تشهد الدنمارك تجارب رائدة على نوع جديد من الألواح الشمسية الشفافة، قادرة على توليد طاقة تفوق نظيراتها التقليدية بنسبة تتجاوز 50%، وكل ذلك من خلال نوافذ لا يمكن تمييزها عن الزجاج العادي.
في إطار مشروع أوروبي مشترك تحت مظلة “CitySolar”، يعمل علماء من جامعة جنوب الدنمارك (SDU) إلى جانب فرق بحثية من سبع دول أخرى على تطوير خلايا شمسية شفافة بفعالية تصل إلى 12.3%، وهي نسبة قياسية في هذا المجال. هذه الخلايا ليست مجرد ألواح، بل نوافذ زجاجية تسمح بمرور الضوء بنسبة 30%، وتولّد الكهرباء في الوقت ذاته، وفقًا لما ذكره موقع Eco Portal .
التحدي الأكبر الذي واجه هذا النوع من التكنولوجيا كان دائمًا تحقيق التوازن بين نفاذ الضوء وكفاءة توليد الطاقة، لكن الفريق البحثي نجح في تجاوز هذه العقبة عبر تصميم طبقات متخصصة تلتقط أجزاء من الطيف الضوئي غير المرئي، مثل الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء، دون التأثير على شفافية الزجاج.
مدن زجاجية تتحول إلى محطات طاقة
يرى الخبراء في هذه التقنية فرصة ذهبية لتحويل المباني الزجاجية المنتشرة في المدن الأوروبية إلى مصادر طاقة متجددة، دون الحاجة إلى إنشاء مشاريع ضخمة على الأرض أو في البحر. فمن محطات الحافلات إلى ناطحات السحاب، يمكن لكل نافذة أن تصبح مولّدًا كهربائيًا صامتًا.
ويكتسب هذا الابتكار أهمية خاصة في أوروبا، حيث يستهلك قطاع البناء نسبة كبيرة من الطاقة، النوافذ الشمسية قد تسهم في تقليل الانبعاثات وتوفير الطاقة للمنازل والمكاتب، دون أي تغييرات جذرية في البنية المعمارية.
كيف تعمل هذه الخلايا الشفافة؟
يعتمد التصميم على هيكل ترادفي يجمع بين طبقتين ضوئيتين: الأولى من مادة البيروفسكايت التي تمتص الأشعة فوق البنفسجية، والثانية من بوليمر عضوي يلتقط الأشعة تحت الحمراء. هذا الدمج يتيح توليد الطاقة من طيف ضوئي أوسع، مع الحفاظ على وظيفة النافذة كعنصر إنارة طبيعي.
وقد تم تحسين الطبقات والطلاءات العاكسة بدقة، ما سمح بتحقيق التوازن بين الشفافية والكفاءة. ففي السابق لم تتجاوز كفاءة هذا النوع من الخلايا 8 أو 9%، لكن مشروع CitySolar رفع السقف إلى مستويات غير مسبوقة.
تحديات أمام التوسع
رغم النجاح الكبير في المختبر، لا تزال هذه التقنية في مرحلة النماذج الأولية، حيث يتم اختبارها على قطع صغيرة مدمجة في نوافذ تجريبية. وتشمل التحديات المقبلة ضمان المتانة، وخفض التكاليف، والالتزام بمعايير البناء والسلامة.
لكن إذا نجحت هذه النوافذ الشمسية في تجاوز العقبات، فقد تمثل نقطة تحول في مستقبل الطاقة، وتفتح الباب أمام مدن تعتمد على واجهاتها الزجاجية لتوليد الكهرباء النظيفة، دون أن تفقد بريقها المعماري.
اليمن: الحاجة الماسة للطاقة.. هل النوافذ الشمسية هي الحل؟
يكتسب هذا الابتكار الدنماركي أهمية مضاعفة عند النظر إليه من منظور دول تعاني من أزمات طاقة مزمنة، كاليمن. ففي ظل انعدام شبه كامل للتيار الكهربائي الحكومي لسنوات طويلة، والاعتماد المتزايد على الطاقة الشمسية التقليدية (الألواح المعرضة)، يمكن أن تمثل هذه التقنية الشفافة حلاً جذرياً لمشكلة حيوية.
وبفضل موقع اليمن الجغرافي، إذ يتمتع بأشعة شمس قوية ومستمرة على مدار العام، مما يجعله بيئة مثالية للاستفادة القصوى من أي تقنية شمسية.
وتنتشر في المدن اليمنية (خاصة في المباني التجارية والمنشآت الحديثة نسبياً) واجهات زجاجية يمكن أن تتحول، في حال توفر هذه التقنية، إلى مصادر نظيفة للطاقة دون تشويه للمظهر المعماري أو الحاجة لمساحات إضافية.
التحديات التي تواجهه تنفيذها في اليمن:
تحديات الاستيراد والتكلفة، حيث لا تزال تكلفة هذه التقنيات المتقدمة باهظة، وسيكون استيرادها وصيانتها تحدياً كبيراً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة باليمن.
ولعل أبرز صعوبة هي البنية التحتية، إذ تحتاج هذه التقنيات إلى بنية تحتية هندسية وفنية متطورة لتركيبها وربطها بالشبكات (حتى لو كانت محلية أو فردية)، وهو ما قد يكون صعباً في اليمن حالياً.
كما يتطلب إدخال مثل هذه التكنولوجيا التوعية الواسعة وتدريباً للكوادر المحلية على تركيبها وصيانتها.
رغم أن التقنية لا تزال في مراحلها التجريبية، إلا أن الأمل يحدو الكثيرين بأن تصل هذه الحلول المبتكرة يوماً ما إلى بلادنا، لتوفر بارقة أمل في حل أزمة الطاقة المستمرة التي تؤثر على جميع جوانب الحياة.
المصدر: مواقع عربية

