ريهام السماوي-نسوان فويس
للمرأة اليمنية مع الطلاق قصص موجعة ترويها بعض النساء الاتي استقر بهن الحال بالطلاق بدون ادنى سبب، حيث تنعدم المعرفة من قبل الزوج وكذلك من قبل المجتمع بحقوقهن، وبمسؤولياتهم نحوهن.
تقول حنان”لقد عشت معه تسع سنوات، ورزقنا بأول سنة من زواجنا بطفل أسميناه محمد وكذلك رزقنا بعد مرور ثلاث سنوات بطفلة، وقد تحملت كل ما بدر منه من سب، وشتم، وقلة اهتمام، وأيضا عدم مسؤولية ظنا مني بأن الزمان والصبر كفيلان بتغييره للأفضل، إلا أنه كان يزداد قسوة وجبروت حتى امتد الأمر للضرب ومنع الولد الأكبر من الدراسة بحجة أنه لن يستطيع تحمل تكاليف الدراسة”.
وتضيف”مع قلة المصاريف والمنزل البسيط المكون من غرفتين وصالة فيها المطبخ، وكذلك التعامل المسيء إلا أني لم أفكر يوما بالطلاق وخراب بيتي وتشتت أولادي، وكنت استقبل والدته وأهله بكل حب ولا أشعر أحد بأي شيء مما يحدث معي”.
تتابع “حتى مرة زارتنا والدته من القرية، وطالت فترة الزيارة لما يقارب السنة، عاملتها بكل حب لعلها تعوض فقداني لوالدتي، إلا إني كنت استغرب قولها بأنها اخر سنة لي في هذا المنزل وأنها تريد تزويج ولدها بفتاة من قريتها، حتى جاء اليوم الذي أخذت فيه اطفالي بحجة زيارة ولدها الآخر، وفي نفس اليوم اتاني زوجي بورقة الطلاق بدون أي سبب غير رغبة الأم في تزويجه بأخرى، وحتى الان لم يسمحوا لي برؤية أطفالي.
مرام…وجه آخر للمأساة
مرام ذات ال 20 عاما من صنعاء القديمة إحدى ضحايا الطلاق بدون سبب، حيث أنها لم تكمل الأربعة الأشهر في حياتها الزوجية. تقول لمنصة “نسوان فويس” إنها تعيش حالة خانقة من التفكير والقلق والحيرة، والخذلان والغدر غير المبرر، ولم تجد حتى الآن سببا مقنعا لطلاقها بهذا الشكل.
تتابع ” أثناء تقدمه لخطبتي لم ارى انا وأهلي عيب فيه وفي عائلته، فتمت الموافقة وبعد شهر تم العقد وتحديد موعد الزواج، مثلي مثل أي فتاة تغمرها الفرحة والقلق في آن واحد، حتى حصل الزواج، كان يعاملني بعد الزواج بكل حب ومثل أي عرسان جداد، لم أشعر بأي تصرف غريب من قبله.
تضيف ” بعد مرور ثلاثة أشهر ونصف من زواجنا اقترح عليا زيارة أهلي لأجل ألا يتركني وحدي في المنزل فوافقت، اخذني لمنزل أبي ونحن نتبادل الأحاديث والضحك، ثم غادر للعمل، كنت في قمة السعادة بين أخواتي ووالدي. إلى أن طرق باب البيت الساعة الخامسة مساء كان أخوه يحمل ورقة طلاقي، لم استوعب و ظننتها مزحة حتى تأكدت من الأمر، تعرضت للعديد من الضغوطات من الأهل والجيران وكل من عرف بمدة زواجي حتى أنه تم اتهامي من قبل البعض بشرفي” تؤكد مرام أنها لن تنسى ما حدث لها، وتتمنى فقط معرفة سبب طلاقها.
الزواج مسؤولية وأمانة
الطلاق بدون سبب يعتبر من قبيل الظلم الذي يرتكبه الزوج لأن الزواج يعتبر أمانة ومسؤولية، ولذلك يجب أن يدرك الزوج أهمية هذه المسؤولية والأمانة مهما كانت الصعاب، ويجب على الزوجين الاحتفاظ بأسرارهم الزوجية وعدم السماح لأي كان بالتدخل بحياتهم حتى الأم، وذلك كي لا تزيد حدة المشاكل التي تؤدي إلى الطلاق، يستطرد الدكتور محمود البكاري أستاذ علم الاجتماع. ويضيف “الطلاق بدون سبب يرجع إلى ضمير الإنسان وتربيته وأخلاقه و وازعه الديني، اضافة إلى الوعي المجتمعي بخطورة الطلاق على الفرد والأسرة والمجتمع.
