اللجوء للمعالجين بالرقية.. طريق تسلكه النساء قد يكون محفوفاً بالمخاطر

شارك المقال

أمل وحيش _ نسوان فويس

يعتبر العلاج الروحاني أو العلاج بالقرآن (الرقية الشرعية) من أدوات العلاج المنتشرة في العديد من البلدان العربية، بما فيها اليمن، وبحسب تقرير للبي بي سي فإن النساء هن أكثر الفئات إقبالاً على العلاج بالقرآن والمعالجين الذين يدعون أن لهم القدرة على إخراج “السحر” والعين والحسد من أجسادهن، بمختلف مسمياتهم.
الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها اليمن لا شك أثرت نفسياُ على الكثير من النساء فهن الأكثر عرضة للضغوط النفسية نتيجة الحرب وما أحدثته من دمار، وفقر وعوز، ما أثر صحياً على الكثير منهن، وهو ما اضطرهن للبحث عن أقصر الطرق للعلاج بل والأقل تكلفة.
اعتقاد
تقول “أم سارة” اسم مستعار بأنها تعالجت لدى الكثير من الأطباء، وأجرت عمليتين في الظهر دون جدوى، حتى دلتها إحداهن على معالج بالقرآن الكريم، حيث تؤكد أنها استمرت على بعض الجلسات مع هذا الشيخ المعالج الذي تقول إنه لم يكن يقرأ سوى القرآن وبعض الآيات المتعلقة بالسحر والحسد والعين، وكتب لها بعض الزيوت والأعشاب لتستخدمها ،وخلال فترة علاجها القصيرة تقول إنها تحسنت كثيراً حيث بحسب الشيخ المعالج فقد كانت تعاني من عين خبيثة ولكنها تعافت تماماً من ذلك الألم الذي كانت تعاني منه حسب قولها.
من جهتها تقول :” أم محمد” إنها شاهدت الموت ونحل جسدها، وكانت شبه مقعده على الفراش، بعد أن تقطعت بهم السبل للعلاج لدى أكبر أفضل الأطباء في صنعاء وكل واحد منهم يخبرها بأنها سليمة، ولاتعاني من أي مرض خطير، وبعد أن أصبحت عظم بلا لحم كما تقول أرشدتها صديقة مقربة للذهاب إلى إحدى السيدات المعالجات بالقرآن ،وهو ما قامت به بالفعل وبشهادة جارتها التي تؤكد بأنها الآن إنسانة أخرى غير التي كانت عليه قبل أشهر، فقد كانت حسب تعبير جارتها “هيكلاً عظمياً” ، وما لم يستطع الأطباء تشخيصه، استطاعت جلسات العلاج بالرقية الشرعية حسب ما تؤكد ” أم محمد” أن تعيد لها الحياة، بعد أن كادت أن تُشل تماماً بسبب السحر الذي عُمل لها من قبل أختها كما تدعي.
كذلك تعتقد ” زهرة الحياة” اسم مستعار بقوة السحر وتأثيره، وبأن هناك من يستطيع تدمير حياة الناس وإلحاق الضرر بهم خاصة إن كانت من قامت بذلك العمل هي “الضرة” متحدثة عن تجربتها مع إحدى المعالجات الشعبيات، التي تقول إنها استطاعت أن تخرج لها السحر من بيتها الذي أقدمت على عمله “ضرتها” من أجل التفريق بينها وبين زوجها، وكان ذلك واضحاً حسب قولها في تعامل زوجها الذي تغير بشكل ملحوظ، حتى أنه أصبح لا يطيق لها كلمة ولا صوت، بعد أن كان يعتبرها روحه حسب ما تقول، وكما تقول فقد استطاعت علاجه عن طريق تلك المعالجة التي تظن أنها ربما تستعين بالجن، لكن ذلك لم يثنيها عن رغبتها بمعالجة زوجها واعتقادها القوي بقدرة تلك المرأة على إبطال ذلك السحر الذي عكر صفو حياتها مع ، ورغبتها برجوع زوجها لحالته الطبيعية، وما يطمئنها حسب قولها هو أنها لم تؤذي أحداً وإنما أبطلت أذى كان سيدمر حياتها وحياة زوجها.
تشكيك
“أمل” لم تكن تؤمن بأن السحر والحسد أو العين قد يؤثر عليها أو على أحد، إلا أن تجربتها مع المرض جعلتها توقن بأن هناك عيون لا ترحم، وبأن هناك أناس أعماهم الحقد إلى الحد الذي جعلهم يشركون كما تقول:” “بالبداية ماكنت مقتنعة أبداً إن فيه شيء اسمه سحر أو عين أو حسد ، وكنت أقول للي يجلسوا يقولوا هكذا إنهم أمراض نفسيين لحد ما تعبت جداً وكانت تجيني أعراض المرض في وقت محدد وعلى مدى أربع سنوات نفس الأعراض ونفس التوقيت، حتى أخذتني صديقتي لأحد المعالجين الذي طلب مني عمل حجامة، وأن استخدم بعض الأعشاب والزيوت المرقية، والحمد لله تحسنت، وهو ما جعلني أتقبل فكرة أن يكون هناك أناس سيئين للحد الذي يمكن أن يقوموا بالتفكير بأذية الآخرين بهذه الأفعال المنافية للإسلام”.

