“يمن شوكليت”.. منتج محلي بنكهة السعادة

شارك المقال

أمل وحيش – نسوان فويس

في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها اليمن، وفي ظل ما خلفته الحرب من آثار نفسية عميقة على الفرد والمجتمع، تظل المرأة اليمنية السند الأول للرجل، بل أصبحت في كثير من الأحيان المعيل الرئيسي للأسرة. ومن هذا الواقع، برزت مشاريع نسائية صغيرة تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز المنتج المحلي.

ومن أبرز هذه المشاريع، تلك التي تعمل في الصناعات الغذائية، والتي ترفد السوق المحلية بمنتجات ذات جودة وقيمة عالية، ولا تقتصر على كونها مصدر دخل، بل تمثل أيضًا نموذجًا للتمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة، ورافدًا حيويًا للسوق المحلي.

 

“شوكولاتة السعادة”.. مشروع بدأ من البيت

يمن شوكليت” هو مشروع حديث العهد لم يتجاوز عامه الثاني، لكنه نجح سريعًا في ترك بصمة مميزة في السوق المحلي، من خلال إنتاج أنواع متعددة من الشوكولاتة، وعلى رأسها شوكولاتة “السعادة” المحشوة بالكنافة وبحشوة الفستق الحلبي،و تحاكي في فكرتها شوكولاتة دبي الشهيرة، ولكن بجودة ونكهة يمنية مميزة وسعر مناسب.

تقول فايزة حسين حبيش، صاحبة المشرو إنها اختارت اسم (يمن شوكليت) كرد جميل لهذا الوطن الذي يحتاج منّا جميعاً إلى التكاتف للنهوض باقتصاده المتدهور بفعل الحرب.”

وتضيف: “كنت أشعر بالحزن كلما دخلت السوبر ماركت ورأيت أن معظم المنتجات، بما فيها الشوكولاتة، مستوردة. وهذا ما دفعني للتفكير بمنتج يمني بطابع محلي ومذاق مميز.”

من الفكرة إلى التنفيذ

بدأت “فايزة” رحلتها من خلال النزول الميداني، وتذوق أنواعاً مختلفة من الشوكولاتة، والاطلاع على مكونات كل نوع وبلد المنشأ، وغيرها من التفاصيل، التي ساعدتها في دراسة السوق وفهم طبيعة المنتج واحتياجات السوق لمنتجات محلية تكاد تكون مغيبة عنه.

أولى إنتاجاتها كانت بسيطة، موجّهة لأفراد العائلة والجيران، الذين أثنوا على الطعم وشجعوها على الانطلاق بمشروعها الخاص، خاصة بعد أن ابتكرت حشوة مميزة بعد عدة تجارب وبعد أن أثنى عليها الجميع وكان لها صدى لدى المقربين والأصدقاء اعتمدتها كمنتج فريد من نوعه بمواصفات مختلفة ونكهات تميزه عن غيره واسمتها شوكولاتة “السعادة”.

 

الشغف والتعلُّم

الشغف وحده لا يكفي – كما تقول فايزة – بل يحتاج إلى ممارسة وتدريب، وهذا ما جعلته من أولوياتها فكانت تتابع مقاطع الفيديو التعليمية الخاصة بصناعة الشوكولاتة، وتجرّب وصفة تلو الأخرى، حتى تكونت لديها الخبرة ، إلا أن هناك تفاصيل صغيرة مهمة كانت تجهلها، فالتحقت بدورة تدريبية خاصة بكيفية صناعة الشوكولاتة وقد أضافت لها الكثير من المهارات والخبرة، وأكسبتها ثقة جعلتها تدرك أنها قادرة على تقديم منتج جديد ومميز بأيدٍ يمنية.

بمبلغ 100,000 ريال يمني بدأت “فايزة” مشروعها، واشترت المواد الأولية وبدأت بإنتاج كميات صغيرة وزّعتها على بقالات قريبة. وسرعان ما بدأ الإقبال يزداد، وتوسّع توزيع المنتج ليصل إلى عدد من السوبرماركتات بصنعاء.

