أمل وحيش ـ نسوان فويس
تعد الدراما في وقتنا المعاصر من أهم وسائل توصيل الأفكار، والرسائل المجتمعية، كما أنها متنفساً للشعوب للترويح عن أنفسهم خاصة إن كانت تلبي احتياجات المتابع وتتطرق لمشاكله وهمومه، وفي السنوات الأخيرة برزت أعمال درامية يمنية تتنافس محلياً خاصة في شهر رمضان الذي يعد موسماً للإنتاج البرامجي والدرامي، وهذا ما يفتح الباب للعديد من الإنتقادات التي تطال المسلسلات اليمنية بين مؤيد ومعارض ويزيد الحديث إذا تعلق الأمر بظهور المرأة كشريك رئيس في العمل الدرامي فهي هنا تكون إما موضع نقد بناء، أو انتقاد لاذع.
لوحظ في السنوات الأخيرة تواجد المرأة اليمنية كعنصر فاعل في الدراما إلا أنها غالباً ما كانت تظهر كشخصية مستضعفة، ومغلوب على أمرها، وفي حال أوكلت لها الأدوار فإن البطولة غالباً تكون من نصيب الرجل، بينما اختلف الوضع نسبياً في السنوات القليلة الأخيرة وإن كان هذا الظهور يشوبه الكثير من القصور خاصة فيما يتعلق بتمثيل المرأة اليمنية والتطرق لقضاياها بشكل أمثل.
بطولة
تتنافس على الشاشات اليمنية في موسم رمضان هذا العام ما يقارب 10 مسلسلات تبث على مختلف القنوات الحكومية والخاصة، وما شجع على هذا التزايد في الإنتاج هو ظهور العديد من القنوات الفضائية الخاصة التي أتاحت الفرصة للأعمال الدرامية بالظهور بشكل أكبر، ومع الحديث عن مشاركة المرأة سواء في منحها فرص للمشاركة بشكل أكبر في الدراما أو منحها أدوار بطولة ، يقول الفنان (نبيل حزام) أحد أبطال مسلسل “قرية الوعل” إن العنصر النسائي له دور كبير في الدراما اليمنية وغالباً ما كانت تظهر المرأة كمشارك في البطولة حد قوله: ” بالنسبة لمشاركة العنصر النسائي في أغلب أعمالنا الدرامية بتكون ربما مشاركة في البطولة لأي عمل درامي ولكن بحدود، عدم تجاوز حدود وجودها ككيان في مجتمع ذكوري”.
هذه الحدود هي ما جعلت الممثلة اليمنية مستبعدة من أخذ أدوار البطولة ويتم منحها أدواراً ثانوية وفي أفضل الأحوال تشارك في بطولة ثنائية إلى جانب الرجل.ويضيف الفنان (نبيل حزام) بأن الوضع اختلف في دراما هذا العام حيث منحت الممثلة اليمنية مساحة أكبر في الأدوار وتجسيداً مختلفاً لدور المرأة القوية كما هو الحال مع شخصية الفنانة “نجيبة عبدالله ” في مسلسل “قرية الوعل” الذي تجسد فيه دور الشيخة معجبة ويرى أن الفنانة نجيبة عبدالله أخذت مساحة رائعة ومميزة كدور وفعل درامي واستطاعت بحسب رأيه أن تحقق حضوراً مميزاً وأداءً مذهلاً ، كما أثنى على دور الفنانة منى الأصبحي في المسلسل، وكذلك الحضور النسائي الكبير والملفت في المسلسل، وأشار ( حزام ) إلى الدور الملفت للفنانة أمل إسماعيل في مسلسل “ماء الذهب” حيث يقول:” الفنانة امل اسماعيل في مسلسل ماء الذهب لا يقل دورها عن دور كل أبطال المسلسل”.
نظرة إيجابية لتواجد المرأة اليمنية في دراما رمضان هذا العام وظهورها بشكل مختلف استقاها الفنان نبيل حزام من خلال متابعته لبعض الأعمال خاصة التي شارك فيها واطلع على تفاصيلها.
