منيرة أحمد الطيار – نسوان فويس
تقع محافظة عمران شمال العاصمة صنعاء، وتبعد عنها بنحو 50 كم، ويعتمد سكانها بدرجة أساسية على النشاط الزراعي.
ووضع التصنيف الصادر عن التقرير المؤقت للأمن الغذائي لعام 2019م محافظة عمران كثالث أعلى محافظة من حيث مستويات الفقر، بعد محافظتي الحديدة وحجة.
ورغم تزايد معدل الفقر في محافظة عمران بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية إلى نحو 80-90٪ إلا أن سكان المحافظة ومنهم النساء يواصلون كفاحهم من أجل تأمين معيشتهم.
(فاطمة الكيال) واحدة من سيّدات الأعمال اليمنيات اللواتي يواجهن مأساة الفقر، ويسعين لإيجاد الحلول عبر تأسيس مشاريع صغيرة تتصدى للتأثيرات الاقتصادية للحرب، وتحاول النهوض بالمجتمع من مستنقعات الفقر.
ولدت (فاطمة الكيال) في محافظة عمران، وتحمل شهادة الماجستير في العلوم الإدارية من جامعة ذمار تخصص تنمية محلية، وترأس مؤسسة رموز الريادية للتنمية والاستجابة الإنسانية، وهي مستشارة ومدربة في التخطيط المؤسسي وبناء القدرات الشخصية.
أسّست (الكيال) مؤسسة رموز الريادية في محافظة عمران عام 2021 كمشروع إنساني وتنموي يهدف لتأهيل وتدريب الفتيات والنساء بهدف تمكينهن اقتصاديًا لتحسين مستوى معيشتهن.
تتحدث فاطمة لمنصة (نسوان فويس) عن فكرة المؤسسة قائلة: “كانت عبارة عن مجموعة ادخار، ومن ثم فكرنا بإنشاء مؤسسة ومشروع تنسيق حفلات مع مجموعة من البنات، وبعدها عملنا تعهد أعراس مع مجموعة من العضوات”.
وعن الصعوبات التي واجهتها (الكيال) خلال مرحلة إنشاء المؤسسة تقول: “عاملت أنا وأختي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وواجهنا إحباطات وصعوبات كون المجتمع لم يكن مدركًا معنى مؤسسة تؤهل الفتيات”.
وتتابع: “لم نيأس حتى حصلنا على الترخيص للمؤسسة ليس فقط على نطاق المحافظة بل على مستوى الجمهورية”.
استطاعت المؤسسة تدريب وتأهيل 83 فتاة وامرأة في مجال الخياطة وصناعة البخور ودورات في مجال الادخار والتدبير المنزلي، إضافة لأنشطة توعية استهدفت الطلاب.
(برديس الفقيه) 38 عامًا، واحدة من مُخرجات المؤسسة التي حققت استفادة من دورات صنع البخور التي تعلّمَتها لتفتح مشروعها الخاص في صناعة البخور.
تقول (برديس): “في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد قرّرت مساعدة زوجي باكتسابي مهارة جديدة يمكن أن تكون مصدر دخل فدخلت المؤسسة، وتعلمت صناعة البخور، والزباد، والعطور، والحمد لله نجحت، وبدأت بتسويقه لأسرتي وجارتي والمقربات، حتى بت أبيع بكميات وزاد الطلب على منتجاتي”.
وتقدّم (برديس) نصيحتها للنساء في محافظة عمران بضرورة تعلّم مهارة وحرفة جديدة، “لأجل أنفسكن حتى لا تكن بحاجة، ولأجل نستغني عن المنتجات المستوردة”.
أم محمد 23 عامًا، أيضًا استفادت من التأهيل الذي قدّمته لها المؤسسة؛ إذ قامت بتعلم الخياطة بشكل متقن، وعزّزت الموهبة التي كانت مدفونة لديها، وأصبحت تعيل طفليها اليتيمين من خلال عملها في الخياطة.
كثيرة هي المشاريع النسوية التي قدمت مخرجات لعدة دورات تأهيلية من قبل المؤسسات والمنظمات والجمعيات التنموية التي تهتم بتمكين المرأة.
روافد
يقول (عمار الشبلي)، أستاذ مساعد إدارة الأعمال كلية التجارة جامعة عمران إن المشاريع النسائية من أهم روافد الاقتصاد المحلي.
ويضيف في حديثه لمنصة (نسوان فويس): “هناك إقبال من قِبل النساء نحو هكذا مشاريع خصوصًا الإنتاجية منها، وقد زادت بكثير خلال الخمس السنوات الأخيرة نتيجة لوضع وظروف البلد”.
تقوية الاقتصاد
الخبير الاقتصادي مصطفى نصر مؤسس ورئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي يرى أن لمشاركة المرأة وتمكينها اقتصاديًا أهمية كبيرة لا تنحصر في تقوية الاقتصاد الوطني الضعيف فحسب؛ بل تتعدى ذلك إلى تقليص الفجوة بين الرجال والنساء، وتعزيز المساواة في كافة المجالات، مما يمهد الطريق لحصول النساء على الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما يعزز من فرصها في التعليم والصحة وغيرها من الخدمات الأساسية.
تبنت العديد من منظمات المجتمع المدني تلك المشاريع لأجل إبراز دور المرأة في عملية التمكين الاقتصادي لإخراج نماذج مشرفة لنساء استطعن أن يقدمن مشاريع اقتصادية ودخلن عالم ريادة الأعمال وأصبحن سيدات أعمال.
ولعلّ أهم عوامل الدعم والتشجيع لتلك المشاريع توفير بيئة خصبة لها، وضمان استمراريتها، ومشاركة الجهات الرسمية والمدنية في دعمها للنهوض بالاقتصاد الوطني، وتمكين النساء في محافظة عمران ليصبحن قادرات على الحدّ من انتشار الفقر في أوساط الأُسر.