خريجات بين ركام المدارس الأهلية

شارك المقال

خديجة الجسري _ نسوان فويس

يتصبب الوجع منها بغزارة وهي تلاحق الطلاب في الممرات في أحد المدارس لتعيل أسرتها المكونة من زوجها وستة أبناء، إنها الشابة ( أفراح عبدالله ) “36 عاماً “التي أنهت دراستها الجامعية تخصص “هندسة برمجيات” ليرمي بها الفقر والحرب في أحد المدارس الأهلية بالضالع ” دمت ”
تبدأ “أفراح عبدالله .” أسفها على عمرٍ قضته في التعليم منذ دخلت المدرسة؛ منتظرةً اللحظة التي تحمل فيها شهادتها الجامعية في الهندسة التي تؤهلها لتكون موظفةً في شركة ، لكن أحلامها ذهبت أدراج الرياح.

حلمٌ ضاع


تقول أفراح عبدالله لمنصة نسوان فويس :”تعبتُ في الدراسة وعانيت لأحصل على معدّل مرتفع، وها أنا أصطف في طابور البطالة التي قتلت أحلامي كشابة، اضطر للعمل في مهنة التدريس لكنها لم تكن طموحي، إنما عليّ رعاية أسرتي وإعالتهم بعد قطع المرتبات ومرض زوجي “.

يقدّر بالمئات عدد الخريجات من كافة الجامعات في محافظة الضالع مؤهل بكالوريوس في تخصصات مختلفة ، أضافة إلى مئات الخريجات موزعات ما بين دبلوم عالي ودراسات عليا، ودبلوم متوسط في شتى التخصصات، بحسب كلام د/ أكرم طامش مدير مكتب الوكيل بوزارة التعليم العالي ” لمنصة نسوان فويس ” يضطر العدد الأكبر منهنّ لكسب رزقهنّ في مهن لا تناسب تخصصاتهنّ ولا طموحهنّ ، في مجتمع بلغت نسبة البطالة فيه 35% مقارنة بـ 14% قبل الحرب من القوى العاملة حسب الجهاز المركزي اليمني للإحصاء وفقاً لأحدث تقديرات.

الأستاذة. ” مروة صالح ” “30عام” عملت كمعلمة في مدرسة أهلية، وَفَيَ كِلُ ْعامٌ يَتْمٌ تجديد العقد معها لعدة أشهر أخرى براتب ثلاثين ألف ريال، مهنةٌ بعيدةٌ تماماً عن تخصصها في الإعلام، رغم اعتقادها أنها مؤهلة أكثر للعمل وفقاً لشهادتها.

تقول حنين :”النقص الشديد في فرص العمل، دفعني إلى استثمار أي فرصة عمل موجودة، كان التحدي الأكبر في وظيفتي هو عدم تخصصي في هذا المجال، بالتالي بدأت أتعلم من زميلاتي، نجحت أحياناً وأخفقت مرات، ولكن في النهاية واصلت العمل وهو مدرسة بمدرسة أهلية براتب أربعين ألف ريال مقابل ست حصص يومياً “.
تضيف حنين أن الطالب حين ينهي الثانوية العامة يدرس وفقاً للتخصصات المتوفرة في الجامعات، ولكن عندما يتخرج يجدها جميعاً تعاني اكتظاظ الخريجين بالتالي بطالة عالية، ليكون الحل اللجوء للمدارس الأهلية براتب بخس ومعاملة سيئة .

كفاحٌ مستمر وإهانة

في ظل تزايد عدد الجامعيات وتوقف الوظائف الحكومية منذُ ثمان سنوات ، وقلة الفرص في ظل الحرب القائمة في البلاد لجأ الكثير من الخريجات للعمل في وظائف مختلفة على الرغم من حصولهن على درجة البكالوريوس التي كانت والى وقت قريب مؤهلاً يحصل حامله على وظيفة مرموقة ومضمونة. تقول جميلة منصر لمنصة ” نسوان فويس ” : لقد تخرجت من الجامعة -تخصص احياء- ولم أجد وظيفة مناسبة فاضطررت للعمل في مدرسة أهلية براتب «40000 » ريال في الشهر ما يقابله 80 دولار أمريكي في الشمال، أما في الجنوب فهذا المبلغ لا يساوي أكثر من 25 دولار أمريكي وبعد مرور فترة من الزمن لم اتحمل ضغوط العمل والنشاطات التي كنت اكلف بها في المدرسة ، حصل خلاف بيني وبين طالب لا يجيد كتابة اسمه قل أدبه عليّ ورفع يده إلي أمام عيني وعند استدعاء مدير المدرسة ، وطلبت منه إحضار ولي أمر الطالب إلا أن الطالب رفض يجيب رقم ولي أمره أو رقم هاتفه، فطلبت من الإدارة معاقبة الطالب بعدم دخول حصتي كونه يستمر في قلة أدبه ليس عليّ فحسب بل ع جميع المعلمات؛ لكن الإدارة رفضت وقالت هذا من يدفع راتبك، قررت مغادرة المدرسة؛ لكنني ذكرت أمي المريضة التي تحتاج علاج شهري والحاجة للريالات التي تدفعها لي المدرسة ع أقساط حسب حاجتي ، فبلعت العبرة في حلقي ودخلت أكمل حصتي.

