مكان مجهول، الكراهية ، سوء سلوك الزوج أو سوء عشرته وفي حال إدمانه للممنوعات وحالات أخرى “.

و يضيف المحامي محمد عبد المغني أن القاضي قد يحكم للمرأة بالفسخ دون هذه الحالات التي ذكرت ، إذا رأى أن استمرار الحياة الزوجية أصبح مستحيلاً أو سيترتب على استمرارها أضرار كبيرة بأحد الزوجين أو بالأسرة عموماً .

و عن ما إذا كان هناك ثغرات في القانون مجحفة في حق المرأة يقول عبد المغني : ” أنا شخصياً أرى أن أول ما يجب تصحيحه هو صيغة عقد الزواج و أن يحدد فيه حقوق و واجبات كلا الزوجين تجاه الآخر و أن يتم عمل ضمانات كشروط جزائية على كل من يخل ببنود العقد و أن يوسع الاختصاص النوعي لنظر قضايا الزوجية و أتمنى أن يخصص لها محاكم خاصة على غرار القضاء المصري الذي أنشأ محاكم نوعية تسمى محاكم الأسرة و ليس مجرد قسم في محكمة يسمى بالقسم الشخصي ” .

أرقام مرصودة

تقارير صحفية كانت قد أشارت إلى أن نسبة الطلاق ارتفعت في العام 2019 إلى ما يقارب 52 ألف و465  حالة طلاق  في محافظات اليمن بشكل عام أي بنسبة 80% .

بدورها وزارة العدل في حكومة صنعاء زودتنا بآخر إحصائية سجلتها و وثقتها المحاكم الخاضعة لسيطرتها ، حصلت منصة نسوان فويس على نسخة منها ، حيث أوضحت الأرقام أن حالات الطلاق المسجلة في المحاكم خلال العام 2019 حتى 2021 بلغت( 11,853) حالة طلاق.

بينما حالات الزواج خلال هذه الثلاثة الأعوام بلغت ( 158,987) ألف حالة زواج وزعت على مختلف المحافظات التي تديرها حكومة صنعاء.  و لوحظ أن أعلى عدد لحالات الطلاق تصدرتها  أمانة العاصمة بواقع (5,284) حالة خلال الأعوام 2019-2020-2021م  تلتها محافظة الحديدة بواقع (3,118) ثم محافظة إب في المرتبة الثالثة بواقع (1,406) بحسب آخر الأرقام المسجلة و الموثقة من قبل المحاكم التي أوردتها وزارة العدل في حكومة صنعاء . 

مقالات اخرى