امل وحيش – نسوان فويس
حينما ينشأ الذكر مدللاً والأنثى منسية ، ويصبح التمييز بين الجنسين هو السائد ، من المؤسف في القرن الواحد والعشرين أن تواجه الأنثى خاصة في المجتمعات العربية وفي مجتمعنا اليمني على وجه الخصوص التعصب والتمييز لحساب الذكر وقد يصل الأمر إلى التحريض ضدها كونها مجرد أنثى من قبل أناس أعماهم الجهل وغُيبت عنهم مفاهيم الحقيقة الإلهية في معنى احتواء المرأة وتقديرها.. فكيف يكون ذلك وهم أهلها و السند.
أخي حول حياتي لجحيم
ملاذ إبراهيم (إسم مستعار) من مدينة رداع محافظة البيضاء تبلغ من العمر 33 عاماً شابة جامعية لم يكتب لها الزواج بعد ، فتاة طموحة ولديها أحلام كثيرة كغيرها من النساء والفتيات اللاتي يحلمن بأن يثبتن ذواتهن في مجتمع يرى أن المرأة لا مكان لها سوى البيت.
نشأت وترعرعت ملاذ في أسرة تنتهج التمييز بين الذكر والأنثى كما هو حال معظم الأسر اليمنية وهذا ماكانت ترفضه جملة وتفصيلا وتطالب بحقوقها كأنثى لكن دون جدوى ، لكنها توقفت عن كل ذلك مستسلمة لعادات وتقاليد متوارثة غير منصفة ، مع ذلك قاومت وناضلت حتى انتزعت جزءاً من حقوقها أبرزها التعليم ، أنهت المرحلة الجامعية تلتها الوظيفة كل ذلك تحت تعنيف نفسي وجسدي وإن اختلفت درجاته بحسب ما أكدت لمنصة نسوان.. إلا أن القاعدة انكسرت وأصبح المسيطر أصغر فرد في البيت ولكن أفعاله أكبر بكثير فقد انتزع عنف أخيها الذي يصغرها بأكثر من عشر سنوات حلمها بأن تكمل تعليمها في معهد اللغة الإنجليزية، كما تم منعها من الذهاب لوظيفتها في أحدى المنظمات ، حول الأمر تقول:” أخي حرض والدي علي وكان كل يوم يفتعل المشاكل بسبب عملي حتى أجبرني على ترك المنظمة التي بدأت أشعر بكينونتي واستقلاليتي المادية والنفسية معا منذ أن عملت فيها”.
اضطرت ملاذ أيضاً لارتداء النقاب بأمر إجباري تحت التهديد من قبل أخيها على الرغم من أن لديها مشكلة صحية تتمثل بصعوبة التنفس.
“البيئة اللي انضم إليها أخي ويعيش فيها مليئة بعقول ماتفكرش غير بمنطق العنف والسلاح فكيف بتحب الحياة” هكذا تقول ملاذ
وعن الحالة النفسية التي أوصلها إليها نتيجة تعامله العنيف تقول :” أخي حول حياتي جحيم أصبحت أخاف من أي شي ، أتلفت حولي باستمرار كأن أحد متواجد في المكان من شدة العنف الذي تعرضت له خاصة في السنة الأخيرة حتى وصل الأمر انه أخي كان بيقتلني “.
حرمني من العمرة
تقول ملاذ:” حرمني من المعهد والوظيفة وخلاني أتلثم وفوق هذا حرمني من أداء فريضة العمرة اللي كنت أتمناها بقوة عشان أخرج من الضغط النفسي ولو أيام”. وعن سبب حرمانها من العمرة رغم أن موافقة ولي أمرها هي الأهم تقول :” والدي لا كلمة له فأخي عنيف تجاه الكل صوته هو الأعلى في البيت وإذا مالبينا له طلباته يتعامل بالضرب ويهدد بالسلاح لذلك أبي دايما يقول لي اهجعي من المشاكل..”.
وتسرد لنا كيف أنها أخذت الموافقة والإذن من أخيها بالذهاب إلى العمرة برفقة ابن أختها الشاب منتصف العشرينات كمحرم لها كي لا يتخذ غياب المحرم حجة لمنعها ، وبعد موافقته بدأت بتجهيز أوراقها وقبل المغادرة أكدت عليه كي لا يتراجع عن قراره وأكد لها أن لا مانع من سفرها..وفي اللحظات الأخيرة بعد أن كانت فرحتها عارمة بأنها ستزور بيت الله حدث ما كانت تخشاه تقول : “انكسرت وصدمت بعدما جهزت شنطتي وقد أنا أودع أمي وأبي وخواتي فجأة جاء أخي نسف كل شي وهددني بالسلاح و قال لو تخرجي هي رصاصة وتجلسي بالزوة” كانت رحلة العمرة ملاذها الروحي للهروب من جحيم حياتها والمعاملة السيئة التي تتلقاها ..
بغصة تلقي ملاذ اللوم على والدها فهو كما تقول السبب الأول وراء قسوة وعنف أخيها تجاهها :”من وهو صغير وأبي مدلع له وموفر له كل شي لأنه معه محلات تجارية وكل ما طلبه أخي وفره وأنا لما كنت أدرس بالجامعة كان مصروفي 200 ريال ولو طلبت زيادة كنت أتعرض للعنف النفسي ..أبي هو اللي خلاه يتمرد ويتحكم بنا..”.
معاملة سيئة وتعنيف و حرمان من أبسط الحقوق بطلها الأخ الأصغر وسط ضعف سلطة رب الأسرة الذي لا يحرك ساكنا الأمر الذي جعل ملاذ تفكر بطرق أخرى للهروب من المنزل بدافع الخلاص من العنف الأسري الذي حطم نفسيتها وجعلها شخصية مستسلمة بعد أن كانت قوية محلقة في عالم الطموح وكما تقول أنها قد تفعلها يوماً إن استمر هذا العنف.العنف الأسري الموجه ضد المرأة يولد من البيت ويكبر في الشارع وينشأ ويترعرع في كل مناحي الحياة والنتيجة قصص عنف يدمي لها القلب ضحيتها الأولى والأخيرة هي المرأة وشبيهات ملاذ ، في مجتمعنا كثر هن اللواتي نشأن رهينة لعادات وتقاليد مجتمعية خاطئة متمثلة بأن الذكر هو الحارس والحامي وأن الأنثى هي المطيعة التي لا يحق لها قول لا وإن قالت لا فالعنف هو ما سيطالها.