كعك العيد مصدراً للبهجة و الدخل

شارك المقال

مروى العريقي – نسوان فويس

ما أن تقترب ليالي العيد حتى تستعد النساء فيها لإجراء حملات التنظيف الكبرى في المنزل ، إذ يتم فيها تنظيف كل شبر من الجدران و النوافذ و الأرضية بما في ذلك غسل جميع قطع السجاد في المنزل ، و ذلك احتفاء بقدوم أحد العيدين ، و التي تعد عادة يختص بها المسلمون و من ضمن هذه العادات إعداد الكعك بمختلف أنواعه ، في هذا التقرير نسلط الضوء على بدايات ظهور هذه العادة و تقديم لمحة عن الكعك اليمني الشهير..

اختلف الباحثون في الأصول التي يعود إليها كعك العيد ، و تأرجحت الآراء بين انتمائه لمصر القديمة ، أو للتاريخ الإسلامي ، و وفقاً لمؤرخين فإن تقليد كعك العيد المعروف في أيامنا هذه ، يعود إلى التاريخ الإسلامي و تحديدا عهد الدولة العباسية ، و كان يُصنع و يُوزع في المناسبات الدينية خصوصا عيد الفطر ، و المصريين القدماء صنعوا مخبوزات تشبه الكعك ..

 كعك العيد

و يُعرض في المتحف الإسلامي بالقاهرة قوالب مكتوب عليها عبارات ، كان يتم وضعها على الكعك قبل توزيعه ، و كانت من بين تلك العبارات جمل تهنئ العامة و الخاصة من الشعب بالعيد ، مثل ” كل هنيئاً ، كل واشكر، بالشكر تدوم النعم ” ما يرجح ارتباط الكعك بمصر القديمة و قد خلقت هذه العادة ارتباطاً وثيقاً بين الاحتفال بعيد الفطر و توزيع الكعك ، و من ثم أصبح يطلق عليه ” كعك العيد “

 اليوم تطورت صناعة الكعك و اضيفت إليه أصناف جديدة من الحلويات ، حيث ظهرت تقنيات جديدة أضافت إليه شكلاً متطورًا ، لاسيما مع استخدام الماكينات الحديثة لتحل محل التزين اليدوي الذي كانت النسوة تنقش به الكعك في بيوتهن قبل الذهاب لتسويته في الأفران القريبة منهن.

اشكال عصرية


بفضل امتلاك النساء قنوات على يوتيوب وصفحات على منصات التواصل الاجتماعي و افتتاح عدد منهن مخابز تجارية أضيف إلى المطبخ اليمني أصناف حديثه منها ما تم استحضارها من مطابخ أخرى و اضافة تعديلات عليها و منها ما تم تصنيعها وفقا لرؤية جديدة كما توضح ذلك نورية المطري صاحبة مشروع ” كبانة كيك ” و التي اتخذت من التجديد في صناعة المخبوزات مساراً يميز مشروعها تقول : أنا من بدء صناعة الكبانة كب ، كما أنني أصنعها بأكثر من نكهة بالعسل الشوكولاتة و غيرها ، و كلها تلاقي استحسان الزبائن و تحظى بطلب متزايد ..

 

الكعك اليمني 

يمتاز المطبخ اليمني بتنوع اطباقه سيما الحلويات فلكل محافظة اطباق تشتهر بها ، كما توضح ذلك نسرين إسماعيل ، و هي صانعة حلويات ، ” أنواع الكعك كثيرة يوجد كعك عادي خالي من السكر يطلبه الزبائن طوال السنة ، لأن مذاقه رائع ويُعد وجبة خفيفة و بذات الوقت يشعرك بالشبع ، يتكون من الحليب ، الدقيق الأبيض ، السكر ، الملح ، البيض ، والزيت ” .. 

الذمول 

يُعرف الذمول في أغلب مناطق اليمن ، و بحسب نسرين فهو الأشهر و الأوسع انتشاراً لدى اليمنيين و يحظى بطلب كبير من قبل زبائنها ، يتم تحضيره من الدّقيق الأبيض ، البيض ، القليل من الملح ، السّمن المذاب ، و ملعقة صغيرة من الخميرة الفوريّة النّاعمة ، يغطى الجزء العلوي منه بصفار البيض أو الحليب السائل ثم يرش بحبة البركة ..

الكعك بالتمر


يضاف التمر إلى أحد هذه الأنواع و يطلق عليه كعك بالتمر ، و بحسب نسرين فإن هذا النوع يختلف عن ” المعمول ” المنتشر في دول الخليج ، إذ يصنع من الدقيق الأبيض ، السمن ، البيض ، الماء ، والقليل من الملح ، بخلاف المعمول الذي يصنع من الزبدة ، السمن ، السكر ناعم ، البيض ، الدقيق ، و القليل من الملح والخميرة (البيكينج باودر) و يكون المعمول رطبا بينما الكعك بالتمر هشاً ..


البيتي فور

كغيرهم من الشعوب العربية لا يكتفي اليمنيون بتقديم صنف واحد في احتفالاتهم و خاصة مناسبات العيد ، فتجد البيتي فور أحد أصناف الكعك المتواجد في غالبية المنازل ، على الرغم من صعوبة إعداده إذ يتطلب شراء آلة خاصة به ، و كذا دقة في مزج مكوناته و مهارة في صنعه ، و وفقا لـ نسرين فإن إعداد البيتي فور يتطلب مهارة لتنفيذ جميع مراحله حتى بعد استواءه يجب لمسه بحذر خشية تحطم قطعه و ذلك لهشاشته المفرطة ، خاصة أثناء دهنه بالمربى ..


مصدر دخل

و تعمل نورية من المنزل ، بعد أن خسرت و زميلاتها مشروعهن المشترك بسبب الحرب الدائرة منذ ثمان سنوات ، لكن ايمان نورية بنجاح مشروعها و حبها لإعداد المعجنات و الحلويات جعلاها تُعيد التجربة مجددا و هذه المرة بمفردها ، ما جعلها أنموذجا نسويا ملهما لأخريات ، فزبائنها يجمعون على امتلاكها نكهة فريدة في صنع صنوف الكعك و المعجنات .. 

في حين لم تكن تتوقع أستاذة مادة التربية الإسلامية نسرين إسماعيل أن يصبح الكعك الذي لطالما صنعته أياما بل سنوات و قدمته لضيوفها في المنزل أو كهدية لصديقاتها في مناسباتهن الخاصة ، مصدر دخل لها و لأسرتها بعد أزمة انقطاع رواتب المعلمين ، فلجأت إلى ممارسة هوايتها في إعداد الحلويات و بيعها .. 

و يبقى صنع الكعك على الرغم من إعداده المرهق للنساء، عملا محببا في كل مناسبة تخصهن كحفلات الأعراس و الولاد اللاتي تقام في المنزل، و قد لا يقتصر إعداده في هذه المناسبات فقط ، حيث تفضل عدد من ربات البيوت صنعه بين الحين و الأخر ليظل المطبخ عامراً بالمأكولات حين يجوع صغارهن فيجدون الكعك بانتظارهم.. 

مقالات اخرى