“جواهر” اسم مستعار تقول إن والدتها لم تكن تهتم لأمور السحر والشعوذة، وكانت على يقين بأنها بعيدة عن هذه الأمور ولديها ثقة بأنه لا يوجد من يريد بها الضرر، حتى أدركت ذلك بعد أن كانت تشعر بأعراض غريبة يوماً بعد آخر ووصل بها الأمر كلما اقترب المساء تصرخ بعلو صوتها ، وتريد أن تخرج من البيت، وتشعر بضيق كبير، وقد تم إسعافها لكن الأطباء يصنفون حالتها على أنها ضغوطاً نفسية وبحسب قولها لم يجدي العلاج نفعاُ، حتى أخبرتهم جارتها بضرورة الذهاب إلى أحد المعالجين ليرى مابها، وبعد إقناعها ذهبت لأحد المعالجين الذين يقولون عنه في كثير من المناطق اليمنية “يفتح الكتاب” وعلى الرغم من رفضها ذلك الأمر إلا أن وضعها الصحي حسب ابنتها كان يلزم معرفة ما ذا جرى لوالدتهم!، وبعد أن دفعوا مبلغاً لذلك المعالج أخبرهم بطريقة أو بأخرى أن هناك من وضع سحراً لوالدتهم على عتبة الباب، وهو ما أدخلها في هذه الحالة، وقد قام حسب قول “جواهر” اسم مستعار بمعالجة والدتهم وإخبارهم بمكان وجود السحر وتم إخراجه ورأوه بأم أعينهم كما تقول.
تحرش


الذهاب للمعالجين تهدف به بعض النساء لاستعادة العافية التي يعتقدن بأن لذلك الشيخ أو المعالج القدرة على إعادتها إليهن، ولكن ليس كل ما يلمع ذهباً، فهناك الكثير ممن يدعون أنهم معالجون بالقرآن يقومون بالتحرش بمريضاتهم بطرق مختلفة، وغالباً ما يكون ذلك باللمس في مناطق غير وضع اليد على رأس المريض كما هو متعارف عليه، فهذه “صفية” تقول إنها ذهبت لشيخ عالج أختها في السابق حسب قولها من سحر عمل لها من قبل صديقتها، ولإيمانها بأنه كان سبباً بشفاء أختها، قررت أن تذهب إليه لتعرف لماذا لا يأتيها العرسان، وكلما جاء أحدهم لا يتم الأمر، اصطحبت صديقتها معها وذهبت إلى الجامع بعد إنتهاء صلاة الظهر، واستقبلها هي وصديقتها، وبدأ يتحدث معها عن الأعراض ، وطلب منها أن تجلس أمامه فجلست وبدأ بقراءة بعض الآيات وهو ممسكاً برأسها ورأس صديقتها معاً، إلا أن صديقتها كانت أكثر حذراً وتركيزاً مع الشيخ، فقد لاحظت أنه كان يتقرب أكثر من صديقتها حتى باتت قدماه تلامس قدميها، وهو الأمر الذي جعلها تبعد يده من رأسها وتشعر صديقتها بضرورة الخروج، وهو ما حدث، وأقسمت ألا تذهب بعدها لشيخ مهما كان.

