المناخ ..وتأثيراته على الأجنة

شارك المقال

خديجة الجسري _ نسوان فويس


تظهر الأبحاث أن الضرر الناجم عن التلوث والتغيرات المناخية، بما في ذلك إنتشار الأمراض المعدية، يمكن أن يصل حتى إلى الرحم، مما يؤدي إلى مضاعفات مرتبطة بالحمل، والولادة المبكرة، وانخفاض الوزن عند الولادة، والإملاص (ولادة طفل دون أن تظهر عليه علامات حياة).

قال عمر عبدي، نائب المدير التنفيذي للبرامج في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إن الإجراءات المتعلقة بتغير المناخ غالباً ما تتجاهل أن “أجساد الأطفال وعقولهم معرّضة بشكل فريد للتلوث والأمراض الفتاكة، وأنماط الطقس القاسية”.

مخاطر تهدد الحوامل


للجفاف آثار ضارة أثناء فترة الحمل، وعلى صحة الأطفال حديثي الولادة؛ إذ يسبب الفشل الكلوي والوفاة، كما أن الحرارة الشديدة تؤدي إلى المزيد من المشاكل الصحية والوفيات بين الفئات الضعيفة، بما في ذلك النساء الحوامل.

الدكتورة وجيدة مرّة أخصائية نساء وولادة قالت لمنصة “نسوان فويس”: العوامل التي تؤثر على نتائج الحمل، وصحة الجنين تتجاوز بكثير السلوكيات الفردية مثل التدخين، ويعد تغير المناخ عاملاً مهماً و مؤثراً على صحة الأم الحامل والجنين ، كذلك في طور التكوين وبعد الولادة أيضًا، ويمكن تحديد عدد من التغيرات التي يسببها المناخ، وتؤثر على صحة الجنين والأم، منها:

تلوث الهواء حيث؛ تم ربط تلوث الهواء بمجموعة من النتائج السلبية للحمل، بما في ذلك الولادة المبكرة، وانخفاض الوزن عند الولادة، وهي عوامل خطر لحالات مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكري في مرحلة البلوغ.

كما تقول أخصائية النساء والولادة في أحد مشافي عدن الدكتورة جمالة السيد: يمكن أن يؤثر التعرّض للتلوث أيضًا على نمو الرئة ووظيفتها، ويُعتقد أنه يساهم في الإصابة بالربو في مرحلة الطفولة.
وتشير الدلائل الناشئة من جميع أنحاء العالم إلى أن درجات الحرارة المرتفعة المرتبطة بتغير المناخ ترتبط أيضًا بتأثيراتها على الولادة المبكرة، وانخفاض الوزن عند الولادة.

وتحدثت لمنصة نسوان فويس الدكتورة بريئة الباشا طبيبة النساء والولادة في المستشفى الجمهوري بصنعاء بالقول: عندما تصبح المناخات أكثر رطوبة ودفئًا تزداد أعداد البعوض، مما يسّهل إنتشار الفيروسات والأمراض المعدية التي تؤثر على صحة الأم والجنين.
وتضيف: كذلك تنتقل بعض الأمراض المعدية من خلال البعوض مثل الملاريا وفيروس زيكا، مما يضرّ بصحة الجنين ونموّه، وتؤثر الملاريا على وظيفة المشيمة، وتزيد من خطر انخفاض الوزن عند الولادة، والولادة المبكرة، والإجهاض.
وتابعت: وينتقل فيروس زيكا من الأم إلى الجنين، ويسبب عيبًا حادًا في الدماغ يُعرف باسم صغر الرأس يتميز بصغر حجم المخ والرأس، بالإضافة إلى تلف في العينين والمفاصل والعضلات.


تقول الدكتورة وجيدة مرّة عن نقص الغذاء: تحتاج السيدات أثناء الحمل لتناول العديد من الأطعمة التي تحتوي على المعادن والفيتامينات التي يحتاجها الجسم لدعم نمو جنين صحي، ونتيجة التغيرات المناخية من المتوقع تصحر جزء كبير من الأراضي الزراعية المسؤولة عن إنتاج الغذاء ما قد يؤثر سلبًا على صحة النساء الحوامل.

وتضيف: تنتقل الكثير من الأمراض عن طريق الغذاء، ومع التغيرات المناخية من المتوقع تنامي وانتشار الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء، مما يعرض الكثير من الحوامل لخطر حدوث مضاعفات صحية أثناء الحمل.

وأشارت العديد من الأبحاث إلى أنه من المتوقع أن تقلل إمدادات الغذاء بنسبة تصل إلى 7.57% يُقدر أن 250 مليون طفل دون سن الخامسة معرضون حاليًا لخطر ضعف المناعة والتقزم واضطرابات النمو نتيجة العيش في بيئات غير صحية.

أزمة المناخ تهدد الحق الأساسي لكل طفل
قالت الدكتورة منال العوكبي أخصائية أطفال: “إن الإجراءات المتعلقة بتغير المناخ غالباً ما تتجاهل أن أجساد الأطفال وعقولهم معرضة بشكل فريد للتلوث والأمراض الفتاكة والطقس المتطرف.
و أوضحت أن أسباب الوفيات تختلف من طفل لآخر، إذ أن هناك أمراض موسمية مثل الفيروسات تكثر في فترات معينة في السنة، وهناك أمراض الطفولة القاتلة التي انتشرت مؤخراً بسبب عدم أخذ اللقاحات.