وتسجل المعلمة ذكرى محمد شهادتها لمنصة نسوان بالقول: كثيرا ما يتم خصم جزء من راتبي من قبل مديري في المدرسة ولأسباب والله يشهد تكون في الغالب خارجة عن إرادتي.. مثل أن يكون ابني مريضا أو انشغالي بإيصاله إلى مدرسته (الحكومية) لأنهم يرفضون تقديم خصومات لنا في المدارس التي ندرس فيها.

وتتساءل المعلمة ذكرى بمرارة أين وزارة التربية والتعليم من ممارسات الذل والإهانة التي تمارس بحق قطاعات واسعة من المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة.

ويترافق مع ذلك كله امعان أصحاب هذه المدارس في حرمان العديد من المعلمات من بدل عمل إضافي عندما يمتد دوامهم لأكثر من ساعات العمل الرسمي وهو ما يخالف كذلك المادة ( 7) من قانون العمل اليمني الذي ينص ع الآتي : (تكيف علاقات العمل وفق أحكام هذا القانون بموجب الأسس التالية: 1- عدم جواز تنازل أو إبراء أية حقوق مترتبة للعمال عن عقد العمل إذا كان ذلك مخالفاً لأحكام هذا القانون. 2- سريان شروط العمل وحقوقه المحددة بهذا القانون على العمال ما لم تكن قد وردت في العقد بشروط أفضل).

ولا شك أن غياب الإستقرار الوظيفي للغالبية الساحقة من العاملين في المؤسسات التعليمية الخاصة بسبب أساليب الإدارات المتبعة في غالبية هذه المدارس يخلق حالة من القلق لدى المعلمات والمعلمين ويولد لديهم شعوراً بالإحباط العام وعدم الإلتزام وإعطاء المدرسة والطلاب حقهم في التعليم لأنه لا توجد ضمانات لاستمرارهم بالعمل لا سيما أن حقوقهم تسرق أمام أعينهم الا بقدر ولائهم الشخصي لأصحاب ومديري هذه المدارس.

تقول المعلمة ” صباح محمد ” إن الظلم الذي يقع على الموظفين في بعض المدارس الخاصة يكاد لا يطاق بسبب التجاوزات والقسوة التي تمارس بحقهم من قبل أصحاب هذه المدارس وتضيف العلمة لمنصة نسوان ” أنني أداوم بعد ولادتي بعشرين يوم ولم تكتفي المديرة بهذا بل فرضت عليّ حصص صفية في وقت الطابور لتقوية الطلاب الضعاف وعند رفضي فرضت عليّ مخالفة وقطعت من راتبي وهددتني بالفصل في حال رفضت مرة أخرى ” مؤكدة إن ضعف الرقابة على هذه المؤسسات جعل عددا منها يتفنن في إذلال الموظفين من خلال التهديد بالطرد أو توقيع عقود وهمية تحفظ عند أصحاب المدارس يتم استخدامها عند وقوع أول صدام مع المعلمين المجبرين على العمل بسبب الحاجة والفقر.

حلول وتوصيات

د/ عدنان الكحلاني نائب مدير عام التعليم الأهلي والخاص بوزارة التربية قال لمنصة نسوان فويس : أن الوزارة تتلقى أي شكوى من أي معلمة تتعرض للجور من قبل المدارس الخاصة ، وستحيل ذلك للشؤون القانونية ومعاقبة المدرسة، وتعويض المعلمة.

كما أضاف الكحلاني أن ما يضبط العمل بين المعلمات والمدارس الأهلية هو قانون العمل ويرجع ذلك لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هي المسؤولة عن ذلك..

وفي مقابلة له أ. محمد القدمي نائب مدير شؤون المعلمين عبر منصة ” نسوان فويس ” دعا إلى وضع حدود للأنظمة الداخلية للمدارس الأهلية .
وطالب، المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي بضرورة الرقابة على اقتطاعات المعلم في الـــ 3 شهور الصيفية أو عطلة الشهر “بدون راتب” في الشتاء وتبليغ الجهات المعنية بمخالفة المدارس لذلك.

كما أوصى بتعديل بنود العقود المجحفة بما يضمن معالجة الإختلالات التي تتعرض لها المعلمات العاملات في المدارس الخاصة بما في ذلك، تعديل مدة العقد الموحد لتصبح 12 شهرا في السنة الأولى للتعيين بدلا من سبعة أشهر ..
إما الأستاذة شادية الرقيمي مديرة مدرسة أسماء للبنات فقالت لمنصة نسوان : لا يوجد قانون يحمي المعلمين في المدارس الخاصة ، خاصة مع اندلاع الحرب بخلاف قبل عام 2011م الذي كان هناك قانون فرض ع المدارس الخاصة راتب محدد للمعلمين وحصص محددة أكثرها 4 حصص باليوم، أما اليوم فلجأ المعلمون الحكوميون للعمل في المدارس الخاصة بسبب انقطاع الراتب والعمل تحت وطأة الجور من مالكي المدارس الخاصة.

وبحسب تقارير رسمية حديثة وأخرى للأمم المتحدة، تسببت الأزمة الاقتصادية الخانقة في ارتفاع معدل التضخم نحو 450 % .
كما زاد الفقر إلى نحو 78 % ليجد الشبان الذين يشكلون 70 % من إجمالي السكان البالغ عددهم 32.6 مليون نسمه ، أنفسهم أمام طريق مسدود ، والشابات الخريجات من الجامعات والمعاهد هن الضحايا لهذا الوضع المؤلم .

التضخم يبلغ 45% باليمن في 2021م مسجلًا أعلى معدل سنوي على الإطلاق .

مقالات اخرى