نساء ملهمات على ركاب التنمية

شارك المقال

فردوس الكمالي -نسوان فويس 

منذ اندلاع الحرب في 2015 ودخولها عامها العاشر عانت الكثير من العائلات فقدانها لمصدر الدخل، خاصة بعد انقطاع الرواتب في 2016، مادفع الكثير من النساء إلى اقتحام سوق العمل بشكل أكبر من ذي قبل، ولم يتوقف الأمر على ذلك بل إن الكثير منهن شرعن في مهن كانت حكر على الرجال. 

مواجهات بذلك جميع الموانع الاجتماعية والبيولوجية-القدرة الجسمانية-  لإعالة أسرهن خاصة في ظل ندرة فرص العمل وانخفاض مستوى دخل الفرد بالتوازي مع ارتفاع الأسعار. مادفعهن الى التوجة لسوق العمل لتوفير حياة كريمة لهن ولأسرهن.

ومع ما نلاحظه من نشاط اقتصادي في مدينة المخا -التابعة لمحافظة تعزيز – ظهرت مريم نبيل رائدة لمشروع تنموي و مبادرة مجتمعية في مدينة مازالت في بدايات زخمها الاقتصادي. قامت مريم نبيل بتأسيس مشروعها الخاص المتمثل بمطعم” سيتي ميس “للنساء والعوائل بكادر نسائي بالكامل كأول مطعم ينشأ في مدينة المخا يولي اهتمامه بحاجة النساء لتوفير مكان خاص بهن.

حاجة النساء لمكان 

تقول مريم نبيل السيدة الثلاثينية أن سبب شروعها في هذا المشروع بأنها بعد أن لاحظت على حد تعبيرها حاجة سكان المدينة وخاصة النساء لأماكن للراحة والأكل خاصة بعد أن فتحت وسائل التواصل شهية الناس لمثل هذه الأماكن؛ ما دفعها إلى افتتاح مطعم خاص بالنساء وبكارد نسائي متخصص. يتضمن كافة الخدمات والأكلات التي توفر الراحة للزبائن بالإضافة لخدمة التوصيل إلى البيوت في جميع مناطق مدينة المخا.

تخبرنا مالكة المطعم مريم نبيل” أن الهدف من افتتاحي للمشروع بالدرجة الرئيسية هي تحقيق ذاتي وخدمة أبناء محافظتي وتمكين نساء المنطقة من توفير مصدر دخل لهن في ظروف عمل ملائمة كون الكادر من النساء فقط”، وبحسب حديث مريم فقد تم تنظيم المهام فيه حسب اختصاصهن من العاملات في الطبخ إلى الإداريات والمحاسبة ومقدمات الطلب وعاملات النظافة. 

دخل أساسي للنساء

وتضيف مريم” عند معرفتي بإعالة البعض منهن لأسرهن كمصدر دخل أساسي آثر ذلك في نفسي وتمنيت لو أن المستثمرين يمدوا يد العون لمثل هذه المبادرات” 

وتأكد مريم أن الداعم الأساسي لها في افتتاح المشروع كان عائلتها وتشجيعهم لها، كما أن الاستقرار النسبي والنشاط الاقتصادي في المخا كان دافع لها للتوجه إليها والاستثمار في المخا. 

رغم العوائق

وبالرغم من العوائق التي واجهتها في البداية خاصة من محيط المطعم بسبب وجودة بحي سكني ورفض سكان الحي للازدحام و وتزايد سيارات الزبائن، تؤكد مريم نبيل أنهم أصبحوا أول الداعمين لها بعد جهودها في إقناعهم بأهمية مثل هذه المشاريع الاجتماعية. إلا أنها مازالت تعاني من المواصلات ووعورة الطرق بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي في مدينة حارة خاصة في الصيف.

وتعمل مريم هي وابنتها برفقة بقية أفراد طاقم العمل بجد لتطوير المشروع وتوسعته على حد وصفها حيث ترغب بافتتاح قسم خاص بالرجال بعد أن لقي المشروع صدى واسع ونجاح كبير بتكاتف طاقم العمل، وشعور جميع العاملات معها بأن هذا المشروع أصبح منطلق لهن في تحقيق ذاتهن وإعالة أسرهن.

واجهة اقتصادية 

يشيد الكثير من الاقتصاديين بتوجه النساء إلى العمل في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، مؤكدين بأنه سينتج عن ذلك مستقبلا انتشار متزايد للأسر المنتجة في مجالات متنوعة؛  وذلك يعد بداية لنشأة الاقتصاد المجتمعي. 

كما يشير الخبير الاقتصادي طاهر الهاتف ” أن ذلك سيساهم بشكل فعال في زيادة حصة المرأة في الناتج القومي، وسينعكس إيجابيا ليس على مستوى الأسرة فقط وإنما على مستوى المجتمع “

كما يؤكد الخبير الاقتصادي نبيل الشرعبي، بأن امتلاك المرأة لمشروع خاص يتناسب مع طبيعة خصوصيتها وبما يضمن لها ديمومة واستمرار المشروع ويعود عليها بالنفع وينمي رأسمالها، يكشف عن تحول مهم في تفكير وتخطيط المرأة اليمنية للتغلب على الواقع المعيشي المتدهور وإيجاد مصدر دخل منتظم يؤمن لها ولاسرتها توفير متطلبات العيش بكرامة ولو في حده الأدنى.

 

نتائج تراكمية مهمة

كما أن مثل هذا التوجه يترتب عليه تحقيق نتائج تراكمية مهمة، تسهم في تحقيق تماسك الأسرة والاستمرار في تعليم الأبناء وتمكينهم من الحصول على الخدمات الصحية الضامنة لسلامة الجسم والعقل وبما ينعكس على سلامة العقل والاستفادة من التعليم.

ويضيف يمتد الأثر الإيجابي لهكذا توجه إلى حفظ وصون كرامة المرأة من الانزلاق نحو التسول والدخول في ممارسات قد تجرها إلى الجريمة. ناهيك عن أن توسع هذه الأعمال يسهم في تكوين بنية وقاعدة متينة لمشاريع خاصة بالمرأة وصولا إلى تشكيل تكتل نسوي قوي يسهم من خلال الأنشطة المتنوعة التي تتم في إطار المشاريع في استيعاب أعداد من الأيادي النسوية العاطلة عن العمل.

كما أنه يعمل على تحريك عجلة الإقبال على مواد ومستلزمات كثيرة يتطلبها نشاطات هذه المشروع، وكذلك يسهم في تنمية الادخار.

مقالات اخرى