وفي حديثه لمنصة “نسوان فويس” قال علي قاسم، أخصائي الإتصال الخارجي والإعلام بمكتب (اليونيسف) في عدن إن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة لتأثير التغيرات المناخية والبيئية من البالغين لعدة أسباب هي:
ضعف جسدي: الأطفال أضعف بدنياً، وأقل قدرة على تحمل الصدمات والنجاة منها مثل الفيضانات والجفاف والطقس القاسي وموجات الحر.
تأثر أكبر بالمواد السامة: الأطفال أكثر تأثرا بالمواد السامة، مثل الرصاص وغيرها من أشكال التلوث، مقارنة بالبالغين، حتى عند التعرض لها بجرعات أقل.
خطر أكبر للوفاة: يواجه الأطفال مخاطر أكبر للوفاة مقارنة بالبالغين من الأمراض التي يرجح أن تتفاقم بسبب تغير المناخ، مثل الملاريا وحمى الضنك.
حرمان مدى الحياة: أي حرمان نتيجة لتغير المناخ وتدهور البيئة في سن مبكرة يمكن أن يؤدي إلى ضياع فرص مدى الحياة.

وأضاف قاسم: يواجه جميع الأطفال تحديات مرتبطة بتغير المناخ، وتدهور البيئة الطبيعية. ومع ذلك، فإن بعض الأطفال أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ من غيرهم – وهذا يتوقف إلى حد كبير على توافر الخدمات الأساسية للأطفال وجودتها و عدالتها و استدامتها، مثل خدمات المياه و الإصحاح البيئي والرعاية الصحية والتغذية والتعليم.


وأبدى أخصائي الاتصال الخارجي والإعلام في اليونيسف أسفه لعدم قدرة الأطفال الحصول على هذه الخدمات الأساسية، مشيراً أن ذلك لا يزيد فقط جراء تأثيرات التغير المناخي، بل من المحتمل أن يصعّب تغير المناخ من الحصول على تلك الخدمات الأساسية من قبل الأطفال.

وبالتالي يتم إنشاء حلقة مفرغة تدفع الأطفال الأكثر عرضة للخطر إلى براثن الفقر في الوقت نفسه الذي تزيد فيه من مخاطر تعرضهم لأسوأ آثار تغير المناخ.
كما إن إرتفاع درجة حرارة العالم يؤدي إلى زيادة إنتشار الأمراض القاتلة مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة بالنسبة للنساء الحوامل والأطفال الذين يمكن أن تكون هذه العدوى شديدة الخطورة عليهم.
وتظهر الأبحاث أن الضرر يمكن أن يبدأ حتى في الرحم، مما يؤدي إلى مضاعفات متعلقة بالحمل والولادة المبكرة وانخفاض وزن المواليد والولادة المبكرة. بالنسبة للأطفال، يمكن أن تستمر هذه الآثار مدى الحياة، مما يؤثر على نمو أجسادهم و أدمغتهم أثناء نموهم.

مع إجبار السكان على الإنتقال إلى مناطق ترتفع فيها مستويات مياه البحار أو البيئات المحلية المعادية التي لا يمكنهم فيها عيش حياة مستدامة، سيكون الأطفال نسبة كبيرة من هؤلاء الذين ينتقلون، وهذا يمثل مخاطر عالية عليهم أثناء التنقل وعند وصولهم إلى مواقعهم الجديدة.
مخاطر فريدة


تتعدد الآثار السلبية لتغير المناخ على النساء والأجنة خلال فترة الحمل، وتتخطى كونها تؤثر على الصحة الجسدية إلى تأثيرات تهدد الصحة العقلية.
ووفقا لموقع EPA، التابع لوكالة حماية البيئة الأمريكية، تم ربط المخاطر المتعلقة بالمناخ بما في ذلك الحرارة الشديدة والفيضانات وحرائق الغابات ببعض المشكلات الصحية للحوامل والأجنة، مثل فقر الدم وتسمم الحمل وانخفاض الوزن عند الولادة والولادة المبكرة وحتى الإجهاض.


أستاذ البيئة بجامعة عدن الدكتور جمال باوزير تحدث لمنصة نسوان فويس عن الأمر قائلاً: يصل تأثير تغير المناخ إلى النساء خاصة الحوامل منهن نتيجة لحالات الجفاف التي تتزايد مع ندرة أو نقصان المياه، وارتفاع درجة الحرارة الشديدة في العديد من المناطق.
وأشار باوزير أن ذلك ينعكس سلباً على صحة المرأة الحامل وصحة الجنين، وقد يسبب مضاعفات خطيرة خاصة مع إرتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، وفقدان السوائل مما يزيد من الإرهاق والضغط على المرأة الحامل خاصة مع عدم توفر الكهرباء أو انقطاعاتها المتكررة وربما يؤدي ذلك إلى الإجهاض المبكر.
وشدّد على أن أزمة المناخ تعرّض للخطر الحق الأساسي لكل طفل في الصحة والرفاهية، مضيفاً “مسؤوليتنا الجماعية هي الإستماع إلى الأطفال ووضعهم في قلب العمل المناخي العاجل، بدءاً من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28)” .

مقالات اخرى