التسويق.. كلمة السر في النجاح

يُعد التسويق عنصرًا أساسيًا في نجاح أي منتج جديد. فالتعريف بالمنتج، وبناء صورة ذهنية إيجابية عنه، والوصول إلى الفئة المستهدفة، كلها أمور حاسمة في تعزيز الثقة بالمنتج وزيادة الإقبال عليه.

وقد استفادت “فايزة” من خبرة زوجها في مجال التسويق، والترويج للمنتج، وقبل ذلك إيجاد الاسم المناسب والتغليف الجذاب الذي يتلاءم مع جودة المنتج  ويساهم في لفت أنظار المستهلكين، وهو ما أسهم بدوره في انتشار “يمن شوكليت” بشكل واسع.

أكثر من منتج

تتوفر شوكولاتة “السعادة” الآن في أغلب البقالات والسوبرماركتات بصنعاء، وبحجمين (كبير وصغير) يناسبان القدرة الشرائية لمختلف شرائح المجتمع.
كما يعمل المشروع حاليًا على إطلاق منتجات جديدة بأسماء مختلفة، جميعها تدخل ضمن عالم الشوكولاتة، منها البسكويت المغطس بالشوكولاتة والذي يباع بسعر رمزي في البقالات ويعد وجبة خفيفة ولذيذة خاصة لأطفال المدارس، وقد بدأت بالفعل منتجات “يمن شوكليت” تلقى رواجًا لدى أصحاب المحلات، الذين يطلبون كميات إضافية باستمرار.

وتقول “فايزة” إن المشروع يسير في طريقه نحو التوسع، وما تسعى إليه هو التوزيع في محافظات يمنية أخرى، وهو أمر قيد الدراسة حاليًا.

التحديات والطموحات

تقول “فايزة” إنها خاضت تجارب سابقة في مشاريع أخرى مستفيدة من خبرتها المهنية والحياتية، لكنها توقفت بسبب الحرب، وبحكم تخصصها في إدارة الأعمال تؤمن أن المشروع الخاص هو مصدر السعادة والاستقرار للمرأة ولأسرتها، لما يحققه من اكتفاء ذاتي، واستقلالية، ودعم للاقتصاد المحلي.

لكنها تواجه تحديات كبيرة، أهمها صعوبة توفير الأجهزة الحديثة الخاصة بصناعة الشوكولاتة، مثل جهاز تذويب القوالب، بسبب ارتفاع تكلفتها، وهو ما يعيق شرائها في الوقت الراهن، 

كما تشير إلى غياب المواد والآلات الخاصة بالتغليف في اليمن، إلا أن هذه التحديات تُواجه بإصرار، لأن الهدف واضح، والرؤية أوسع من أن تعيقها الصعوبات.

وتؤكد أن مشروع “يمن شوكليت” هو مشروع عائلي بامتياز، يشاركها فيه زوجها صاحب الخبرة في التسويق وأبناؤها، الذين يساعدونها في تحضير الحشوات، إلى التغليف والتسويق، وحتى التوزيع.

وتحلم “فايزة” كغيرها من صاحبات المشاريع الصغيرة بأن يتطور المشروع ويكبر ليصبح في المستقبل معملًا متكاملًا لإنتاج مختلف أنواع الشوكولاتة اليمنية، لتغطية السوق المحلي والتصدير للخارج.

 

رسالة للنساء

في ختام حديثها لمنصة “نسوان فويس”، توجه “فايزة” رسالة لكل امرأة يمنية، قائلة:

“ابدئي بفكرة تحبينها، طوريها، واعملي عليها. وسائل التواصل واليوتيوب مليء بالأفكار والدورات التدريبية المجانية، ابدأي خطوة خطوة، بتوصلي”.

وتشدّد على أهمية المشاريع المنزلية، التي لا تدعم الاقتصاد الوطني فحسب، بل توفر فرص عمل وتساعد النساء على الاستقلال والاعتماد على الذات.

 

مقالات اخرى