أمة الرحمن العفوري _ نسوان فويس
ينظر الجميع لليمن على أنها بلد قمعي من حيث حقوق المرأة وتصدرها جوانب الحياة العملية، وأن المجتمع اليمني يحرمها من حقها في ممارسة الحياة العلمية والعملية، وخاصة بعد أن تزايد الفقر بسبب الحرب والعوامل السياسية التي أدّت إلى انهيار الإقتصاد. وقد تصدرت المرأة اليمنية منذ ثمان سنوات قوائم المؤسسات والمنظمات المناصرة لحقوق المرأة سواءً على المستوى المحلي أو الدولي، لكن هذا لم يشكل فارق كبير في وضعها المتدهور، فالعامل الأول لتنتصر لحقوقها وتشارك في كل ميادين الحياة لازال غير معترف لها بأي حق، وهذا العمل الذي أقصده هو الأسرة، فالأسرة هي من تنتصر لحقوق بناتها أو تنكرها وتسلبها، وللأسف لازالت هناك الكثير من الأسر والعائلات تتجه لقمع وتجاهل كل حق لبناتهن سواء في التعليم أو العمل، إلا أن هناك من أعطوا بناتهن ونسائهن الرعاية الكاملة ووفروا لهن كافة الإحتياجات ومنحوهن حقوقهن وجعلوهن من أولى إهتماماتهم حتى أصبحن اليوم رقم صعب في المجتمع، وكنموذج للمرأة الناجحة التي استطاعت الحصول على حقوقها واثبات دورها في بناء المجتمع العملي بدعم من أسرتها واصدقاؤها المقربون، الشابة “دعاء نبيل” التي ترى أن موردها الأساسي بالحياة والديها اللذان منحاها الدعم والثقة وحقها في التعليم والعمل والسفر وأخذ القرار، حيث بدأت بالعمل من الثانوية العامة رغم أن والديها وفرا لها هي وشقيقتها سبل العيش والرفاهية، إلا أنها أحبت العمل لإثبات نفسها من وقت مبكر جدا، فدعما قرارها وشجعاها. عملت “دعاء” في العديد من المجالات إبتداءً من المشاريع الخاصة، ثم موظفة كسكرتيرة في القطاع الخاص، بعدها توقفت لفترة بعد الثانوية العامة برغبة منها، مع استمرار أهلها بدعمها ومؤزرتها في كل قرراتها، وبعد التحاقها بالكلية في عام 2011 عملت في مجال تخصصها (الصحافة والإعلام) فكتبت التقارير والاستطلاعات والتحقيقات الصحفية، والحوارات السياسية، وبعد تخرجها من كلية الآداب جامعة عدن، عملت في المجتمع المدني ،وأصبحت من المهتمين بالشأن السياسي والحقوقي، ووفر لها أهلها الدعم والتشجيع لتوسع دائرة طموحها وتحقق أحلامها، فحصلت على العديد من الفرص للسفر إلى خارج اليمن سواءاً للمشاركة في مؤتمرات ولقاءات، أو لتدريب وتطوير المهارات، وقد حصلت على تدريب “TOT” للصحفيات من مركز الإعلاميات العربيات للدراسات والبحوث، كما شاركت في إعداد بحوث عن انتهاكات النساء في اليمن للجامعة الأمريكية ببيروت، ونالت عضوية شبكة الصحفيات اليمنيات للشبكة الإقليمية للإعلاميات العربيات، ومشاورات عدن، وعضويات أخرى منها الشبابية والنسوية، وتعمل حالياً مديراً للمكتب الإعلامي لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم الفني والتدريب المهني، كأول شابة حصلت على هذا المنصب في المؤسسات الحكومية اليمنية، وبفضل ثقة أهلها واصدقاءها ودعمهم ومؤازرتهم لها تجاوزت الصعوبات، واستقلت وتقدمت وأثبت نفسها كركن أساسي من المجتمع المهني والعملي الذي هي في دائرته.
ويؤكد الباحث الإجتماعي (ماهر شير) على أهمية توفير الموارد للنساء والفتيات بقوله: ” إن المرأة لعبت دوراً كبيراً وريادياً في الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى العسكري، على مر العصور القديمة ولا يغفل غافل ذكر بلقيس وأروى اللتان حكمتا اليمن في عصرين مختلفين وازهرت اليمن في ظل حكمهما، والإسلام لم يفرق بين المرأة والرجل، بل كرم المرأة وعظم من شأنها، فكان لها أدوار مهمة في خدمة المجتمع الإسلامي منذ بداية الدعوة، وعليه يجب علينا كمجتمع مسلم وكإحترام منا للاسلام وتعاليمه أن نغير النظرة القاصرة للمرأة، والشاهد على أهمية المرأة في المجتمع ظهور شخصيات ذكورية معروفة كان لها هي الأفضلية في صنعتها، كما أن هناك أمثلة في عصرنا الحالي وصلت إلى الريادة ومثال على ذلك المستشارة الألمانية أنجيلا وميركل وغيرها الكثيرات من الرائدات في عصرنا اللواتي اظهروا قدرتهم على القيادة والريادة ولعب دور فعال في المجتمعات، وعلى الرغم أن هناك تقصير في حق المرأة إلا أنها تحاول إثبات ذاتها وحقها”.
واضاف:” وفي حالة توفر الدعم اللازم من الأسرة والمجتمع فسوف نجد الكثير من الرائدات والمطورات في مجتمعنا، وسيكون للمرأة دور كبير جدا في مختلف جوانب الحياة، وهناك نساء عظيمات في مجالات عدة فيها المهندسة والدكتورة والمحامية والمعلمة التي لها فخر أن تربي أجيال وتخرجهم إلى مجتمع ناجح ومتعلم ومثقف ويعرف أن للمرأة تثر ودور مهم تقوم به فتتغير نظرتنا اتجاه المرأة وتقديم الدعم والشكر والعرفان لها، ولعل احتفالاتنا بيوم المرأة العالمي في الأول من مارس من كل عام هو إعتراف منا على أن للمرأة دورا فعالا وبارز في المجتمع”.
لا يمكن أن لا نلاحظ دور المرأة العاملة والحاصلة على شهادة تعليمية في النهوض بمستوى أسرتها وعائلتها المادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي، سواء أكانت ربة منزل أُم وزوجة، أو فرد منه ابنة وشقيقة، فهي إلى جانب أنها تساعد بدخلها في تخفيف حدة الفقر وتوفير سبل معيشة أفضل لها ولهم، تساهم في النهوض والرقيّ بهم اجتماعياً وثقافياً وتعليمياً فنرى في كل منزل فيه امرأة متعلمة موظفة وعاملة نموذج للبيت الأسري الأكثر أتزان واستقرار من باقي الأسر التي ينقصها وجود مشابه لإمرأة حصلت على حقها في المشاركة ببناء أسرتها ومجتمعها والأرتقاء بهم، فتركت بصمة جمالها ولطفها وغريزتها الفطرية في حب النظام والتطور والإرتقاء على كل من وما في محيطها.