منيرة أحمد الطيار -نسوان فويس
لم تكن تعلم ميرا ذات الثاني والثلاثين عاما والتي تقطن في العاصمة صنعاء أن الأكزيما التي أصابتها في يديها نتاج الحرائق التي توقدها كل يوم من حطب وكراتين للخبز في تنور الحطب بعد أن واجهت أسرتها مشكلة في شراء أسطوانة الغاز التي كانت معدومة جراء اشتعال الحرب قبيل 10 أعوام تستذكر ميرا مأساتها بمرض الأكزيما الجلدية التي لا زالت تلازمها لليوم بأنها كانت بصحة ولا تعاني من أي مرض إلى أن تأزمت الحياة المعيشية وأصبحت أسطوانة الغاز شبة معدومة أثناء الحرب 2011م.
بسبب الوضع الاقتصادي السيء التي تعرضت له اليمن على مدى العشرة الأعوام الماضية والمستمر لليوم لجأت العديد من العائلات اليمنية أن تجد بديلا باستخدام الحطب لإيقاد التنور الحطب وأحيانا كثيرة بالكراتين تقول ميرا “حسيت في البداية بحكة شديدة وجفاف في يداتي وبعدا قولت يمكن تحسس عادي، اديت لي مرهم لكن ما تحسنين خالص جربت الصبار بس كان كل يوم تطور الحكة والشعور بالجفاف وبدأ عليهن التورم حتى ماعد قدرت امسك شيء وقتها سرت لدكتور وشخص حالتي بمرض الأكزيما التلامسية”.
يعرف د. منذر فضل اخصائي جلدية التهاب الجلد التأتبي (الأكزيما) بأنه حالة جلدية تؤدي إلى جفاف الجلد والحكة الاحمرار والتقشر مبينا أن أعراضه قد تختلف من شخص لآخر من:
- حكة شديدة أو معتدلة.
- جفاف البشرة الجافة وحساسيتها.
- الاحمرار والالتهاب.
- ظهور بقع داكنة اللون.
- خشونة وتقشر للبشرة.
دور التغيرات المناخية
هناك علاقة ملحوظة بين تغير المناخ وتفاقم أعراض الإكزيما الجلدية حيث تتأثر البشرة بعدة عوامل مناخية كالارتفاع المستمر في درجات الحرارة، والتلوث الهوائي الناجم عن حرائق الغابات، وارتفاع معدلات الرطوبة، بالإضافة إلى الإجهاد الناجم عن الظروف البيئية الصعبة كالجفاف والفيضانات. هذه العوامل تزيد من التهابات البشرة وتؤدي إلى جفافها، مما يُفاقم من أعراض الإكزيما، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف الحاجز الجلدي كما يشرح د حاجب الحاجبي باحث في التغيرات المناخية وعضو هيئة التدريس بجامعة صنعاء.
فالتغيرات المناخية تسهم بشكل كبير في زيادة معدلات الإكزيما حسب دراسة لباحثين في جامعة كاليفورينا خلصت إلى أن التهاب الجلد التأتبي (الأكزيما) يتأثر بالعوامل المناخية وتلوث الهواء الناجم عن الجسيمات من حرائق الغابات إلى إمكانية حدوث تأثيرات غير مباشرة مثل انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الجفاف والهجرة.
صعوبات بيئية و مالية
النساء الريفيات في اليمن يواجهن مشكلات وتحديات كبيرة عبر التغييرات المناخية التي تؤثر سلبا على بشرتهن فنهى ذات السبعة وعشرين عاما من محافظة المحويت التي تعمل في الزراعة بين أشعة الشمس والتراب والمبيدات لرش المزروعات وتنقل المياه من البركة لمنزلها كل يوم، أصيبت بمرض الجلد التأتبي (الإكزيما) قبل خمسة سنوات ولكنها لم تتعافى حتى اليوم. الظروف الاقتصادية أيضا أسهمت بشكل كبير في معاناة اليمنيات حيث أنهن يعجزن عن مداواة أمراضهن المزمنة تقول نهى “ذهبت لدكاترة جلد ووصفوا لي أدوية لكن الأدوية غالية جدا على ميزانية أسرتي فالمرهم الواحد يصل سعره لخمسة آلاف ريال يمني وهو لا يكفي لفترة طويلة بل أسبوعين فقط إضافة لبعض الإبر والمسكنات الأمر الذي جعلني أستسلم للمرض وأحاول التعايش معه”.
أرقام اصابات كبيرة
و على الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة لمرض الإكزيما إلا أن وزارة الصحة رصدت أعداد مهولة عبر تقارير منشورة لإحصائيات، بعدد المصابين بالأمراض الجلدية والنسيج ففي العام 2011م 462.132 مريض مقارنة بالعام 2011م فقد بلغ عدد مرضى الجلدية والنسيج 215.991 مريض.
محاولات تفادي المرض بحلول شعبية أقل كلفة فاقمت الأمر لدى لمياء، التي عملت بنصائح بعض من يدعين الخبرة لمعالجة الأكزيما التي أصابت جزء من وجهها وقدميها وكلتا يديها. فلمياء ذات التسعة والعشرين عاما القاطنة في محافظة حجة واجهت أولى علامات الأكزيما الجلدية بوصفات شعبية دون الاسترشاد بطبيب جلدي مختص، لتزداد معاناتها تحكي لمياء “الخلطات الشعبية والوصفات التي اتبعتها لتسكين الألم وتخفيف الحكة والالتهاب ضاعفت الوجع حتى أنه وصل لتورم في يدي ورجلي وخروج الدم والقيح وكنت أبكي من شدة الألم ولا تساعدني المسكنات”.
د سحر اخصائية جلدية تقول”تصلني كل يوم تقريبا 5-6 حالات مصابات بالإكزيما الجلدية و ألاحظ أن معاناتهن تتمثل في عجز المحيط بهن عن مساندتهن في القيام بالأعمال المنزلية من طهي الطعام والتعرض للمواد الكيميائية مثل مواد التنظيف، وذلك ما يجعل إمكانية الشفاء من المرض بسيطة فالالتزام بتعليمات الدكتور والعلاجات أمر مهم جدا لتعافي المصابات بالإكزيما”.