عبده حسين _ نسوان فويس
نجحت الشابة اليمنية وهيبة البريهي، في تجاوز الصعوبات الذاتية والمجتمعية واستكملت دراستها الجامعية، وحصلت على شهادة البكالوريوس في العلاقات العامة من جامعة دار السلام الدولية الأهلية بصنعاء، وسط آمال تراودها بالحصول على فرصة عمل مناسبة، إذا ما تم تفعيل النصوص القانونية التي نصت على تخصيص 5% من أي توظيف جديد لذوي الإعاقة من خريجي الجامعات، رغم كساد سوق العمل في اليمن خلال السنوات العشر الأخيرة بفعل الحرب.
تثني وهيبة على دعم أسرتها و أساتذتها وزملائها في الجامعة حتى حققت حلمها، وتعهدت بمواصلة كفاحها حتى الحصول على فرصة عمل مناسبة؛ حسبما ذكرته لـ”نسوان فويس”.
وإلى جانب وهيبة، تدرس شقيقتها غدير في المستوى الثالث بقسم الترجمة واللغويات بذات الجامعة، وكذلك صديقتهن أشواق الصرمي التي تدرس في المستوى الثالث بقسم المحاسبة.
ويتلقى مئات الطلبة والطالبات من ذوي الإعاقة الملتحقين ببرامج البكالوريوس في الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية، بدل مواصلات سنوي يبلغ مائتي ألف ريال، إضافة إلى 50 ألف ريال تصرف لمرة واحدة للمتخرجين منهم، من قبل صندوق رعاية وتأهيل المعاقين.
وتتوزع الإعاقات ما بين الإعاقة الحركية، العمى، الصمم والبكم، الإعاقة العقلية، و
الإعاقات المزدوجة.
رغبة في الالتحاق بسوق العمل
نجاح الطالبات الجامعيات اليمنيات من ذوي الإعاقة يلفت نظر المجتمع لهن، ويلهم المسؤولين ومنظمات المجتمع المدني إلى تقديم الدعم والمساندة والمبادرات لتمكينهن من الدمج في المجتمع، كما يمكنهن من الشعور بقيمتهن وأهميتهن ومكانتهن في وسط المجتمع المحيط بهن؛ حسب ما ذكره الدكتور حسين سرار، أستاذ اللغة العربية وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دار السلام الدولية للعلوم والتكنولوجيا الأهلية بصنعاء، لـ”نسوان فويس”.
وأضاف: ما يتمتعن به هؤلاء الطالبات من قدرات خاصة وإصرار على التعليم والنجاح والتفوق وعلو الهمة والتحدي وتجاوز الصعاب، يجعلنا نقف أمامهن وقفة إجلال وتقدير وإكبار، وهذا النجاح والتميز والإصرار ينسحب أيضاً على رغبتهن في الالتحاق بسوق العمل والمشاركة في بناء المجتمع.
حقوق قانونية للتمكين الوظيفي
تلزم المادة (24) من قانون الخدمة المدنية رقم (19) لسنة 1991م، كل وحدة ادارية بتعيين ذوي الإعاقة لديها بما يتناسب مع قدراتهم ضمن نسبة معينة تحددها الوزارة سنوياً بهدف تحقيق إدماجهم في المجتمع وإشراكهم في التنمية الاجتماعية.
كما تنص المادتين (18) و(19) من قانون رعاية وتأهيل المعاقين رقم (61) لسنة 1999م، على تخصيص نسبة (5%) من مجموع الوظائف الشاغرة بالجهاز الإداري للدولة ووحدات القطاعين العام والمختلط، لذوي الإعاقة الحاصلين على شهادات تأهيل، وألزمت أصحاب الأعمال بحسب الإمكانيات والفرص المتاحة تشغيل المعاقين الذين ترشحهم وزارة العمل والتدريب المهني أو مكاتبها بما لا يزيد عن (5%) من حجم العمالة الكلية لصاحب العمل، على أن يتم التشغيل في الأعمال والمهن التي تتناسب وقدراتهم وإمكانياتهم ويتمتعون بكافة الحقوق المقررة في قانون العمل النافذ.
وفي أواخر أكتوبر الماضي، وقعت وزارتي الخدمة المدنية والشؤون الاجتماعية بصنعاء، وصندوق المعاقين، محضر اتفاق يقضي بزيادة نسبة توظيف ذوي الإعاقة إلى 10% استنادًا إلى نتائج دراسة واقعهم، والتعميم على الجهات الحكومية باستيعابهم في التعيينات بما يتناسب مع مؤهلاتهم وخبراتهم.
وتؤكد المادة السابعة عشرة من الاتفاقية الدولية لدمج ذوي الإعاقة في التعليم على “مسؤولية مكاتب العمل والخدمة المدنية في تمكين ذوي الإعاقة من الالتحاق بالوظائف والأعمال في القطاع العام والمختلط والخاص حسب مؤهلاتهم وقدراتهم”.
