يمنــيات بـــلا أوراق ثبوتية

شارك المقال

خديجة الجسري _ نسوان فويس

لينا شابة عشرينة تطلقت من عصام طلاق بائن في مدينة البيضاء، وبعد عام عادت لمدينتها الجبين في ريمة تقدم للزواج منها الشاب محمد وبعد عقد قرانها، علم طليقها بذلك فذهب إلى المحكمة وأبرز عقد الزواج، ولأن لينا لا تمتلك أثبات طلاق، ما كان من القاضي إلا إن حكم ببطلان عقد زواجها من محمد.  

حق أصيل

للمرأة مطلق الحق في استصدار كافة الوثائق الثبوتية والرسمية دون الحاجة إلى الحصول على إذن من أحد، متى بلغت الأهلية القانونية المطلوبة لذلك دونما تمييز عن الرجل. وقد نص الدستور اليمني ع حقها المطلق في المادة 41 “المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة”، وأهم حق تتساوى به مع الرجل هو امتلاكها للأوراق الثبوتية كبطاقة شخصية، شهادة ميلاد، وثيقة عقد زواج، وثيقة أثبات طلاق، وأي أوراق ثبوتية أخرى.
وبحسب المحامي جلال حنداد وردت النصوص القانونية واللوائح المرتبطة بحقوق المواطنين في الحصول على أوراق الثبوتية، رجالاً ونساء، مشيراً الى ان أبرز العوائق التي تقف أمام حصول المرأة على هذه الاوراق تتمثل في ضعف الوعي المجتمعي لدى المواطنين فغالباً ما تحول رغبة الأهالي دون حصول النساء على أوراق الثبوتية إلا عند الضرورة القصوى.
وأكد حنداد على أهمية تلك الوثائق للمرأة كفرد وعلى المنظومة الحقوقية والخدمية، كما إنها مهمة للدولة كإحصائيات وبيانات حيوية تفيد في عمليات التخطيط والتنمية في القطاعات المختلفة.

اتحاد نساء اليمن كان له دوره في التشديد على حق المرأة في الحصول على الأوراق الثبوتية، ففي العام ٢٠١٧، نفذ مناصرة وتم الاجتماع والمناقشة مع الامناء الشرعيين والوكيل المختص في وزارة العدل، كما عمل في المشاريع لإدخال استخراج بطائق شخصية للحالات التي لا يوجد لديها، ومن خلال ذلك تمت توعية النساء على ضرورة الحصول على الأوراق الثبوتية. 

مواثيق دولية 

جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 ليؤكد على أهمية تمتع المرأة بكافة الحقوق المدنية معلنا أن لكلّ إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان دونما تمييز من أي نوع، مؤكدًا أن التمتع بهذه الحقوق والحريات الأساسية “يكون على أساس المساواة في الكرامة والحقوق”.  

وقالت رئيسة الدائرة القانونية باتحاد نساء اليمن نجلا اللساني: بالنسبة لعدم وجود أوراق ثبوتية للمرأة، لا تستطيع أن تتقدم إلى المحكمة لعدم وجود عقد زواج، أو بطاقة شخصية، كون المحاكم حاليًا لاتقبل قضايا الفسخ إلا ببطاقة شخصية، كما أن عدم امتلاكها لشهادة ميلاد، لن تستطيع تسجيل أبناءها في المدارس، أو إثبات أعمار الأبناء إذا كان هناك قضايا الحضانة، كذلك حالات لا يوجد لديهن ورقه إثبات طلاق، وإذا أرادت أن تتزوج لا يتم العقد إلا بوثيقة طلاق معمدة في المحكمة.
وفي حديثها لنا أكدت رئيسة مؤسسة وجود للأمن الإنساني مها عوض عن أهمية أوراق الثبوتية للمرأة في الحياة اليومية كون المرأة باتت شريك أساسي للرجل في كل ما يعتمل في الحياة اليومية، والسياسية، والاجتماعية، وغيرها.. مشيرة إلى ان القانون نظم هذا الحق غير ان ما يطبق على أرض الواقع يختلف عن نصوص القانون كلية.

أسباب متعددة

تتعدد أسباب وأنواع العنف ضد النساء، ولعل أبرزها عدم امتلاكهن أوراق ثبوتية أو شهادات ميلاد رسمية تحدد أعمارهن، فضلاً عن الأعراف المجتمعية التي ترى في استخراج بطاقة للنساء والفتيات أمرًا معيبًا، ذلك أنها تتطلب وجود صورة للمرأة على البطاقة.
يضاف إلى ذلك، النظرة القبلية السائدة بأنه من غير الضروري أن تمتلك بطاقة هوية، فهي زوجة وترعى أولادها!
وترى المحامية رانيا المريسي بأن هناك معوقات قانونية لحصول المرأة على أوراق الثبوتية، كالقصور التشريعي في الآلية الإجرائية والشكلية التي تنظم الحصول عليها.
ومن ناحيته يرى الأخصائي الاجتماعي، الدكتور سعيد المخلافي بأن هناك نظرة قاصرة وحرمان المرأة من هذا الحق يسبب لها مشاكل ومعاناة كبيرة وهو جزء من العنف المجتمع والأسري ضد المرأة،  حيثُ إن بعض المجتمعات لا تعطي المرأة الأوراق وتعتبره حق زائد لا داعي له، حيثُ تعتبر المرأة كسلعة مورثة تُستخدم لا حق لها بشيء،  أما البعض قد تحصل قريبته على بطاقة أو جواز لكن تظل أوراقها لديه، وهؤلاء أشد مرضاً ففي داخلهم الشك وعدم الثقة في المرأة متوهم أنه بامتلاكها هذه الأوراق ستخرج عن دائرة رقابته، وفي كل الأحوال هذا يرجع لوعي المجتمع وعلمه، حد قوله. 

تبعات وآثار 

ووفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان فإن عشرات الآلاف من النساء اليمنيات يعشن بدون بطاقات هوية، وما يزيد على 100 ألف امرأة بدون أوراق ثبوتية، منهن فقط أربعة آلاف امرأة يمتلكن البطاقة الشخصية، ما يجعل تحديد سنهن أمرًا صعبًا، خصوصا مع انتشار الزواج المبكر والإنجاب في سن صغيرة تتسبب بمشاكل صحية خطيرة وكثير للنساء اليمنيات لتضاف إلى معاناتهن لإثبات شخصياتهن.
من تلك التبعات أكدت منى قاسم من محافظة الضالع جنوب اليمن، والتي بلغت من العمر 45عاماً، أن ليس لديها ما يثبت بياناتها الشخصية. وأوضحت أنها تزوجت وأنجبت تسعة أطفال يعاني بعضهم من إعاقات تتطلب علاجًا عاجلًا، لكنها غير قادرة على توفير ذلك لعدم وجود الأوراق الرسمية التي يُشترط وجودها لتلقي العلاج، كما أنها غير قادرة حتى على إلحاق أبنائها بالمدارس للسبب ذاته. 

 

تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء من خلال الإعلام الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

 

مقالات اخرى