أما ” لطيفة” اسم مستعار فقد أكدت لنا أنها ذهبت مع صديقتها لأحد المعالجين الذين يدعون قدرتهم على إخراج السحر، والقدرة على شفاء المرضى، واكتشفت بعد ما تواصلين معه أنه إنسان غير سوي، وبأنه ليس معالجاً حقيقياً بل مستغلاً لضعف النساء وحاجتهن العاطفية، وحين واجهته أخبرها بأنه لا يجبر أحداً على الذهاب إليه، وأنهن هن من يأتين إليه بأرجلهن حسب قولها.
وعن عدم ذهاب بعض النساء للأطباء تقول إن التكاليف الباهظة لمراجعة الطبيب والفحوصات والأدوية تحول دون ذهاب الكثير من النساء للأطباء، ويختصرن الأمر بمبلغ يسير يعطى للمعالج خاصة من يعالجون بالرقية الشرعية فقط الذي تقول إن أعلى سعر قد يأخذه هو مبلغ 1000 ريال.

أسباب وراء لجوء النساء للمعالجين


الباحث والكاتب في شؤون وطرق التداوي الشعبي والنباتات الطبية في اليمن، ومؤلف كتاب (( نباتات وأعشاب علاج السحر في اليمن) عبدالفتاح الحكيمي يرى أن لجوء النساء للتداوي لدى المعالجين بالقرآن الكريم، أو المشعوذين و الدجالين، يعكس أشياء عديدة مختلفة في شخصية المرأة وثقافتها الخاصة مقارنة بالرجل وأهمها قلق النساء والفتيات أكثر على مصير علاقاتهن الزوجية والعائلية يدفعهن للبحث عن أي وسيلة للحفاظ عليها ولو باللجوء إلى السحرة والمعالجين، ويضيف بأن علاقة المرأة أكثر نسبياً بعالم السحر والسحرة من حيث طلبها أعمال السحر لجلب منفعة خاصة أو الانتقام من الآخرين خصوصاً عندما يتعلق الأمر بموضوع العلاقات الزوجية والعائلية وسحر التفريق وجلب الشريك، وهو ما يجعل البعض يلجأن لتوطيد علاقتهن بالشريك ولكن بطرق غير مشروعة مثل عمل جلب للحبيب الذي قد يكون تعلقه بوالدته وأهله مقابل إهمال زوجته, أو الانتقام من غدر من وعدها بالزواج واختار غيرها بعمل سحر تفريق أو مرض وغيره.
انتقام وخدع بصرية


علاقة المرأة بالسحر والسحرة جزء من حياة وهواجس ومخاوف قطاع لا بأس به من النساء، وكذلك العلاج واللجوء إلى الشيوخ و المعالجين بالقرآن والمشعوذين وغيرهم يكون نتيجة لذلك عندما تتعقد الحياة الزوجية والعائلية الخاصة، لذلك حسب قول (الحكيمي) تُرجع المرأة غير الناضجة وليس جميعهن كل منغصات حياتها الزوجية والعائلية إلى أعمال السحر المعقود أو المشروب أو الإصابة بالعين والحسد والمس.

ويضيف (الحكيمي) بأن المرأة الموقنة بتأثير السحر والدجل ترى قوتها أكثر في السحر أحياناً لاسترجاع حقها أو الثأر لنفسها ممن تعتقد أنه قد ظلمها، بينما يثأر الرجل لنفسه بالانتقام الشخصي المباشر بطريقته، ولجوئه للسحر أقل من المرأة، رغم اعتقاد بعض الرجال والنساء المشترك في الأرياف بوجه خاص بتعليق حروز وقلادات وخواتم الشعوذة الخاصة بالحماية والوقاية من العين والحسد والأرواح الشريرة.
يلجأ طابور من النساء إلى المشعوذين الذين لهم طرق خاصة في الدجل وادعاء معرفتهم بمشكلات المرأة وحلولها وليس إلى المعالجين بالقرآن الكريم.
ويزعم المشعوذون كشف من تسبب لها بالأذى أو عمل السحر المزعوم مقابل أموال وعطايا وممارسة الخدع البصرية لاستخراج أوراق أو آثار معينة من البطن أو من مكان معين في المنزل.. وهكذا”.
العامل الآخر بحسب (الحكيمي) في شخصية صنف من النساء المنجذب أكثر للعلاج الوجداني والعاطفي لرهافة نفسيتها وروحها ويقينها بالشفاء بكتاب الله (القرآن الكريم) فتلجأ إلى المعالجين بالقرآن الكريم بعد انتشار صيتهم السنوات الأخيرة رغم محاذير عديدة على طرق العلاج الخاطئة التي يمارسونها.
عدم تمييز


