المنصات الإعلامية وقضايا المرأة في اليمن.. حضورٌ واعدٌ يتطلب جهوداً مضاعفة

شارك المقال

أمل وحيش – نسوان فويس 

في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم، شهدت السنوات القليلة الماضية ولادة عشرات المنصات الرقمية الإعلامية اليمنية ذات التوجهات المختلفة. ومع ذلك، لا تزال قلة من هذه المنصات تتبنى قضايا وشؤون المرأة، خاصة تلك الحساسة منها التي يواجه التطرق إليها قيوداً مجتمعية كبيرة.

يرى الكثيرون أن ظهور هذه المنصات الإلكترونية يمثل خطوة إيجابية نحو تعزيز مفهوم الحرية الإعلامية، كما أنها تُشكل نافذة مهمة يطل منها المجتمع على العديد من القضايا المتعلقة بالمرأة، والتي كانت سابقاً حبيسة القيود المجتمعية التي يصعب تجاوزها.

الفضاء الرقمي

تُوضح الدكتورة نوال الحزورة، أستاذ الإذاعة والتلفزيون المشارك بكلية الإعلام جامعة صنعاء، أهمية المنصات الإعلامية ودورها في تبني قضايا المرأة وشؤونها.

تُشير إلى أنه مع تطور ثورة تكنولوجيا المعلومات وازدحام الفضاء الإلكتروني بالمنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، أصبح من الطبيعي وجود منصات خاصة بالمرأة تهتم بقضاياها وتلبي احتياجاتها سواء الخاصة أو العامة.

وتُضيف الدكتورة الحزورة أن المرأة لا تزال تعاني من النظرة المجتمعية الدونية وتنميط أدوارها الاجتماعية بسبب العادات والتقاليد التي تُعظم من الوجود الذكوري. ومع ذلك، فقد استطاعت المرأة إيجاد صوت لها في مختلف وسائل الاتصال الصحفية وفي بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية.

وتُشدد على أن الفضاء الإلكتروني يُعد “أكثر اتساعاً ورحابة لطرح قضايا النساء، وكذلك أكثر حرية وأقل كلفة”، مما يجعله وسيلة مثالية لإيصال صوت المرأة اليمنية إلى الجميع، سواء في الداخل أو الخارج، وعرض إنجازاتهن وآرائهن حول مختلف القضايا ومجريات الأحداث.

تُثني الدكتورة الحزورة على تعدد المنصات وأهميتها في تبني قضايا المرأة، معتبرة إياه أمراً إيجابياً. بيد أنها تُشير إلى أن المنصات النسوية المتخصصة ما تزال بحاجة لبذل المزيد من الجهد ليكون لها حضور فاعل يُمكنها من أداء دورها الحيوي في خدمة قضايا المرأة اليمنية.

كسر المعتقدات ودعم الحقوق

بدورها، ترى الناشطة الحقوقية إسراء السقاف أن وجود منصات تهتم بقضايا النساء يُعد أمراً مهماً. وتنبع هذه الأهمية من التغيير الذي يُمكن أن تُحدثه هذه المنصات في السلوكيات والمعتقدات الموروثة الخاطئة التي تُميز بشكل كبير بين النساء والرجال.

وتُضيف السقاف أن من الإيجابيات الأخرى لهذه المنصات توفير مساحة آمنة للنساء للتعبير عن قضاياهن ومخاوفهن والصعوبات التي تواجهن، فضلاً عن تعزيز الحوار العام حول المساواة والعدالة الاجتماعية ومساعدة النساء على المطالبة بحقوقهن.

تتفق السقاف مع رأي الدكتورة الحزورة بضرورة تكثيف الجهود من قبل بعض المنصات الإعلامية لدعم ومناصرة قضايا المرأة، خاصة في المجتمع اليمني الذي يحتاج، برأيها، إلى الكثير من الجهد لتغيير أفكاره ومعتقداته السلبية تجاه النساء.

 

من جانبها، تُشير الصحفية منال أمين، رئيسة تحرير صحيفة صوت الأمل والمرأة في التنمية والسلام، إلى أهمية تزايد عدد المنصات الإعلامية التي تهتم بقضايا المرأة، خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد بسبب الصراع الذي ألقى بظلاله على المرأة.

