الطبيبة نبيلةالحسني..ضوء في نهاية النفق الصحي بمحافظة الضالع

شارك المقال

علاء السلال _ نسوان فويس

في الشمال الغربي من محافظة الضالع وتحديداً منطقة تورصة تستوطن معاناة نسائية منذ عقود مضت، وما تزال تلقي بأثقالها على كاهل المرأة الريفية في تلك القرى النائية والبعيدة، حيث تنعدم الرعاية الصحية، وتموت النساء بسبب تعسر الولادة، وعدم توفر مراكز صحية، وتعجز نساء كثيرات من الوصول إلى المشافي في المدينة التي تستغرق ثلاث ساعات بالسيارة على طريق ترابي وعرة، فضلا عن إنتشار العديد من الأمراض منها حالات سوء التغذية الحاد والمتوسط، والاسهالات المائية والكوليرا وغيرها.

ومما يضاعف المعاناة ويعزل المنطقة عن محيطها تأثير السيول على المواطنين حيث تنقطع الطرقات بشكل كلي ويتكرر ذلك كل عام في موسم الأمطار وخصوصا في مناطق بلاد الأحمدي بتورصه، وأعمور، وشان وحورة غنية، وكذلك تأثير مياه الصرف الصحي التي تنفتح بين الحين والآخر في مجرى وادي تبن ويتسبب ذلك بتلوث المياة وانتشار للكثير من الأمراض والأوبئة، منها مرض الكوليرا حيث بلغت عدد حالات الإصابة بالكوليرا في المديرية من شهرأبريل إلى يومنا هذا من العام 2024م ما يقارب 2703حالة، الإيجابي منها 309 حالة.
وفي ظل هذا الأوضاع الصحية المتدهور في مركز تورصة شمال غرب محافظة الضالع تبلورت البدايات الأولى لدى الطبيبة النسائية نبيلة عبدالسلام في إحداث تغيير يخفف من معاناة النساء ويقدم ولو الشيء اليسير من خدمات الرعاية الصحية، فكانت النواة لهذه الفكرة إنشاء مركز طبي صغير لتقديم خدمات الرعاية الصحية للحوامل والمرضعات وتنظيم الأسرة، وكذا علاج الإسهالات والإلتهابات والحميات المنتشرة بكثرة هناك.

مركز صحي صغير بمقام مستشفى في منطقة نائية


منذ أن كانت طفلة في المرحلة الإبتدائية عايشت نبيلة الحسني هم النساء في منطقتها، وقررت منذ ذلك الحين أن تكون طبيبة تساعد بقدر الإمكان نساء المنطقة، فألتحقت بالمعهد الطبي بمدينة الضالع، وعند تخرجها كقابلة عادت إلى منطقتها لتضع أولى لبنات الحلم، حيث أنشأت في العام 2002م مركزاً صحياً صغيراً يقدم خدمات الرعاية الصحية للنساء والأطفال، وكان أول مركز صحي في المنطقة.

تقول الطبببة نبيلة الحسني” الواقع الصحي في منطقة تورصة خاصة وباقي القرى المجاورة سيء للغاية، ولهذا جاءت فكرة إنشاء المركز الصحي بجهود ذاتية، في محاولة لتخفيف معاناة النساء والأطفال، والفضل بعد الله يعود لعائلتي وزوجي الذين ساعدوني في رحلة الدراسة أولا ومن ثم تأسيس المركز الصحي إيمانا منهم برسالة الطب في تقديم المساعدة والعون للمرضى ”

وتضيف” منطقة تورصة من المناطق الموبؤة بالكثير من الأمراض والحميات منها الملاريا والكوليرا والبلهارسيا وحالات سوء التغذية السام والولادات المتعسرة وغير ذلك الكثير، ونظراً للظروف المعيشية للأهالي يعجز بعضهم في الذهاب إلى مشافي العاصمة بسبب بعد المسافة و راتفاع تكاليف النقل، لذلك شكل المركز فارقا في حياتهم وساعدهم كثيرا”.
وتتابع” يستقبل المركز بشكل يومي حوالي 20 حالة غالبيتهم من النساء والأطفال، حيث نبدأ العمل عند الثامنة صباحاً إلى وقت متأخر من المساء نظراً لوجود حالات ولادة، ولا يوجد مركز آخر في المنطقة يمكن أن يخفف الضغط علينا، ونحن بكل الأحوال نقدم ما نستطيع عليه، ولدينا أمل بالتوسع والتطوير بحيث ترتفع القدرة الاستيعابية لدينا”.