تتكرس ظاهرة تداوي النساء والرجال عند المعالجين و الشيوخ والمشعوذين في الأرياف المحرومة من الخدمات الطبية والمستشفيات والعيادات الحديثة باعتبارها المتاح والممكن، بينما تقل الظاهرة نسبياً في المدن حيث يكون الذهاب إلى الشيوخ والمعالجين أحد الخيارات مع المستشفيات، بحسب (الحكيمي) ويشير إلى أنه لايزال هناك اعتقاد بين مجتمع النساء في أرياف اليمن ومناطق الصحراء والبدو بالتداوي لدى (السيد) لمختلف الأمراض العضوية وليس السحر أو المس والعين فقط.
و” السيد” هو طبيب شعبي من فرق المتصوفة غالباً تجمع طريقته في العلاج بين وصفات “الحروز” التقليدية المكتوبة المتوارثة وتعليقها والأدعية والتضرع للأولياء وقبورهم، وكذلك الحجامة والكي بالنار والأعشاب والزيوت العطرية وأكل الطين والتراب وزيارة الأضرحة لنيل بركة الشفاء.. ويضيف بعضهم القرآن الكريم بحسب موضة التداوي الراهنة.
أما القواسم المشتركة بين النساء والرجال والتداوي لدى محلات المتكسبين بالقرآن الكريم حسب رأي (ألحكيمي) فهو عدم القدرة على تمييز ما هو مرض نفسي أو عضوي وما هو عمل سحري خبيث بسبب تشابه العديد من الأعراض والمشاعر والانفعالات والهلوسات البصرية والسمعية بين مضاعفات السحر وبعض الأمراض.
ثقافة متدنية
يعتبر (الحكيمي) أن لجوء النساء والرجال إلى المعالجين المشعوذين وحتى بعض السحرة للتداوي يعكس ثقافة صحية متدنية وسذاجة كبيرة لدى شرائح عديدة في المجتمع لأن المستشفيات وعيادات الطب الحديث هي قنوات العلاج والتداوي الصحيحة والآمنة وليس المشعوذين والمتكسبين بالقرآن الكريم أو من يزعمون علاج السحر إن وجد بسحر مثله.
ويضيف :” المفارقة إن بعض النساء يلجأن للبحث عن علاج لأمراض مثل تأخر الإنجاب ومشاكل الخصوبة ونوبات الصرع والتشنجات لدى السادة والمشعوذين, وحتى عند المعالجين بالقرآن الكريم الذين يتطاول بعضهم على الأمراض العضوية التي يعالجها الطب الحديث بنجاح كبير”.
ولاشك لدى أي مسلم أن القرآن الكريم فيه شفاء ورحمة كما ذكر الله تعالى، وبإمكانه المساعدة في علاج بعض الأمراض الروحية مثل السحر والعين والمس، ولكن الأمراض العضوية مكانها عيادات الطب الحديث التخصصي بحسب ( الحكيمي) ويؤكد على المرأة وغيرها بضرورة الذهاب إلى عيادات الأطباء الرسميين للكشف والتحاليل قبل اضطرارهم لمحلات ودكاكين المشعوذين والمعالجين بالقرآن حسب وصفه.