دراما قهرت الظروف
الحركة الدرامية في اليمن في الآونة الأخيرة استطاعت أن تظهر بشكل مختلف عما كانت عليه في السابق وبالنظر إلى ظروف الحرب تمكنت الدراما من قهر الظروف والتغلب على المعوقات وأخذت في التحسن والتطور عاماً تلو الآخر بحسب الكاتب والروائي (وجدي الأهدل) أحد كتاب مسلسل “ماء الذهب” الذي تعثر ظهوره لما يقارب العامين لأسباب مختلفة إلى أنه تقرر عرضه هذا العام على إحدى المنصات على اليوتيوب، ولكنه أحدث ردود فعل متباينة بين محب للعمل وبين معترض على بعض أحداثه، وبين آخر مدع بأن القصة مقتبسة من رواية تدعى “العرش” وهذا ما نفاه صناع العمل ، فيما يرى الكاتب (الأهدل) أن هذا الإدعاء متروكاً للقضاء للفصل فيه.
المسلسل الذي تدور أحداثه حول قصة غامضة في إحدى القرى اليمنية، وهو مليء بالأحداث المرعبة والجرائم المتتابعة التي توثق ضد مجهول، في حين يتبادل الأبطال الشكوك فيما بينهم حول هوية القاتل، لاقى أصداءً كبيرة ، ويقول (الأهدل) إنه أطلع على جزء من هذه الآراء المنشورة وإن هناك ملاحظات قيمة يتم رصدها من قبل المنتقدين أو متابعي العمل تؤخذ بعين الإعتبار حسب قوله ويضيف :”توجيه النقد للمسلسل أمر جيد، وهو شكل من أشكال التفاعل”.
ويشير (الأهدل) إلى استحالة توافق كل الآراء حول عمل معين فأمزجة الجمهور تختلف ويستحيل توجيهها على موجة واحدة فإرضاء الناس غاية لا تدرك.
وحول الركيزة الأساسية في نجاح أي عمل درامي يؤكد (الأهدل) أن جميع صناع العمل هم شركاء النجاح كلاً من موقعه فالعمل الدرامي عمل جماعي كما يقول.
وفيما يتعلق بأداء الممثلين الذين غالباً ما يوجه لهم إنتقادات حادة يقول الكاتب بأن الممثلون اليمنيون يمتلكون الإمكانيات العالية للأداء، إلا أن الخلل يكمن في الأدوار السخيفة التي يُطلب منهم تجسيدها حسب رأيه.
وعن مشاركة المرأة في الدراما اليمنية يأمل (الأهدل) أن تمنح الممثلة اليمنية المزيد من القبول الاجتماعي لعملها، كون هناك من يقلل من شأنه، ويسند هذا الدور إلى وسائل الإعلام في توعية المجتمع بأهمية دور المرأة في الدراما اليمنية.
دراما غير مكتملة
الدراما اليمنية غير مكتملة بعد وتحتاج إلى الكثير من الوقت لتنافس عربياً، وينقصها الجدية بحسب الكاتب والناقد الدكتور (قائد غيلان) في حديثه لمنصة “نسوان فويس” الذي يؤكد على ضرورة التعامل مع الأعمال الفنية بجدية حيث أن الكثير من المسلسلات تتعامل مع المشاهد باستهتار واستهبال حد تعبيره : “القلق والخوف من المشاهد يجعلك تقدم له شيئا يستحق المشاهدة، وعندما نقول ينقصها الجدية فهذا يعني أنه يتم التعامل مع الأمر باستسهال واستهبال وذلك باعتبار المشاهد ساذجا يتقبل الأعمال سيئة الإعداد ويصفق لها”.
ويشير إلى أن بعض الأعمال الدرامية تكرس السطحية والخفة وهذا ما يجعل الفن يبتعد عن معناه الحقيقي ويفقد أهم ما يجب أن يقدمه وهو الإبداع والإبهار.
مجبرون!
تعد مشاركة المرأة هذا العام في دراما رمضان ومناقشة قضاياها أفضل من ذي قبل إلا أنها لا تأتي كمنح حقوق لها بحسب (غيلان) الذي يرى أن صانعو الأعمال الدرامية مجبرون على إتاحة الفرصة للأدوار النسائية، وأن هناك عِداء للمرأة من بعض الجهات إلا أنها مجبرة على حشرها حد وصفه في أعمالها للضرورة قائلاً:
” يشركون المرأة بشكل بسيط في أعمالهم ويستثنونها في الإعلانات عن العمل، فتشاهد إعلاناً لعمل ذكوري 100% ، إنهم مجبرون واقعيا لترك مساحة هامشية للنساء”.