رفع نسبة توظيف ذوي الإعاقة
يتطلب تسهيل عملية توظيف الطلبة الخريجين من ذوي الإعاقة تفعيل قوانين الخدمة المدنية والعمل والمعاقين التي تمنح 5% من الوظائف للمؤهلين منهم في القطاعات الحكومية والمختلطة والخاصة، والتي كانت تتم عبر الإتحاد الوطني لجمعيات ذوي الإعاقة بالتنسيق مع وزارة الخدمة المدنية؛ وفق حديث الناشط الإعلامي والحقوقي المتخصص بقضايا ذوي الإعاقة، فهيم القدسي، لـ”نسوان فويس”.
وأضاف: تضمنت الاستراتيجية الوطنية لصندوق المعاقين رفع النسبة إلى 10%، والتعميم على الجهات الحكومية بتنفيذ ذلك، ضمن أي عملية توظيف أو إحلال.
خدمات تعليمية لذوي الإعاقة
يلتحق الطلبة ذوي الإعاقة بكليات وأقسام التربية والإعلام والشريعة والآداب واللغات في الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية، بسبب عدم توفر الأدوات التقنية الخاصة بذوي الإعاقة في الكليات الأخرى؛ وفق ما ذكرته دنيا العبسي، أمين المركز الثقافي للمكفوفين بجامعة صنعاء، في حديثها لـ”نسوان فويس”.
وأضافت”يقوم المركز بتوفير خدمات تعليمية متنوعة للطلبة والطالبات من ذوي الإعاقة منها توفير الأدوات والوسائل التعليمية من مسجلات ولابتوبات وآلات بيركنز وأدوات مكتبية وقرطاسية، إضافة إلى طباعة المقررات الدراسية المكتوبة بلغة برايل، وتسجيلها صوتياً من قبل فريق عين كفيف الطوعي، وإقامة دورات تدريبية في الحاسوب والتنمية البشرية لصقل شخصية المكفوفين قبل التحاقهم بالجامعة وتوجيههم وتعريفهم بالتخصصات وطبيعة البيئة الجامعية، وبعد التخرج يتم تدريبهم على كيفية تسويق الذات وإعداد السيرة الذاتية لتسهيل دخولهم إلى سوق العمل.
وحسب العبسي، فإن المركز يقوم بمتابعة المستحقات الدراسية أو ما تسمى بدل المواصلات للطلبة من صندوق المعاقين، إضافة إلى الإعفاءات المالية للطلبة وتذليل الصعوبات أمامهم والتوعية بكيفية التعامل مع الكفيف في الجامعة.
تنمية المهارات
يسهم فريق “عين كفيف” التطوعي، في تنمية مهارات الطلبة ذوي الإعاقة؛ حسبما أفادت هدى عامر، أحد الطالبات الجامعيات المتطوعات ضمن فريق “عين كفيف”، لـ “نسوان فويس”.
ووفق عامر، يقوم فريق “عين كفيف”، بتنمية المهارات العلمية والثقافية للطلبة من ذوي الإعاقة ومساعدتهم في إنجاز البحوث والتكاليف الجامعية، ومتابعة تحركهم بين منازلهم وقاعات المحاضرات، وتسجيل المناهج والمقررات صوتياً.
تقديرات متفاوتة
فيما أفاد تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، بأن وصول ذوي الإعاقة إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم غير كافٍ، ما يشكل تحديات خطيرة أمام رفاقهم.
وحسب التقرير، فإن الافتقار إلى بيانات شاملة عن ذوي الإعاقة، لا سيما في شمال اليمن، يعيق فهم احتياجاتهم والتحديات التي يواجهونها، خصوصاً النساء والفتيات ذوات الإعاقة، وهذا يجعل وضعهم صعباً للغاية، حيث يتم تجاهل احتياجاتهم غالباً.
بدوره قال رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين عبدالله بنيان، إن “ذوي الإعاقة يمثلون ١٥ بالمائة من عدد السكان في اليمن”، وهو ما يتوافق مع تقديرات منظمة الصحة العالمية، للعام 2019، التي أفادت بأن نسبة ذوي الإعاقة تصل إلى 15% من إجمالي السكان المقدر عددهم بنحو 35 مليون نسمة، ما يعني أن عددهم يبلغ نحو 4.9 ملايين شخص.
وكانت تقديرات المسح الوطني الديموغرافي للعام 2013، أشارت إلى أن نسبة ذوي الإعاقة بلغت حينها 3.2% من إجمالي عدد السكان.
ومع تفاوت تقديرات أعداد ذوي الإعاقة في اليمن، إلاَ أنه لا توجد إحصائية رسمية لعدد الفتيات اليمنيات المتخرجات من الجامعة من ذوي الإعاقة خلال السنوات الأخيرة، لدى الجهات المختصة، نتيجة لعدم وجود أي مسوحات ميدانية حديثة تستهدف جمع بيانات عن هذه الفئة، حسب الناشط الإعلامي والحقوقي فهيم القدسي.