الأجهزة والمعدات والكادر النسائي ..أهم التحديات التي تواجه المركز


وعن الصعوبات والعراقيل التي تواجهها تقول نبيلة” نحن نراعي المرضى بشكل كبير ولا نأخذ سوى رسوم رمزية، وهذا الأمر يحول دون القدرة على توفير الكثير من المستلزمات، حيث نواجه مشاكل عديدة منها نقص الأدوية وعدم امتلاك أجهزة ومعدات طبية حديثة، وعدم توفر التيار الكهربائي وغير ذلك الكثير من المتطلبات الأساسية”.
وتضيف” نتطلع لفتح مركز طبي شامل يحتوي على مختلف الأقسام والأجهزة والمعدات الطبية الحديثة وأيضا توفير الأدوية لكي نتمكن من تقديم خدمات للمرضى بشكل كامل وأيضاً لنساهم في إنقاذ أرواح النساء اللائي تتعسر ولاددتهن والأطفال الذين يعانون من الأمراض وسوء التعذية”.

وتتابع” نتطلع كذلك لاستقطاب كادر نسائي من خارج المديرية نظراً لعدم وجود ممرضات وقابلات، لا سيما وأن المجتمع ما يزال غير مهيأ في قبول أطباء وبالذات في مجال التوليد، ويفضل أن يكون الكادر نسائي”.

 

ردود مجتمعية إيجابية حول المركز الصحي


تعتبر منطقة تورصة مركز تجمع السيول القادمة من الجبال المحيطة، لذلك تتفاقم معاناة الأهالي كل عام مع موسم هطول الأمطار، حيث تنقطع الطرقات الترابية، ويقفد الأهالي القدرة على الوصول بالمرضى إلى المدينة، ومن وجهة نظر الكثير من أهالي المنطقة فإن المركز الصحي قد شكل أهمية إنقاذية كبيرة لأهالي المنطقة.
وفي هذا الصدد يقول الناشط الإعلامي فؤاد المقرعي وهو من أبناء المنطقة” استطاعت الطبيبة نبيلة الحسني تقديم خدمة إنسانية جليلة لأبناء المنطقة، وعملت ما لم تستطع أن تعمله الدولة طوال عقود مضت”.
ويضيف” في موسم الأمطار يعاني سكان تورصة والمناطق المجاورة من أضرار السيول القادمة من المرتفعات الجبلية، حيث تنقطع الطرق لعدة أيام في جميع قرى مركز تورصة (الغيل وحورة غنية واعمور) جراء تدفق السيول القادمة من محافظة إب وهذا يجعل الأهالي يعيشون عزلة تامة و يؤثر على المرضى بشكل مباشر”.

ويتابع المقرعي” تعد الطبيبة نبيلة أول عنصر نسائي في مجال التطبيب في المنطقة، وتقدم خدمات لمئات المرضى في المنطقة والمناطق المجاورة منها منطقة مقبلان التابعة لمديرية الحشاء، وبعض قرى مديرية المسيمر التابعة لمحافظة لحج، ونحن كأبناء المنطقة ندعم ونفتخر بهذه الجهود الإنسانية النبيلة التي تؤكد أن الطب رسالة رحمة”.

من جانبه يقول الصحفي نبيل الجنيد أحد أبناء المديرية ذاتها” أن وجود وحدات صحية كهذه خصوصاً في مناطق نائية تسهم كثيرا في تقديم الرعاية الصحية للسكان ، وإنقاذ الكثير من الأرواح وخصوصاً للنساء اللائي يعانين بشكل كبير الوصول إلى مراكز الأمومة والطفولة أثناء الولادة بسبب وعورة الطرق وبعد المسافة ، وإضافة إلى ذلك تخفيف من تكاليف المواصلات نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات والأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد”
ويضيف” على سبيل المثال قرى بلاد الأحمدي ، والقرى المجاورة من منطقة حمادة يعاني فيها السكان كثيراً نتيجة وعورة الطرق وتحديداً عند هطول الأمطار وتدفق السيول مما يعيق المواطنين و تتقطع بهم السبل نتيجة وعورة الطرق للوصول إلى المدن الرئيسية، وما قامت به الطبيبة نبيلة الحسني يخفف على الأسر الفقيرة ويقدم لهم خدمة طبية إنقاذية”.

وفي نظر الكثير من أبناء المنطقة تعتبر الطبيبة نبيلة الحسني ضوء في نهاية النفق الصحي في المنطقة، حيث تنعدم الرعاية الصحية، ومتطلبات الاستشفاء البسيطة، وأصبحت ملهمة للكثير من الفتيات في المنطقة، والأمل يحدو الجميع في تحسين الوضع الصحي، وإنقاذ مئات النساء والأطفال من الأمراض والأوبئة المستوطنة بالمنطقة.

تم إنتاج هذه المادة بالشراكة مع منصة الفانوس .

 

مقالات اخرى