وفيما يتعلق بالتطرق لقضايا المرأة في الأعمال الدرامية يؤكد (غيلان) أن الأعمال الدرامية لا تولي اهتماماً لقضايا النساء إلا عندما يكون هناك تأنيثاً كاملاً لمسلسلات بعينها، أي أن يكون طاقم الإنتاج نسائي من التمويل إلى التأليف والسيناريو والإخراج.
نجاح جماعي
من خلال متابعته لأداء بعض الممثلات، سألنا (غيلان) في حال أتيحت له الفرصة لاختيار أفضل ممثلة في دراما رمضان لهذا العام إلا أنه أكد أن نجاح الأعمال الدرامية يعد نجاحاً جماعياً ونسبياً في نفس الوقت، مضيفاً:” لا يمكن أن نقول إن الممثلة الفلانية هي الأفضل، فهي الأفضل هنا لأنها لاقت شخصية مناسبة ومخرجا وطاقم عمل جيدين ساعدوها على ذلك”.
ويؤكد وجود ممثلات نجحن نجاحاً كبيراً في مشهد أو دور معين ولكنهن أخفقن في أعمال أخرى، وبالتالي فإن عوامل النجاح في الأعمال الدرامية ليست فردية حسب قوله.
دراما تقلل من شأن المرأة..!
تبرز العديد من التجاوزات ضد المرأة في المسلسلات الدرامية بقصد أو بدون قصد، ومنهم من يرى أن ذلك يعد تجسيداً للواقع، فيما يرى آخرون أنه يرسخ العنف ضد المرأة، ويبرز السيطرة الذكورية في مجتمعنا، ويقلل من شأن المرأة، وبرزت هذا العام هذه المشاهد المستفزة التي يرى الدكتور (غيلان) أنها تفننت في إبراز العنف ضد المرأة التي تصل إلى اللطم “الصفع” وهو بهذا يقدمها على أنها من الأمور العادية والطبيعية التي تحدث في الأسرة، وهذا وإن كان يعكس واقعاً لكن يجب أن يدان لا أن يتم التعامل معه كأمر طبيعي بحسب قوله.
وعلى النقيض يرى (غيلان) أن من الغريب أن هذه المسلسلات تخجل في إبراز المشاعر العاطفية النبيلة بين الرجال والنساء، فلا ترى الزوج أو الأخ أو الأب يطبطب على زوجته أو أخته أو ابنته أو يمسك يدها ، لكن في المقابل فإن تلك الأعمال نفسها لا تخجل من تقديم مشاهد “اللطم” التي تتلقاها النساء في مسلسلاتهم وتبشر بذلك من قبل رمضان في (برومو) المسلسل، ويضيف :” من العيب في مسلسلاتهم أن يمسك الرجل يد زوجته ليعبر عن مواساته أو امتنانه لها، وليس من العيب عندهم أن يلطمها أمام العائلة والناس والمجتمع كله”.
ابنة الشيخ
وكان الدكتور (غيلان) قد تطرق في أحد منشوراته في صفحته على الفيسبوك حول إحدى الشخصيات التي عرضت في دراما رمضان والتي تجسدها الفنانة الشابة “أشواق علي” بدور “رشة” في مسلسل (دروب المرجلة ) الذي يعرض على قناة السعيدة ، حيث أشار (غيلان) إلى أن الممثلة قدمت دوراً يتصف بالشجاعة والنبل والمرجلة، لكنه يقدمها باعتبارها حالة خاصة ومختلفة كونها ابنة شيخ القبيلة، بينما قدم باقي النساء بأدوار هامشية يقتصر عملهن على خدمة الرجال، ويرى أن الميزة التي أعطاها المسلسل لشخصية “رشة” لم يعطها ذلك باعتبارها امرأة بدوية يجب أن تكون قوية تحصل على ذلك الاستحقاق بقدراتها الشخصية، بل لأنها ابنة الشيخ، وليس لأنها إمرأة تمتلك وعيا حقيقيا بما لها من حقوق وما يجب أن تؤدي من أدوار في المجتمع.
