من عدن، سحر مزدوج: عبير ورنده تنسجان إبداعهما في المأكولات والتصميم

شارك المقال

أمل وحيش _ نسوان فويس


خلف طاولة صغيرة تجلسان بكل أناقة وثقة، وأمامها تشكيلات مختلفة من المأكولات والحلويات والآيس كوفي المعدة بشكل يجذب كل من يدخل حديقة عدن نيو، ولا شك أن من يقع نظره على تلك الأنواع ذات التشكيلات الفنية لن يستطيع مقاومة الشراء، فشكلها مغرٍ وألوانها تبهرك لأنها معدة بلمسات سحرية فعلاً كما هو اسم المشروع الصغير الذي أسسته وتديره الشقيقتان (عبير ورندا البصري) وهما شقيقتان من محافظة عدن تعرفنا عليهما أثناء تجوالنا في الحديقة، وشد انتباهنا طريقة عرض بضاعتهما بطريقة مرتبة وكأنها لوحة فنية.

لمسة سحرية

تقدمنا نحو الشقيقتان واستطعنا أن نأخذ (عبير) من زبائنها لتتولى أختها (رنده) البيع ريثما تعرفنا (عبير) على المشروع، الذي بدأت لمساته تتكون قبل ثلاثة أعوام ويدار من المنزل، وقبل شهرين بدأ يتخذ له حيزاً في حديقة عدن نيو حيث تعرض الكثير من النساء المكافحات وصاحبات المشاريع الصغيرة أعمالهن ومنتجاتهن وكان من ضمنها مشروع ( لمسة سحرية) ، عبير تقول لمنصة “نسوان فويس” بأن فكرة المشروع جاءت نتيجة لسوء الظروف الاقتصادية والمعيشية بسبب الحرب وما آلت إليه الأوضاع، وهو ما أجبر الكثير من النساء على تعلم حرف ومهن تساعدهن على المعيشة كما عملت هي وتقول بأن مشروعها بدأ منذ ثلاث سنوات وكان عبارة عن صناعة الشوكولاتة والكيك، وتدريجياً بدأت بتوسيع أصناف المأكولات، ومنها البطاط بالحمر(التمر الهندي) والذي تشتهر به محافظة عدن وعليه إقبال دائم على مدار العام ، إضافة إلى صناعة تشكيلات وأنواع مختلفة من الحلويات ،والمعكرونة وساندويتش الفاهيتا وغيرها من الأصناف.

تحمل (عبير) شهادة جامعية تخصص كيمياء، بينما شقيقتها (رنده) تخصص مختبرات وهي تعمل حالياً في مجال تخصصها، لم يقلل عملهما في مجال صناعة وبيع المأكولات من قدرهما شيئا كونهما جامعيات بل على العكس استطعن أن يجدن طرق عدة للتسويق لمشروعهما، وتطويره من خلال البحث و تعلم تحضير أصناف جديدة من المأكولات والحلويات وصناعتها بطرق وأشكال مختلفة ومميزة.

شاركت (عبير) قبل ثلاث سنوات في فعالية أقامتها إحدى الجمعيات المعنية بتشجيع المشاريع الصغيرة في عدن، مع مجموعة من التاجرات الصغيرات في بازار أقيم في حديقة عدن نيو، ومن بعدها أعجبت عبير بفكرة البيع في الحديقة لكونها ممتلئة بالزوار الذين يأتون مع عوائلهم ولا شك أنهم سيحتاجون أشياء كثيرة للأكل خلال الساعات التي سيقضونها بداخل الحديقة، وهو ما جعلها بعد ثلاث سنوات تقرر أن تتفق مع إدارة الحديقة لتخصيص ركناً لها تأتي إليه ببضاعتها يومين في الأسبوع وهما الخميس والجمعة، وهما اليومان اللذان تتفرغ فيه الأختان، حيث تعمل (رندة) طوال الأسبوع ويوم الخميس والجمعة تجد فرصة لصناعة بعض الأصناف التي تعدها مثل ساندويتشات الفاهيتا، والبطاط بالحمر والمعكرونة، بينما عبير من بيت زوجها تجهز أصناف الحلويات الأخرى بالاتفاق مع شقيقتها التي تسكن في بيت العائلة، وفي بعض الأوقات تجتمعان في منزل العائلة أو في منزل (عبير) وتقومان بالتجهيز سويا.

ثم تتجهان معاً إلى الحديقة والبدء بالتجهيز ومباشرة البيع ويستمران حتى المساء أو حتى نفاذ الكمية.

تصاميم


تقول (عبير) إن فكرة المشروع جاءت للمساعدة في أعباء وتكاليف المعيشة ، بعد تدهور الأوضاع و راتب زوجها الذي لا يكفي نظراً لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وعملها من البيت فيه راحة وسهولة بالنسبة لها كونها أم تعمل على رعاية ثلاثة أطفال ، وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في التعريف بمشروعها من ناحية ومن ناحية أخرى الأقارب والمعاريف، والأصدقاء لهم دور في التعريف بمشروعهن.

لمسة سحرية ليس مشروعاً خاصاً بصناعة الحلويات والمأكولات فبدايته كانت تصميم وطباعة ثيمات ودعوات الأعراس والمناسبات ، حيث بدأت (عبير) في هذا العمل مطلع العام 2015 بعد الحرب وماتزال مستمرة فيه لأنها كما تقول تحبه على الرغم من أنه ليس في صميم تخصصها إلا أنها ترى أنها أبدعت وتميزت فيه ووجدت إقبالاً على أعمالها وأفكارها في مجال تصميم الدعوات والثيمات والتنسيق الكامل للحفلات الصغيرة حتى فترة قريبة.
بعدها بسنوات فكرت هي وشقيقتها بعمل مشروعاً خاصاً يدر دخلاً إضافياً ويكون تحت ذات المسمى (لمسة سحرية) وتؤكد شاكرة لله بأن المردود جيد ويستحق التعب.


الصعوبات التي تواجهها عبير وشقيقتها رنده تتمثل فقط في ضغط العمل، خاصة في حال كان هناك طلبيات لمناسبات معينة، إضافة إلى الوقت الذي تأخذه صناعة الحلويات بأشكالها المختلفة ولكن ذلك يتم تجاوزه بتعاون الشقيقتين وحبهما للعمل، ولا يعد منهكاً بالنسبة لهما كثيراً كونه عمل يتم إدارته من البيت باستثناء الأيام التي تم تخصيصها للذهاب للحديقة والبيع فيها

قد تكون فكرة مشاريع الأكل بسيطة وغير مكلفة بنظر البعض، إلا أن الخوض فيها كمشروع ليست بتلك السهولة، فهي تحتاج لخبرة وحرفية في صناعة المنتج، إضافة إلى الوقت والجهد الذي يتطلبه أي مشروع متعلق بالطبخ، لذا فإن أي مشروع أياً كان نوعه لا بد وأنه بذل وما زال يبذل فيه مجهوداً كبيراً من قبل صاحبه حتى يستطيع أن يحافظ على جمهوره وزبائنه بالذات الجودة والإتقان.
كذلك الحال مع فن التصميم وإرضاء العميل بلمسات فنية وألوان متناسقة تناسب منتجه أو مناسبته، كل ذلك يعد مجهوداً يبذله كل من يعمل ويكافح معتمداً على جهده وتعبه من أجل كسب لقمة العيش بعرق الجبين.

مقالات اخرى