اللوتري: فرصة للهجرة وبداية جديدة

شارك المقال

سهير عبدالجبار-نسوان فويس

اللوتري: فرصة للهجرة وبداية جديدة

شهر أكتوبر من كل عام يشهد فتح الولايات المتحدة الأمريكية باب التقديم لليانصيب السنوي للحصول على الجرين كارد، الذي يمنح الأشخاص غير المواطنين حق العيش والعمل في أمريكا. الهجرة بالنسبة للكثيرين تمثل بداية جديدة وفرصة للهروب من الأوضاع الصعبة في بلدانهم.

ترى أحلام العامري، يمنية متجنسة في أمريكا، أن المهاجرين القادمين من اليمن نوعان: هناك من يجد صعوبة في التأقلم بسرعة، وآخرون يتمتعون بذكاء وحسن التصرف يساعدهم على التكيف والتدبير. تقول: “أعرف عائلتين هاجرتا، واحدة لها سنة وشوية دخلت مع زوجها و3 أولاد، عانوا كثيرًا لما وجدوا شقة للإيجار والإيجارات غالية، وعادها إلا من الآن بدأت تأثث وتستقر لأن العيشة هنا غالية. وواحدة ثانية دخلت يانصيب هي وأولادها، لكنها خياطة من اليمن، ما شاء الله وصلت إلى هنا، رأت الوضع صعب وبدون زوج كمان، راحت تكلمت مع ناس، المهم أعطوها صالة صغيرة كانوا اليمنيين يعملون بها جلسات وتجمعات، عملت دورة خياطة للي حابة تتعلم تخيط وتجمع النسوان، وكثير سجلن معها، وما شاء الله الآن وضعها أحسن الحمد لله، الناس هنا متعاونون جدًا، خاصة إذا كانت وحيدة لا يوجد أحد يعينها”.

اما نسيم الغزي، الفائزة باللوتري لعام 2021.تحدثت  عن الأسباب التي دفعتها لاتخاذ قرار الهجرة قائلة: “مررت بظروف قاسية في اليمن، حيث أصبح توفير احتياجات الحياة الأساسية كالغذاء والرعاية الصحية تحديًا يوميًا، شعرت بالخوف على سلامتي وسلامة أطفالي بسبب الوضع الأمني غير المستقر. كنت أبحث عن حياة أكثر أمانًا ومستقبل أفضل لأولادي. رأيت أن الهجرة قد تكون الحل، وبالفعل قررت المجازفة. في 2022 تلقت نسيم خبر فوزها باللوتري لكنها واجهت عقبة بعد رفض معاملة زوجها، بينما تمت الموافقة على طلبها مع أطفالها. رغم التحديات، اختارت المضي قدمًا وتحقيق هذا الحلم”.

تحديات البداية في أمريكا

تصف نسيم تجربتها عند الوصول إلى الولايات المتحدة بأنها صعبة ولكنها أقل قسوة مما عاشته في اليمن. رغم صعوبات الاندماج وحاجز اللغة، كنت أشعر بأنني أتحرك نحو الأفضل. واجهت تحديات، لكنني كنت قادرة على تلبية احتياجات أطفالي بطرق لم تكن ممكنة في اليمن.

تحويل الموهبة إلى مشروع ناجح

بدأت نسيم رحلتها في مجال الخياطة منذ أيام الدراسة، حيث طوّرت موهبتها بالرسم والتصميم ودرست الخياطة، وكانت الأولى على دفعتها. عملت لاحقًا كمدربة في مدرسة لدعم المرأة. تقول نسيم عن تجربتها في أمريكا: “وجدت المجتمع الأمريكي داعمًا لمشاريعي الصغيرة، وهناك مراكز تساعد رواد الأعمال الجدد. تمكنت من البدء في عملي الخاص بفضل هذا الدعم”.

تحديات الأمومة في بلد جديد

تحملت نسيم مسؤولية تربية ثلاثة أطفال بمفردها. حاولت تنظيم وقتها بين العمل ورعاية الأطفال، ولجأت إلى الجالية المحلية للحصول على الدعم.

تقول نسيم : الأمومة صعبة، سواء في اليمن أو هنا، ولكن كان عليّ أن أكون الأب والأم في آن واحد. أحيانًا كنت الوحيدة التي تشجع ابني في ملعب الكرة، لكنني كنت دائمًا أحرص على توفير بيئة آمنة وداعمة لهم. أنصح النساء أن يكن منفتحات للتغييرات الكبيرة عند التفكير في الهجرة و البدء من جديد. الحياة في بلد جديد ستكون مختلفة تمامًا، لذا من المهم أن يكن مستعدات للتكيف مع كل ما هو جديد. تعلم اللغة قدر الإمكان، لأنها مفتاح للتواصل وفهم الثقافة. ابحثن عن الدعم من الجالية أو الأصدقاء، فوجود أشخاص يشاركونك نفس الخلفية يمكن أن يكون مريحًا للغاية. ولا تخافن من الفشل، فكلنا نواجه تحديات، وهذا طبيعي. تعلمن من الأخطاء ولا تستسلمين. استمتعن بالتجربة واكتشفن أشياء جديدة، فكل تجربة تضيف لكن شيئًا جديدًا وتساعدكن على النمو.

علياء كذلك رحلت إلى أمريكا بدعم من والديها، ووصلت إلى هناك وبحثت عن عمل واستقرت. بعدها بعام تزوجت علياء شابًا عربيًا وأنجبت طفلها الأول.  بعد مرور حوالي سبعة أعوام من هجرتها وتردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في اليمن، ترى أن قرار الغربة هو أفضل قرار اتخذته بدعم من عائلتها. ومهما كانت الغربة صعبة، لكنها أفضل من العيش في واقع مقلق.

واقع التقديم والتحديات المالية

مع تزايد أعداد المتقدمين لليانصيب، بلغ عدد الفائزين عام 2023 أكثر من 2807 شخص. إلا أن الفوز لا يعني الدخول الفوري إلى أمريكا، إذ يتطلب التحضير للمقابلة مصاريف كبيرة للسفر والإقامة. كما تستغل بعض المكاتب هذا الأمر، حيث تفرض رسومًا على الفائزين مقابل تسليمهم أرقامهم الخاصة.

الهجرة فرصة للتغيير وبناء الذات

تجربة نسيم الغزي تلخص معنى التحدي والصبر في رحلة الهجرة. ورغم الصعوبات، يبقى الأمل في حياة أفضل هو الدافع الأكبر. ومع تزايد إقبال اليمنيين على اللوتري، تتجلى الرغبة في إعادة بناء الذات وتحقيق الأحلام التي بدت مستحيلة يومًا ما.

مقالات اخرى