امل وحيش – نسوان فويس
ظاهرة تناول القات ليست بجديدة على المجتمع اليمني، ولكن الجديد هو توسع انتشارها خاصة في أوساط النساء اللواتي كن يتناولن القات بنسبة قليلة منذ زمن، بينما أصبح القات بالنسبة لهن في الوقت الحالي أحد الطقوس اليومية البارزة التي لا تقوم الجلسات ولا الاجتماعات إلا على شرف حضوره.
ولعة أم فراغ؟
تجتمع أم كنان بشكل شبه يومي مع صديقاتها إما في بيت إحداهن أو في بيتها وتقوم بتحضير واجب الضيافة من الكيك والحلويات والشاي تمهيداً للبدء بطقوس القات والشيشة اللذان يعتبران الركيزة الأساسية في هذه الجلسة.
تقول أم كنان: “القات والشيشة ولعة عندي إذا ما خزنت وشيشت مش يوم عندي” لكنها تقول إنها قد تستغني عن القات يوم بل أيام أما الشيشة مستحيل كما تقول فهي طقس خاص بها تخرج به طاقتها السلبية.
وعن السبب الذي جعلها متعاطية قات وشيشة “مولعية” تقول :”كنت أخزن مع أمي وخالاتي وأنا صغيرة كبرت خلاص تعودت” لكنها في الفترة الأخيرة أقبلت بشراهة على تعاطي القات والشيشة متعللة بالأوضاع الصعبة التي جعلت الكثير يفضل البقاء في البيت في الغالب والبقاء فيه يعني نوم وملل أو قات وشيشة مع الصديقات حسب ما تقول.
مريم هي الأخرى تتناول القات والشيشة ولكن ليس بشكل يومي وتقول إن الفراغ والضغوط النفسية التي تمر بها هي من تجعلها تهرب للقات والشيشة ولكنها تؤكد أنها لا تشتري القات مطلقاً وإنما تتناوله مع صديقاتها ،أما الشيشة فهي قد تدخنها مرة إلى مرتين في الأسبوع خاصة إذا كان مزاجها ضيق أو لديها مشاكل مع زوجها فهي تحاول الهرب إلى القات والشيشة كي تنسى وتضيف:” أنا مشاكلي مع زوجي تخليني أشيش بعض الأوقات بجنون مع انه عندي مشكلة في القلب والدكتور منعني من القات والشيشة بس ما اسوي لما تضيق بي ما بش معي إلا أخزن و اشيش انسى شوية فين أروح”.
قات و مداعة
المداعة كانت في الماضي من ضمن العادات اليمنية التي لا تفارق مجالس الرجال حين يجتمعون في أي مناسبة في الديوان الكبير، إلا أن صيتها خفت وحلت محلها الشيشة التي نافستها بقوة ،وإن اختلفت التسميات إلا أن المهمة واحدة وهي التدخين ولكن بحسب مستخدميها يقولون أن هناك فرقاً في الطعم وإن أجمع المختصين بأنه ضرر صحي أياً كان نوعها .
أم (ر.م) متعاطية للقات والمداعة وكذلك الشيشة من قبل أن تتزوج ،وحتى بعد أن تزوجت وأنجبت طفلتين مازالت تتعاطى القات بل أصبح بشكل يومي و تقول أنها تفضل القات مع المداعة لأن لها طعم مختلف حسب قولها. وعن موافقة زوجها تقول: “زوجي عارف اني أخزن بس المداعة منعني منها لأنها مضرة مع ذلك ما قدرت اتركها وأدخن وهو مش عارف لأنه مغترب ولما يرجع أخبيها”.
أما جارتها أم محمد التي تسكن معها بنفس العمارة تقول إنها تخزن ولكن ليس بشكل كبير وأنها أدمنت المداعة ولاترى أن فيها أي ضرر على صحتها أو صحة أطفالها كما تعتقد.
القات منشط
مجالس القات النسائية تخطت حدود البيت وأصبحت حاضرة في الأعراس و العزاء وفي الحدائق والمقاهي وفي المذاكرة أيضا فالطالبات في المدارس والجامعات من أكثر الفئات تناولاً للقات والشيشة ويعللن ذلك بأن القات يساعدهن على المذاكرة والتركيز كما هو حال رباب (اسم مستعار) طالبة جامعية تقول أنها تخزن فقط أثناء الاختبارات بشكل يومي من أجل أن تذاكر وتكون نشيطة ومركزة”.