من جهتها تؤكد المحامية أمل الصبري أن القانون قد كفل للزوجة حقوق عند طلاقها طلاقا تعسفيا من الزوج كالمهر المؤخر ونفقة العدة، وأخذ الأطفال من الأم لا يجوز شرعا ولا قانونا، فالقانون قد أعطى الأولوية للام في حضانة طفلها باعتبارها حفظ للصغير الذي لا يستقل بأمر نفسه، ولا يجوز التنازل عنها وتمنع بموانعها كما ورد في نص المادة 128 من قانون الأحوال الشخصية.
تتابع “الحضانة للأم لها مدة معينة تسع سنوات للذكر واثني عشر سنة للأنثى، ولا يجوز أن تحرم الأم من حضانة طفلها، أو حرمان الطفل من رعاية والدته وقد وضح ذلك الفصل الثالث من قانون الأحوال الشخصية، وعندما تتعرض أي أم لهذا التعسف عليها أن تلجأ إلى القضاء بطلب اعادة حضانة أطفالها أو كفالتهم.
وتشدد “يجب أن يكون لدى النساء معرفة كاملة بالحقوق والواجبات التي نظمها قانون الأحوال الشخصية، ويلزم على منظمات المجتمع المدني والدوائر الحكومية الخاصة بالمرأة الاهتمام في توعية المرأة في مجال العلاقة الزوجية والأسرية.
إضطراب ما بعد الصدمة
من جانبه يشير الدكتور وديع محمد أخصائي إرشاد نفسي عن الآثار النفسية السلبية التي تصيب المرأة عقب الطلاق وكذلك نظرة المجتمع القاصرة تزيد من تفاقم تلك الآثار، وكون أسباب الطلاق غير معروفة هذا بحد ذاته يضاعف هذه الآثار كون الطلاق حصل بشكل مفاجئ وغير متوقع، فذلك يعد موقف صادم للمرأة مما يجعلها تعيش حالة من الارتباك وعدم اليقين واضطراب ما بعد الصدمة والتي لها تداعياتها النفسية والعاطفية والذهنية والاجتماعية، و ينتج عنه الشك في الذات وتزعزع الثقة بالنفس وبالآخرين والخوف منهم وتعميم ذلك الموقف على أحداث ومواقف وأشخاص آخرين وهو ما يسمى بنقل التجربة وتعميمها على الآخرين دون تفريق أو تمييز.
يضيف” نظرة المجتمع للمرأة المطلقة تؤثر سلبا عليها حيث تفقدها الثقة والأمان وبالتالي يؤدي إلى العزلة والانسحاب من الأنشطة المجتمعية، وردود الأفعال والسلوكيات غير التكييفة كالإحباط والشعور بالعجز والفشل واليأس والعصبية والاكتئاب وغيرها.
و يشدد” على أن التعافي من الصدمة يحتاج بعض الوقت ولكن يجب اللجوء لتقديم الدعم النفسي الاجتماعي للمطلقة من خلال جلسات الإرشاد والعلاج النفسي المتناسب مع الأعراض النفسية الناجمة عن ذلك، كما أن الدعم الاجتماعي من الاسرة والاهل والمجتمع له دور كبير في سرعة التعافي من تبعات الموقف الصادم، وعليها استعادة ثقتها بذاتها من خلال الانخراط في المجتمع والمشاركة في الأنشطة المجتمعية، والاهتمام بالصحة الجسدية والرياضة، واكتساب مهارات جديدة تساعدها في الاعتماد على ذاتها وتمكينها اقتصاديا، والأهم أخذ فترة مناسبة قبل الإقدام على الارتباط بشريك حياة والدخول في تجربة جديدة والاستفادة من التجربة السابقة.
ويحذر البكاري “من عدم التسرع في الطلاق، فالطلاق ليس حلا نهائيا حيث قد تبرز مشاكل بعد الطلاق أكثر من المشاكل قبله وخاصة مع وجود الأطفال، ولابد من تحكيم العقل والصبر والبحث قدر الإمكان لإيجاد الحلول المناسبة.