مروى العريقي – نسوان فويس
يصحو عبد الحميد هزاع قبل أذان الفجر ما أن ينهي صلاته حتى ينطلق صوب مركز الأورام في المستشفى الجمهوري بالعاصمة صنعاء، ينتظر دوره في الحصول على العلاج المجاني لزوجته المصابة بورم خبيث..
طالما شكت زوجة عبد الحميد من آلام في ثديها ولم تزر أي طبيب بسبب سوء حالة زوجها وحين بدأ الألم يصل إلى يدها ولم تتمكن من إتمام مهام المنزل قررت الذهاب إلى الطبيب، ولكن بعد فوات الأوان..
الكشف المبكر
كشفت الفحوصات الطبية الخاصة بها اصابتها بالدرجة الثالثة من سرطان الثدي وهي المرحلة المتأخرة من هذا المرض، إذ يمكن التعافي منه في مراحله الأولى والثانية، بعد أخذ الجرعات الكيماوية التي يحددها الطبيب المختص وقد يصل العلاج إلى جرعات الاشعاع وذلك بحسب الحالة المرضية..
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية في العام 2014 إلى أن عدد الحالات التي تصاب بالسرطان في اليمن تصل إلى 22 ألف حالة جديدة سنوياً، 40% منهم يتمكنون من الشفاء، في حين 60% يلقون حتفهم، بما يقدر بـ 12 ألف شخص يموتون سنوياً، في ظل عدم وجود إمكانيات في مراكز الأورام لعلاج هؤلاء المرضى..
يقول عبد الحميد وهو معلم لمادة التربية الإسلامية في إحدى مدارس مدينة الحديدة – غرب البلاد – لموقع نسوان فويس: “كنا نسمع عن هذا المرض لكن ما توقعت ابداً أن يصيب أحد أفراد أسرتي به، والمشكلة الأكبر أنه مرض يستنزفك جسدياً ومعنوياً ويستنزف كل أسرتك مالياً “..
كغيره من المعلمين اليمنيين المنقطع رواتبهم منذ سبتمبر في العام 2016 لا يملك المال للعلاج أو حتى للسفر، فتظافرت جهود الأقرباء والأصدقاء حتى تمكن من نقل زوجته إلى العاصمة صنعاء حيث تواجد المركز المختص بعلاج الأورام وإمكانية تلقي العلاج المجاني فيه..
نفقات باهضة
رحلة علاجية استمرت لأشهر معدودة وصفها عبد الحميد بالصعبة والمرة “كانت رحلة صعبة، ومُرة بذات الوقت، لا أريدها أن تتكرر لأحد، لأول مرة بحياتي يوصف الطبيب علاج ولا أستطيع تحمل نفقاته بسبب توقف راتبي، واضطر ابحث عن الارخص أو المجان”..
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإنه تُعزى حوالي ثلث الوفيات الناجمة عن السرطان إلى عدة عوامل منها إنخفاض مدخول الجسم من الفواكه والخضروات، وقلّة ممارسة النشاط البدني، فقد عجز عبد الحميد عن توفير الغذاء الصحي لزوجته، يتذكر ما مر به من ظرف صعب يصمت قليلا ثم يواصل: “مريض السرطان يحتاج للغذاء الجيد والمتكامل، غذاءه يحتاج إلى ميزانية كبيرة لم أستطع توفيرها لزوجتي”..
غارقٌ في ديونه، مهمومًا في عجزه عن دفع البلاء، هكذا انتهت رحلة علاج عبد الحميد لأم أبناءه الخمسة بحزن على رحيلها، وحسرة على أبناءه الذين كانوا ينتظرون عودة أمهم، فوجدوا أباهم وحيدا راضياً بما كتبه الله لهم..
وفي الوقت الذي ترجح فيه منظمة الصحة العالمية وفاة مريض واحد بالسرطان من بين 6 وفيات بالعالم، يشير الأطباء إلى أن أسباب الوفاة بمرض السرطان هو عدم المعرفة المبكرة بالمرض، مؤكدين تعافي الكثير من الحالات بالكشف المبكر عنه والالتزام بالخطة العلاجية المقررة..