منيرة احمد الطيار-نسوان فويس
أتاحت التكنولوجيا الرقمية اليوم فرص عمل جديدة في مجالات عدة لنساء ورجال على حد سواء سواء التسويق الإلكتروني والتداول الرقمي الذي ظهر مؤخراً وصار شائعاً بين أوساط المجتمع العالمي. يعرف التداول الرقمي بأنه عملية بيع وشراء للأصول المالية أو العملات الرقمية والأسهم في سوق التداول العالمي عبر منصات خاصة بالتداول (Binance، eToro، MetaTrader 4 (MT4)، Coinbase) وغيرها من المنصات عبر الهاتف الذكي أو جهاز اللاب توب، وذلك ما شجع يمنيات كثيراً للمجازفة والدخول في هذا المجال ومنهن استطعن أن يتميزن ويكسبن أرباحاً ومنهن من خسرن جميع مدخراتهن.
رحلة التعلم
إذ أن التداول الرقمي أصبح من المجالات المتنامية التي يمكن أن توفر مصدر دخل إضافي لليمنيات، خاصة لمن يرغبن في استثمار أموالهن وتنمية مدخراتهن. زهور عبد الله، إحدى المتداولات الرقميات في اليمن، تقول: “بعد أن توسع التداول الرقمي وبات متاحًا للأفراد بعد أن كان حكرًا على البنوك للوصول والمشاركة في السوق المالي العالمي، أصبح لدي اهتمام في التعرف على الأسواق المالية والمحافظ الإلكترونية المختلفة وفهم أساسيات الأسواق والتداول ومواكبة التطورات والتغيرات الاقتصادية والمالية عن طريق متابعة الأخبار والتحليلات الاقتصادية ومعرفة كافة المؤثرات الاقتصادية والسياسية على سوق العملات”.
تشرح عبد الله في البداية: “كان دخولي إلى عالم التداول عن طريق كربتو ومحفظة باينانس، ثم انتقلت بعدها فوكس والتداول عبر منصة ميتا5 عن طريق الوسيط FBS. لم تكن رحلتي في التداول سهلة فسوق المال سواء بمجال فوكس أو الكريبتو يحتاج إلى دراسة لسنوات وفهم المنصات يحتاج إلى دقة عالية ويعتبر من بين الأسواق الأكثر شيوعًا هي سوق الفوركس ومؤشرات الأسهم والسلع والعملات المشفرة. كل سوق يتميز بخصائصه الفريدة ودرست العديد من الاستراتيجيات الخاصة بالتداول كالبيفوت والرون والدبل بوتوم وإستراتيجية جون و بيفونتشي وغيرها ثم درست الشموع اليابانية وبعدها درست بالأكاديمية المالية. ولا يمكنك استيعاب سوق الكريبتو دفعة واحدة فهناك العديد من الأشياء عليك أن تأخذ بها وهي إدارة المال والاستراتيجية التي ستتبعها والوسيط الذي ستختاره فالتداول رحلة طويلة”.
أساسيات
لبدء التداول بنجاح، يجب على المبتدئات تعلم أساسيات التداول وفهم المصطلحات الأساسية من خلال الدورات التدريبية والمصادر التعليمية المتاحة عبر الإنترنت والبحث والقراءة الكثيرة حول التداول، كما تشرح رائدة الأعمال في التداول الرقمي بتول عبد الوهاب. موضحةً أن هناك تحديات يجب الانتباه إليها عند التداول الرقمي، كفهم المخاطر الموجودة والبدء بمبالغ صغيرة والتعلم من الأخطاء وتجنب التداول بناءً على الإشاعات، منوهةً أن الخسارة تكون بسبب تحمس المبتدئات في المجال بدون تعليم وخبرة.
الاتكال والوثوق يجعلان من المتداولين طعمًا لفخاخ الخسارة والنصب. عبير الخضاف تصف تجربتها في التداول الرقمي بالمؤسفة، فهي طرحت كل مدخراتها بعد أن نصحتها صديقتها المقربة بالتداول الرقمي ولاحظت على مدى ثلاثة أشهر أرباح صديقتها. تقول عبير: “تشجعت ولعدم خبرتي في التداول، أوكلت لصديقتي أموالي كي أستفيد وأربح أضعاف المبلغ، لكن للأسف لم يمض شهر إلا وخسرت صديقتي أموالي وأموالها كاملة”.