استغلال ومخاطر

يتعرض الكثير ممن يلجأون للعلاج الروحاني أو لدى المدعين بأنهم معالجين بالقرآن ، للنصب والاستغلال، وأكبر استغلال تتعرض له النساء والرجال برأي (الحكيمي) هو استخفاف المشعوذين والشيوخ والمعالجين بعقولهم، وكذلك ابتزاز الأموال المستمر وتعاطي وصفات أدوية مجهولة المكونات وبعضها سام جداً وقاتل مثل حبة الملوك, حبة السلاطين المستعملة كمسهل عنيف بزعم استخراج السحر من البطن والدم, وقد تسبب بعض المعالجين بالقرآن الكريم بموت العديد من الناس نظرا لعشوائية استعمال هذا العقار وغيره وعدم اختصاص المعالجين بهذا النوع الخطير من الأدوية النباتية.
مضيفاً أنه ليس بالضرورة التطويل في آيات الرقية, فالرسول صلوات الله عليه وسلم أقر بسورة الفاتحة فقط أو الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة أو الفاتحة والمعوذتين والصمد, وكلها كافية ومشهورة في علاج السحر وغيره، بينما يعمد الكثير من المعالجين حول التداوي بالقرآن الكريم إلى ما يسميه (الحكيمي) مسرحية طويلة جداً تستند على قراءة كل آيات وسور الرقية حتى يبدو للناس صعوبة التداوي بالقراءة الذاتية أو بالسور والآيات القصيرة المشهورة فيضطرون إلى الاستعانة بالمعالجين للمشقة التي يعتقدونها خطأً بسبب طريقة تطويل المعالجين للجلسات
ويعتبر تلك الطريقة في العلاج من صور الابتزاز والاستغلال والاستخفاف بالعقول لأن الرسول عليه الصلاة والسلام تداوى شخصياً برقية جبريل، وأقر علاج العين بسورة الفاتحة فقط، كما يقول.
إضافة إلى تعرض بعض النساء للتحرش، وغالباً ما يحدث ذلك بحسب الحكيمي عند ذهاب المرأة أو الفتاة إلى ما يسميه (دكاكين) للتداوي لدى المعالجين أو المشعوذين، والسحرة بدون محرم.
وحول ذلك ينصح بأن يتم العلاج بالقرآن الكريم ذاتياً في البيوت، أو للضرورة القصوى استدعاء المعالج نفسه إلى البيت في حضور الأهل، والعديد من الناس يفعلون ذلك في جلسات العلاج والتداوي بالقرآن الكريم ما يثبت حسن النية.
ويُفضل أن يقرأ الشخص نفسه آيات وسور الرقية الشرعية أو أحد أقاربه المتمكنين لإن إستجابة الله سبحانه وتعالى كما يقول تكون أسرع في الشفاء دون وسيط.
الطب أولاً


( الحكيمي) يؤيد الطريقة الصحيحة المشروعة في علاج أي مرض خاصة في ظل تطور الطب وهي ذهاب الجميع إلى عيادات الأطباء الرسميين الحديثة لعرض شكواهم الصحية والنظر فيها من الاختصاصيين، ولا بأس بعد ذلك إذا ظهرت بعض المتاعب النفسية والروحية في زيارة أحد المعالجين بالقرآن الكريم عندما تظهر أعراض مشتركة لا يستطيع الطبيب تشخيصها وتجمع بين أعراض الحالات النفسية والعصبية وبين ما يعتقد أنه عمل سحر أو مس أو إصابة عين، أما لجوء المرأة في ذلك إلى المشعوذين والدجالين يفتح في وجهها كل أنواع الابتزاز المادي وغيره حسب وصفه.
وينصح عند اضطرار المرأة للجوء ل (الشيخ القارئ) بالاكتفاء بالقراءة والامتناع عن تناول المسهلات التي يصفها المعالج كونها سامة وقد تسبب الوفاة، ويفضل استبدالها بمسهلات صيدلانية طبية للتخلص من فضلات الأمعاء، أو تناول مغلي شربة (السنا المكي، شربة السنة) وهي سنة نبوية ويفضل تناولها في الليل قبل النوم بمعدل 5 جرامات من مسحوق الأوراق كمسهل توضع في ماء مغلي وتشرب بعد تحريكها، وهي مأمونة وفعالة حسب قوله.
محاذير!

