تعز – نسوان فويس
عقدت منصة “نسوان” يوم السبت جلسة نقاش افتراضية تحت عنوان: “المرأة اليمنية: تحديات الوصول إلى مراكز صنع القرار”، وقد أدارت الجلسة الإعلامية آسيا ثابت، وشاركت فيها نخبة من الأكاديميات والمحاميات والناشطات.
الجلسة التي افتتحت بدقيقة صمت حداداً على روح افتهان المشهري، كشفت عن انتكاسة خطيرة تواجه مشاركة المرأة، مؤكدة أن الإقصاء هو نتيجة لهيمنة سياسية ذكورية وانهيار أمني ومؤسسي.
التحديات السياسية والأمنية… العنف سلاح الإقصاء
قدمت الأستاذة صباح راجح، القائم بأعمال رئيسة اتحاد نساء اليمن، تحليلاً للتحديات السياسية والمؤسسية، مشيرة إلى أنَّ هيمنة الهياكل الذكورية وغياب الدعم المؤسسي يحول دون وصول المرأة إلى مواقع القرار.
وقد أبرزت الأستاذة راجح التحديات الأمنية كعائق رئيسي تمثلت في :الاعتداءات الممنهجة التي تتعرض لها النساء سواء الجسدية أو اللفظية أو التحريض الديني لردعهن عن العمل العام. وعجز الدولة عن تقديم الحماية مشيرة إلى حادثة اغتيال افتهان المشهري كـمؤشر خطير ودليل على فشل الدولة في حماية موظفيها وناشطيها، حتى بعد تقديم البلاغات، مما يضاعف شعور الناشطات بالخطر.
مناصب بلا صلاحيات
في المحور الثاني من الجلسة، شددت المحامية أمل محمد الصبري على أن الإشكال لا يقف عند حدود السياسة، بل يتغلغل في الإجراءات الإدارية.
وقد أوضحت الصبري أنَّ ضعف صورة المرأة ينبع أساساً من تعارض القانون الرسمي مع الأعراف الاجتماعية التي تُقيّد دورها الفعلي وتُكبّل حركتها المؤسسية.
وأشارت إلى أنه يتم تهميش النساء من خلال آليات بيروقراطية معقدة، حيث يتم تعيينهن في “مناصب شكلية تفتقر إلى الصلاحيات الفعلية”، بينما تتم التعيينات الرئيسية وفق “المعرفة” (الواسطة) بدلاً من الكفاءة.
ونوهت الصبري إلى ضعف آليات الرقابة إذ أن هناك غياب لآليات واضحة لتمثيل المرأة في النقابات، وتدني لفرص التدريب والتأهيل.
انتكاسة بفعل القوة التقليدية
في المحور الثالث أوضحت الكاتبة والأكاديمية الدكتورة بلقيس محمد علون أن التراجع في وضع المرأة هو “انتكاسة كبيرة” سببها الرئيسي هو القوة التقليدية الاجتماعية التي تعمل في ظل هشاشة الدولة وغياب القانون.
وقالت الدكتورة علون: “يُنظر إلى وصول المرأة للمناصب كـ ‘خرق للأعراف’ بدلاً من كونه استحقاقاً. ويتم استخدام اتهام المرأة بالتقصير في حق أسرتها كأداة لإقصائها من المجال العام.” كما انتقدت الدور الذي لعبه الإعلام النمطي في تكريس الصورة السلبية للمرأة وتهميش الكفاءات التي “تستحق منصب وزيرة وأكثر”.
واقع سيء وأمل متجدد
وأثريت الجلسة بالعديد من المداخلات، إذ سلطت الإعلامية حنان طه الضوء على التأثير السلبي لغياب الأمن، مؤكدة أن حادثة اغتيال افتهان المشهري أحدثت صدمة نفسية عميقة على النساء باختلاف مساحاتهن الجغرافية.
وأشارت طه إلى أن المشكلة لا تقف عند التهديدات الأمنية، بل تتجسد في “محاربة النساء وإقصائهن” نتيجة لرغبتهن الفطرية في ترك بصمة وإثبات الكفاءة في العمل، محذرة من ظاهرة التسرب الكبير للفتيات من التعليم بشقيه الأساسي والجامعي.
وفي الإطار القانوني، أشارت المحامية رغدة المقطري إلى التقصير الجسيم للأحزاب السياسية في ترشيح النساء، حيث يتم ترهيبهن مجتمعياً عبر رسائل تحذيرية في الشارع، مما يثير الخوف من المشاركة.
ودعت المقطري إلى ضرورة تضافر الجهود النسائية لإعادة إحياء مسودة قانون العنف القائم على النوع الاجتماعي في مجال العمل، والعمل بجدية للوصول إلى تشريعه.
قوة التكاتف والإرادة الداخلية
وفي تعقيبها على المداخلات، أكدت الأستاذة صباح راجح أن قوة التكاتف النسائي أثبتت فعاليتها، مشيرة إلى أن الإدانة الواسعة لجريمة اغتيال افتهان المشهري وصلت إلى المبعوث الأممي، مما حرك القضية دولياً.
وشددت على أن هذا التحرك يؤكد أنَّ قوة النساء المتكاتفة قادرة على الضغط على الفاعل المحلي عبر المجتمع الدولي.
من جانبها، علّقت الدكتورة بلقيس محمد علون برؤية متفائلة لكن واقعية، قائلة: “أعوّل على ‘المارد’ الذي داخل اليمني، ولا أعوّل على القيادات، فنحن شعب لسنا مُرفهين، بل عايشنا أحداثاً صعبة وتكيفنا معها.”
وأشارت إلى أن الطاقة الكامنة في المجتمع اليمني، التي تظهر في الجهود المجتمعية لإصلاح الطرقات والتعليم، إذا استُنفذت بشكل صحيح، يمكن أن تحدث التغيير.
كما أكدت الدكتورة بلقيس أن “معركة الوعي المجتمعي” هي الأساس، مشددة على أن “وصول المرأة ليس فضلاً أو ديكوراً، بل هو حق لشريحة أساسية وكفؤة”.
واختتمت المحامية أمل محمد الصبري بالقول إن الورشة وفرت دعماً نفسياً تحتاج إليه الكثيرات، مؤكدة أن الفرصة سانحة الآن لتغيير السياسات والقوانين لتضمن مشاركة المرأة بشكل واسع وشامل.
داعية إلى إصلاح إداري شامل وتطبيق التمييز الإيجابي في التوظيف والترقية، وتفعيل الرقابة النسائية لضمان العدالة.