أداء كرتوني!
الكاتبة والناقدة (هدى جعفر) بدورها ترى أن الحديث عن صورة المرأة في الدراما اليمنية لا يمكن أن تنفصل عن الحديث عن صورة الرجل فكلاهما بنفس الأهمية:” لا يمكن ان نتحدث عن صورة المرأة في الدراما اليمنية دون أن نستحضر صورة الرجل وهو موضوع بنفس الأهمية، لأن كلا الصورتان مرتبطتان ببعضهما البعض”. وتعتقد (جعفر) أن تمثيل الشخصية اليمنية و تجسيدها في الدراما اليمنية إمرأة كانت أم رجل ماتزال كرتونية جداً حسب وصفها على الرغم من محاولة صناع الدراما جعلها ترتدي الزي التقليدي لكن الشخصية ماتزال من بعد أو منظور واحد، وليست مصاغة بالشكل الجيد كما تقول.
وتضيف (جعفر) أن الدراما تأتي بصورة سلبية ومخزية للمرأة في الغالب قائلة:” لو نتفرج كيف يجيبوا علاقة النساء ببعضهم البعض حاجة مخزية ، إما يتضاربوا، أو يتصايحوا وهذه صورة غير حقيقية وغير منطقية وغير واقعية وغير جميلة أيضاً”.
رسم شخصيات
وتؤكد (جعفر) أن هناك سوءاً واضحاً في رسم الشخصيات وأن السيناريو اليمني يتسم بالنمطية و ما يزال يعاني من قصور في رسم شخصيات الممثل سواء كان رجلاً أو إمرأة ، فطريقة ظهوره إما تكون مملة أو مكررة وبالتالي لا تحصل على تعاطف المشاهد.
وتتحدث (جعفر) بشكل عام عن مشاركة وحضور المرأة في الدراما اليمنية بأنها حاضرة ولكن حضورها يرتكز غالباً على الكم وليس الكيف، وينقص هذا الحضور الحكمة والجودة والإجادة في الشخصية ، كما تضيف :”المرأة حاضرة دوماً ولكن حضوره زي قلته، لا أعتقد أن هناك مسلسل يخلو من الممثلات ولكن كغثاء السيل”.
وتختم حديثها لمنصة “نسوان فويس” قائلة: “اللي يهمنا أكثر هو كيف تم رسم الشخصية، ماهو دورها، وماهي علاقتها بباقي النساء، وعلاقتها بالرجل هذا مهم أهم من العدد”.
نعمة!
من الأدوار التي قدمت في دراما رمضان هذا العام هي شخصية “نعمة” التي جسدتها الفنانة الشابة “منى أسعد” في مسلسل “لقمة حلال” الذي يعرض على قناة السعيدة ويجمع بين الكوميديا والتراجيديا ويناقش العديد من القضايا المجتمعية، وقد كانت شخصية (نعمة) من أبرز الشخصيات التي أثرت في الناس ولاقت تفاعلاً وتعاطفاً كبيراً وتحديداً في مشهدي اعترافها لزوجها بمرضها ومشهد وفاتها.
” نعمة” منكسرة وهي تبكي وتحت الضغط النفسي الكبير من قبل زوجها وأهله تعترف بأنها مريضة سرطان، وهذا المشهد رغم انتشاره وتأثيره في الناس، إلا أن النقد طاله كونه مشهد مؤثر ولم تلقى الزوجة الإهتمام والطبطبة من قبل الزوج أو أهله، نظراً للقيود المجتمعية المفروضة على الدراما.
بدورها الفنانة ” منى أسعد” تشاركنا فرحتها بنجاح أول دور لها في الدراما وتؤكد أن هذه قصة حقيقية حدثت، وغيرها الكثير من القصص المؤلمة التي تصارع مرض السرطان، وقد استطاعت “منى” أن توصل رسالة أثرت في الناس، وتؤكد لمنصة “نسوان فويس” أنها سعيدة جداً بردود الأفعال الإيجابية حول دورها في المسلسل ،وتتمنى الشفاء لمرضى السرطان الذين جسدت جزء من حالتهم ومعاناتهم في المسلسل.