بينما تخزن مرام طالبة ثانوية بشكل شبه يومي لأن القات كما تدعي يجعل ذهنها صافي ويقلل التوتر لديها من قلق الامتحان بالإضافة إلى أنها تعتبر تناول القات فرصة للقيام بأعمال المنزل كاملة خاصة في الليل.
آراء الجنس الآخر
أنا مسخت زوجتي” هكذا يقول نبيل صاحب مكتب خدمات استشارية مازحاً معلناً تأييده تناول النساء للقات والشيشة ولكن باعتدال حسب قوله :”أنا مسخت زوجتي أو بالأصح علمتها تخزن وتشيش عشان تكون تخزن معي بالبيت. ويضيف “أنا مع إن المرأة تخزن وتشيش لكن بالعقل تخزينه خفيفة مش مثل حق الرجال”.
أما عبده رغم أنه أحد متعاطي القات إلا أنه يرى أن القات آفة على الجنسين حيث يقول:” برأيي القات آفة خبيثة للرجال والنساء” ويضيف: “القات والشيشة مرض احنا كمغتربين نروح اليمن كل فلوسنا اللي جمعناها بغربتنا نهدرها على القات والشيشة للأسف”.
بينما يرى أبو خالد أنه لا مانع من أن تتناول المرأة القات بشكل خفيف لكنه يعترض على أن تدخن أو تشيش فهذا عيب بحسب رأيه.
أما أحمد فيعارض أن تكون زوجته أو أحد أهل بيته يتناولون القات ويرى أن ذلك عيب ويخرج المرأة من طبيعتها الأنثوية إلى منافسة الرجال في التكييفه كما يقول، ويضيف :”يكفي احنا ابتلينا نهم حق التخزينة حقنا ولا نهمهن واننا ندور ما نأكل ولا ما نخزن..”.
من جهته لا يرى غالب وهو مغترب يمني في إسطنبول عيباً في أن تتناول المرأة القات والشيشة ويؤكد أن الأمر يعود لقناعة وثقافة المرأة قائلاً: “برأيي أن هذا الأمر يعود إلى قناعة المرأة وثقافتها وثقافة بيئتها وأهلها ، ولا أرى في ذلك عيبا خاصة إذا كانت المرأة تتناوله بشكل مهذب ولائق وغير يومي، وليس كما يفعل بعض الرجال”. ويضيف غالب: “عني شخصيا.. فأنا يسحرني منظر المرأة وهي “مكيفة” بشكل لطيف ورومنسي على طريقة الجلسات الصنعانية.. ودون أن يطول وقت التخزينة”.
إحصائيات وأرقام
بحسب إحصائيات منظمات الأمم المتحدة فإنه يُقدر عدد من يتعاطون القات بشكل يومي على مستوى العالم بنحو 15 مليون شخص، وفي اليمن تشير بعض التقديرات ان 90% من الرجال في اليمن يتعاطون القات يومياً طيلة ثلاث ساعات إلى أربع ساعات، وقد تناهز نسبة الإناث اللائي يتعاطينه 50% أو أكثر من ذلك، وتشير نتائج إحدى الدراسات التي أُجريت لصالح البنك الدولي في الآونة الأخيرة إلى أنّ 73% من النساء في اليمن يمضغن أوراق القات بشكل متكرّر نسبيا
وتشير دراسات وتقارير محلية إلى أن القات يستحوذ على أكثر من 50% من دخل الأسرة اليمنية البسيط جداً والذي قد لا يتجاوز متوسطة 6 دولارات في اليوم.
من جهتها وزارة الزراعة اليمنية تقدر أن اليمنيون ينفقون 12 مليار كل عام على القات بينما اليمن على حافة المجاعة.
أما عن التدخين فقد سجل اليمن أعلى نسبة في التدخين على مستوى الدول العربية حيث احتلت اليمن المرتبة الأولى بنسبة 29%. وعالمياً تعد اليمن من أعلى النسب في عدد المدخنين ونسبة النساء المدخنات تتجاوز 30% وبحسب دراسة ميدانية محلية فإن نسبة 37% من طلاب الثانوية مدخنين منهم 10% إناث.
رأينا أن هناك كثير من الرجال يتقبل كون المرأة تتناول القات والشيشة ويرون أن ذلك إيجابي خاصة للمرأة المتزوجة.. فيما يرى البعض أن هذا أمر ممقوت ويخرج المرأة عن أنوثتها..