فرح علي تكتب لنسوان: صناعة الحياة

شارك المقال

افراح علي – نسوان فويس 

أمي..

مارأيك تجربي هذه الطبخة سهلة ومغذية..

بنتي..

معي دبة غاز واحدة خلال شهر كامل، أنام وأنا خايفة تنتهي وأصحى وأنا أحسب كم بقي..

هذه أبسط جزئيات المعاناة في بلد لديه من الثروات مايُمكّنُه من العيش بكرامة..

تبصر المعاناة في وطنك فيعتصر قلبك ليقطر حزنا وهما وكمدا..

في القرن الواحد والعشرين ينادون بتقلد المرأة للمناصب السيادية، أقول لهم: في وطني المرأة تقلدت كل مهمام الرجال، انتزعوا من أحضانها ولدها في أحسن الأحوال أعادوا جثته، حرموها من شريك حياتها حين غيبوه في السجن، فصارت أما وأبا لصغارها، حرموها من راتبها وراتب زوجها، فتجرعت ذل الحاجة، ونهشتها الهموم بلا رحمة..

تبحث عن أخ يشد عضدها يواسيها يكفكف دمعها، فتجده بين الجرحى يأن لحالها ويتألم لجراحه..

كانت تحلم بمستقبل لفلذات أكبادها، ولكنها اليوم تحمل هم يومها ماذا تطعهم وأنى لها بكسوتهم..

الحرب لعنة..

تقتات الروح وتنهش القلب وتدمر الجسد..

الحرب نار تلظى، سعير تصرخ من  شمسها وزمهريرها..

ليس من رأى كمن سمع

اسألوا عن الحرب نازح فتت الحياة كبده..

اسألوا عن الحرب غني افتقر

وعزيز ذل، وقوي ضعف..

اسألوا عن الحرب معلم يعمل في مطعم..

ودكتور جامعي يحمل أكياس القمح بأجرة يومه..

اسألوا عن الحرب فتاة كانت أميرة بين أهلها، فأذلوها في الزنازين..

اسألوا عن الحرب أولاد الشهيد الذين لا يجدون فتاتا يسد رمقهم ولا قسط مدرستهم..

اسألوا عن الحرب أطفال زرع الخوف أنيابه في نفوسهم، فأورثهم الأمراض والعلل والخوف والرعب..

اسألوا عن الحرب المساجد كيف صارت مراتع للشياطين؟!

اسالوا عن الحرب طالب فقد مدرسته وجامعته ومركز بحثه..

اسألوا عن الحرب عجوز هجرت وشيخ أهين وأخت رملت..

اسألوا عن الحرب تجارها الذين يتطاولون في البنيان على رفات شعب مطحون..

المرأة في وطني.. تقتات الألم تحلم بوطن، تسعى بأمل لأجل من بقي من عائلتها..

أبسط مقومات الحياة فقدتها ماء كهرباء غاز أمان ومال..

فصارت أما وأبا أخا وعائلا..

المرأة في وطني..

تنوء بحمل مايعجز عن حمله الرجال..

تلك القارورة حطمت وسحقت..

تلاشت وصية الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم: “رفقا بالقوارير”

“استوصوا بالنساء خيرا”.

المرأة لا تحتاج لمن ينادي بتحريرها، فهي حرة منذ فجر الإسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..

المرأة بحاجة لحقوقها وحاجياتها الضرورية قبل السياسية.

الاجتماعية قبل السيادية..

في الجاهلية دفنوا الفتاة حية، وهاهو التاريخ يعيد نفسه تدفن حية ولكن بصورة أخرى انتزعوا قلبها، وقصوا أجنحتها ومزقوا أحشائها، فماتت وهي على قيد الحياة..

المرأة اليمنية.. تحتاج أمان يعيد لها كرامتها، وعائلتها..

ومابعد ذلك ستصنعه بنفسها..

مقالات اخرى