يستخدم المعالجون طريقة “الاستمشاء” وهي تمشية البطن بالمسهلات وقد نصح بها النبي الكريم بغرض تنقية الجسم من الفضلات والسموم، وكونها مهدئ للجهاز العصبي، وليس لاستخراج السحر كما يزعم المعالجون، كما أن بعض المعالجين يصفون للشخص إحدى المقيئات السامة المشهورة وهي ثمرة(المنفلة, منفلة السحر) بزعم استفراغ السحر من البطن بالقيء, وهذا النبات سام قاتل تسبب في حالات عديدة بالقيء والإسهال الشديد الحاد وفقدان سوائل الجسم ثم وفاة حالات عديدة في محافظتي إب وذمار كما يقول (الحكيمي) ألذي
يؤكد أيضاً أن هناك بعض المحاذير الخطيرة جداً هو استخدام المعالجين بالقرآن الكريم شحنات الصعق الكهربائية على أطراف أصابع القدم بمزاعم إحراق الجني وإخراجه من الجسد، وعند تمرير التيار الكهربائي تصطك أسنان المريض بشدة الأمر الذي قد يتسبب بقطع لسانه وينزف وقد يفقد الوعي ويشعر بالدوار الشديد.. وهي شبيهة بطريقة العلاج بالصدمة الكهربائية في مصحات الأمراض النفسية والعصبية الحديثة التي تعمل بحذر شديد في حالات استثنائية تحت إشراف طبي واختصاصيين وليس متكسبين
وقد تتسبب بتلف خلايا الدماغ والصرع لصاحبها لاحقاً والذي ربما يشكو من الصرع الشبيه أو أعراض المس الشيطاني بحسب الحكيمي.
السحر حق
هناك من لا يزال ينكر حقيقة وجود السحر.. وكذلك هناك من يدعي أن له القدرة على إخراج السحر والجن.. إلخ، حول هذا الموضوع يقول “الحكيمي” إن السحر ليس أوهاماً فهو حقيقة موجودة ذكره الله تعالى في القرآن الكريم كابتلاء للمؤمن والكافر في اعتقاده بالله من جهة عندما كان الناس يؤمنون بالسحرة, وابتلاء للمؤمن وغيره من جهة ثانية في صبرهم على ما يلحقه السحرة من إضرار شخصي بالنفس والعائلة والجسد والمجتمع، وقد وصل السحر منذ القدم إلى المجتمعات الأخرى من بعض اليهود المرتدين عن التوراة, يقول الله عنهم في سورة البقرة بعد نبذهم كتاب الله وراء ظهورهم
{ (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ). سورة البقرة
ويضيف أن السحر عمل غواية إبليسي يقوم به الإنسان للإضرار بالآخرين بمعونة الشيطان نفسه (خادم السحر) وقد علموه للإنسان بحسب الآية لنشر الفساد، فساد العقيدة والعلاقات الاجتماعية الزوجية وغيرها
ويُكمل بأن السحر لا يصيب الإنسان إلا بإذن الله، فمعظم أعمال السحر تكفل الله تعالى بإبطالها قبل وصولها إلى المستهدف منها لإن المعركة والتحدي بين إبليس وخالق العالمين المتكفل بهم باللطف والرحمة، والحالات القليلة التي تظهر كما قال أحد السحرة اليمنيين التائبين تبطلها قراءة آية الكرسي وحدها حسب قوله.
رغم وجود السحر والعين والحسد، وهي حقيقة مفروغ منها إلا أن (الحكيمي)يحذر من تهويل وترهيب المجتمع وحشو رأسه بثقافة المخاوف والرعب من السحر، فهو يرى أن السحر قد تراجع كثيراً في اليمن بفعل تنامي الوعي المجتمعي.
ويشدد الحكيمي في ختام حديثه لمنصة “نسوان فويس” على المعالجين بالقرآن الكريم تصحيح تجارب وأخطاء طرق علاجهم الضارة مثل صرف المسهلات السامة العنيفة والصعق بالكهرباء والضرب بالعصي وطريقة الخنق التي لم تقرها السنة النبوية وأفعال النبي محمد صلوات الله عليه وسلم ولا الشرع ، لما لها من ضرر على المعالجين بالرقية حيث أن هذه الطرق شوهت سمعة القائمين على العلاج القرآني و أساءوا إلى روحانية كتاب الله وسنة رسوله بابتداعات باطلة وخطيرة قاتلة إما عن جهالة وحماسة ساذجة أو اللهاث المحموم للتكسب والإثراء غير المشروع حسب ما قال.
كما نوه إلى أهمية وجود رقابة رسمية على نشاط المعالجين بالقرآن الكريم خاصة الذين يتجاوزون قواعد الرقية وتنبه وزارة الصحة والجهات الرسمية لحماية أرواح الناس، فالرقية الشرعية الصحيحة وفق السنة النبوية تكتفي بالقرآن الكريم والأدعية المأثورة وليس تعريض حياة الناس للخطر والضرر بزعم التسريع بإخراج الجني وصعقه وإحراقه.

مالا يجب في الرقية


يُجمع العلماء على عدم جواز ادّعاء الراقي قدرته على الشفاء أو جلب الحظ أو جعل الشخص قادراً على الإنجاب أو تقريبه من زوجه أو إبعاده عنه، وغيرها من الادعاءات
وبإجماع علماء الفقه الإسلامي، ليس من الرقية الشرعية انفراد الراقي أو الراقية بالشخص طالب الرُقية، أو ملامسة جسده أو جسدها، خاصة المناطق الخاصة من الجسم.
يظل الكثيرون معتقدون بأن السحر، والعين، والحسد، هي ثلاثي الشر الذي يعتمد عليه البشر لإفراغ جام غضبهم على من أذاهم، أو من لم يرق لهم، وتبقى حماية الله التي توعد بها عباده بقوله:” وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله”.

مقالات اخرى