وتُوضح أن هذه المنصات أصبحت تُناقش قضايا كانت في السابق غير قابلة للنقاش بشكل تفصيلي، مثل قضايا العنف ضد المرأة، والزواج المبكر، وختان الإناث، وغيرها من القضايا التي تهم المرأة على وجه الخصوص والمجتمع بشكل عام.

تعتبر أمين أن هذه المنصات أضحت مصدراً مهماً للمعلومات للعديد من الباحثين عن المعلومة التي تخص المرأة، إضافة إلى كونها منبراً للتغيير. فـ”المنصات الإعلامية في اليمن تُعد مصدراً للكثير من الباحثين عن المعلومة خاصة في قضايا المرأة، كما أنها تُعطي هذه المنصات للنساء اليمنيات مساحة للتعبير عن آرائهن، وتُساعدهن على المطالبة بحقوقهن، وتُساهم في دفع التغيير الاجتماعي.”

وبمناسبة مرور خمسة أعوام على تأسيس منصة “نسوان فويس”، تُشيد أمين، بصفتها متابعة دائمة، بأن المنصة تُعد من أهم المنصات الإعلامية اليمنية التي تهتم بقضايا المرأة بكل تفاصيلها.

وتُؤكد أن “أجمل ما فيها أنها تُناقش كافة القضايا التي تخص المرأة بكل حيادية وشفافية، وتُقدم معالجات وقصص نجاح ونماذج حقيقية لنساء مكافحات، أعطت صورة إيجابية حول قدرة المرأة على مواجهة التحديات والصعوبات التي تواجهها من تداعيات الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من تسع سنوات.” وتتمنى أمين للمنصة المزيد من النجاح والتوفيق في طرحها للقضايا التي تهم المرأة اليمنية.

كسر التابوهات 

تُؤكد منال شرف، مُعدة ومُقدمة برامج لدى قناة الجمهورية، أن “وجود منصات إعلامية مختصة بطرح قضايا المرأة هو نقطة مهمة لصالح كسر التابوهات المحاطة بالنساء اليمنيات، وبأهمية التعامل معهن كفرد مجتمعي له من الحقوق والواجبات ما للطرف الآخر.”

تُشير شرف إلى أن تطرق هذه المنصات للقضايا التي تُعنى بالمرأة سيعود بالنفع والتغيير ليس على النساء وحسب، بل على المجتمع ككل، خاصة وأن شريحة النساء تُعاني من تحجيم مستمر لدورها.

وتُضيف: “هذه الشريحة تحديداً تُعاني من تحجيم مستمر لأدوارها وشكلها تحت ذريعة العرف، وثمة نساء أيضاً أصبحن على قناعة تامة بما يتم تلقينهن عما ينبغي أن يكن عليه، دون وعي بأنهن تحت التضييق واللوم المستمر اللذين لا شأن لهما إلا بأكاذيب واهية.”

كما شددت شرف على أهمية الدور الذي تلعبه المنصات ودعت إلى ضرورة مضاعفة الجهود لمناقشة قضايا أكثر عمقاً تهم المرأة، قائلة: “المنصات اليوم بحاجة لأن تخرج من نمط مناقشة القضايا المكررة للمرأة إلى القضايا ذات العمق، وأن تكون أكثر جرأة في ذلك، خاصة تلك المتعلقة بنيل المرأة لمناصب وأدوار فعلية في رأس السلطة.”

لا شك أن ظهور منصات إعلامية رقمية تهتم بقضايا المرأة يُعد خطوة جبارة لإيصال صوتها وتبني قضاياها، والمساهمة في إيجاد الحلول لها من خلال الطرح البناء.

وهذا ما تبنته منصة “نسوان فويس” التي تحتفل بمضى خمسة أعوام على تأسيسها، وما تزال تسعى دائماً بفريقها النسائي المتواجد في مختلف المحافظات لأن تكون السباقة في رسم ملامح صورة إيجابية للمرأة اليمنية مغايرة لما كان مرسوماً عنها محلياً وعالمياً.

إن هذا التواجد الإيجابي للمنصات الرقمية يُقدم أملاً حقيقياً في مستقبل يُصبح فيه صوت المرأة اليمنية مسموعاً، وقضاياها جزءاً لا يتجزأ من النقاش العام، مما يستدعي من الجميع، أفراداً ومؤسسات، مضاعفة الجهود لدعم هذه المنصات وتمكينها من أداء دورها الريادي نحو مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً.

 

مقالات اخرى