إن الرغبة الملحة لاستعمال الإنترنت على الرغم من وجود بعض المشكلات مثل فقدان العلاقات الاجتماعية والتأخر عن العمل. النهوض من النوم بشكل مفاجئ، والرغبة بفتح البريد الإلكتروني أو رؤية قائمة المتصلين، تعني بأنك مصاب بإدمان الأنترنت!
صحيح أن اعتماد الكثير من الأشخاص على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وشبكة الإنترنت، هو لأجل أداء عملهم أو للتواصل مع الآخرين، أو حتى للعب والتسوق، لكن بعض الأشخاص أصبح لديهم إدمان للإنترنت، وأصبحوا بحاجة لما يسمى “الصوم الإلكتروني” لمعالجة هذه المشكلة.
والصوم الإلكتروني يعني أن يقوم الإنسان بترك الهاتف والكمبيوتر والانقطاع عن الإنترنت وعن تصفح وسائل التواصل أو عن اللعب، بهدف حماية النفس من التعرض لأمراض نفسية أو سلوكية.
ويجمع خبراء في علم النفس على ضرورة ممارسة الصوم الإلكتروني من قبل المدمنين على الإنترنت من البالغين والراشدين، ومن قبل المدمنين على ألعاب الفيديو، وتحديداً الأطفال وصغار السن.
وترى المتخصصة في علم النفس، د. ريما بجاني أن هناك ما يسمى “ديتوكس” الإنترنت (digital detox)، وهو نفس مبدأ الصوم الإلكتروني، ويستهدف من لديهم “تعلق غير إرادي” بالإنترنت.
ما هو الديتوكس الرقمي؟
هو أخذ قسط من الراحة من استخدام الأجهزة الإلكترونية أو وسائط معينة لفترة من الوقت، تمتد من بضعة أيام إلى عدة أشهر. والأشياء التي يتجنبها الناس أثناء التخلص من “السموم الرقمية” قد تشمل: “التحقق من البريد الإلكتروني، وألعاب الفيديو، وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاهدة الأخبار أو البرامج التلفزيونية الأخرى”، وفقا لموقع “كليفلاند كلينك”.
وتوضح بجاني أن “الإدمان أشبه بعادة مرضية، حيث لا يمكن للشخص التخلص منه بسهولة، ويسيره إلى ما لا يريده”.
وقالت إن “هناك أشخاص قرروا أن يركزوا على طريقة تفكيرهم” لمحاربة الإدمان “الذي يعتبر نمط تفكير”، والناس الذين قرروا اعتماد الصوم الإلكتروني “هم أناس أدركوا أنهم أصبحوا مسيرين جدا وليسوا قادرين على الخروج من الإدمان، ويحتاجون لشيء صارم أو حافز لمساعدتهم” على التخلص من الإدمان.
ولفتت الطبيبة المتخصصة في علم النفس إلى أن “هناك أناس يدركون أنهم أصبحوا مدمنين، وأناس لا يدركون ذلك، ومنهم من أثر الإدمان على حياتهم وعملهم سلبا، وهؤلاء هم الأكثر حاجة للصوم الإلكتروني”.
فوائد الصوم الإلكتروني
ومن فوائد أخذ استراحة من التكنولوجيا والتخلص من السموم الرقمية، زيادة الإنتاجية في العمل وتعميق العلاقات مع العائلة والأصدقاء، وزيادة التركيز، وتخفيف الضغوط النفسية (stress)، والاستفادة أكثر من الوقت، وفقا لـ”كليفلاند كلينك”.
وتقول بجاني إن “التغيير من عادة إلى أخرى يحتاج وقتا كافياً للتحول، والقطيعة المباشرة (صوم أو ديتوكس) هي عمل إرادي ضد عمل لا إرادي (الإدمان)”، وله فوائد كبيرة على الإنسان ومنها “أنه يمنحهم القدرة على التحكم بالتصرفات”.
وتضيف أن معالجة الإدمان تسهم في “تعزيز التعاطي مع الآخرين ومع العائلة، وتحسن التعامل مع الناس وتكافح الانزواء والعزلة والانطوائية، وتدفع نحو عيش الحياة الاجتماعية والواقعية”.
وعن عدد المرات اللازمة لممارسة الصوم الإلكتروني، تؤكد بجاني أنه لا يوجد عدد محدد من الأيام أو مدة زمنية، بل يجب أن يكون الصوم “نمط حياة مستمر”، ويعتمد العلاج من الإدمان على حالة المدمن ومدى تأثره، وعلى إرادته وقدرته على التحكم بتفكيره.