فخاخ
ليست عبير وحدها من وقعت في فخاخ الخسارة، فأمل أيضاً جازفت بمدخرات أسرتها المكونة من 4 أشخاص: أمها وزوجة أخيها وأختها. حين سمعت من جارتها أن التداول مربح ويمكن أن يكون مصدر رزق من المنزل، تقول أمل: “تحمست أن التداول ممكن العمل عليه من المنزل من خلال تلفوني، ودخلت بمبلغ 600 دولار ما يعادل 318 ألف ريال يمني، ودخلت عبر منصة IQ Option في سوق الأسهم، واعتمدت على جارتي لتعليمي أصول التداول ولم أعتمد على منصات تعليمية وظننت أنه بإمكاني الربح هكذا، ولكن للأسف خسرت، وأنصح كل من يريد التداول البدء بمبلغ بسيط والأهم أن يدرس ويتعلم عن الموضوع أكثر قبل أي مجازفة”.
خبير التداول عبد الرحمن مولود ينصح، لتفادي الوقوع في مشاكل الخسائر والنصب، أن يكون الشخص المتداول فاهم معنى العملات الرقمية وكيف تشتغل التقنية وراءها، إضافة إلى وجود محفظة رقمية عشان يخزن فيها العملات الرقمية في محافظ ساخنة (متصلة بالإنترنت) ومحافظ باردة (غير متصلة بالإنترنت)، وعمل بحث وتحليل قبل شراء أي عملة رقمية.
مشاكل
على الرغم من إمكانية الربح التي يمكن أن تحصدها اليمنيات من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، إلا أن اليمن لا تزال تواجه مشكلة في معدل انتشار الإنترنت. فبحسب التقرير الرقمي عن استخدام اليمنيين للأجهزة والخدمات الرقمية لعام 2024م، بلغ معدل انتشار الإنترنت 17.7% لعدد مستخدمين 6.6 مليون مستخدم فقط ببداية عام 2024، وهو رقم ضئيل جدًا مقارنة بعدد سكان اليمن الحالي والذي يقدر بحوالي 35 مليون شخص.
وفاء طه، المدير التنفيذي لمنظمة كلنا مبدعون، تقول: “إن التكنولوجيا والإنترنت اليوم أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومع ذلك لا يزال وعينا التكنولوجي في المجتمع ضعيف. فالنساء في اليمن يواجهن تحديات في الوصول إلى التكنولوجيا بسبب الفقر والحواجز الاجتماعية وقلة المراكز التدريبية والتأهيلية المتخصصة في مجال التكنولوجيا، مما يجعلهن عرضة للنصب والخسارة عندما يدخلن في مجال التداول الرقمي”.
أسماء طاهر خسرت أكثر من ألف دولار بسبب جودة وتدني الإنترنت في اليمن. فعند فتحها منصة التداول، واجهت مشكلة تقنية في الإنترنت أفقدتها الصفقة التي كانت تنتظرها منذ ثلاث سنوات. تحكي أسماء بكل حرقة: “درست تجارة إدارة أعمال وكان عندي شغف أتعلم التداول، وبدأت بالتداول ودرسته وتعلمت له ودخلت بمبلغ 100 دولار تسلفتها، وكنت واثقة إني برجعها أضعاف، وبالفعل نجحت لأني كنت أمضي في التداول وفق خطوات مدروسة إلى أن وصلت لمبلغ 2500 دولار بعد ثلاث سنوات، وأصبحت أرى نفسي خبيرة في المجال وأعلم المبتدئات، إلى يوم لقيت صفقة كانت تعتبر الحلم بالنسبة لي وربحها كبير، ولكن للأسف بسبب مشكلة تقنية في الإنترنت لم أستطع إكمال الشراء وخسرت الصفقة ومبلغ 1200 دولار في رصيدي. أدركت يومها أن التداول في اليمن لا يحتاج فقط لدراسة وتحليل، بل لإنترنت جيد أيضًا”.