سمر عبدالله – نسوان فويس
التأثير النفسي للشيب المبكر على المرأة
بين الخجل والبحث عن حلٍ للشيب المبكر، لا تزال (أسماء محمد) 28عامًا في دوّامة من الأسئلة لمعرفة سبب ظهور الشيب المبكر على رأسها، حيث فاجأها وهي في سن الـ 26، وكان وقْع هذا الأمر في المرة الأولى على نفسيتها بالغ الصعوبة.
“صدمني وجود أول شعرة بيضاء اكتشفتها في مقدمة شعري أمام المرآة.. وقتها حبست أنفاسي، ونزلت دمعتي لا إراديًا، وشعرت بالحزن والذعر، وانتزعتها بالملقط بسرعة قبل أن يلاحظها أحد”.
وتضيف: “الشعرة البيضاء هزّت بداخلي شيئًا، وجعلتني أتساءل بتعجب هل كبرت في العمر بهذه السرعة؟!، أم هي الضغوطات الأسرية التي تعرّضت لها شيّبت بشعري؟!” تقول أسماء.
تسلُّل خصلات الشعر الأبيض لرأس النساء لأول مرة يتسبب بتبعات نفسية سلبية، ويعد كابوسًا لدى البعض، وأمر مزعج ومقلق خاصة إذا ظهر في سن مبكر؛ وهذه المخاوف تعود للنظرة الشائعة في المجتمع التي تعتبر الشعر الأبيض مؤشرًا لتقدم العمر والشيخوخة، وهو أمر لا تتقبله المرأة كونه يخرجها من دائرة معايير الجمال المحددة والمفروضة من المجتمع للمرأة.
في بالمقابل يُنظر لظهور علامات الشيب لدى الرجال على أنها علامة للوقار والهيبة، وللجاذبية إذا ظهر في سن مبكر، وبالتالي تخلق تلك النظرة اختلافًا وتباينًا في وجهات النظر تجاه الشيب، وعدم المساواة بين الجنسين من خلال تقبل المجتمع للشيب واعتباره ميزة للرجل، وعيبًا يشوّه جاذبية المرأة.
تقول الاخصائية النفسية (نجلاء الكوماني)، إن التأثير النفسي للشيب على المرأة يعود للبرمجة السائدة، وتختلف ردة الفعل من امرأة لأخرى؛ وتوضح كيفية معالجة وتقبل الأمر في هذا التصريح لمنصة نسوان فويس .
هوس إخفاء الشيب
“أنقذني كيف أخفي الشعر الأبيض”.. جملة استغاثية تكشف عن مشكلة ظهور الشعر الأبيض المبكر لدى النساء التي أصبحت شائعة تتداولها منشورات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة في مجموعات النساء على فيسبوك.
وغالبًا ما يتم الاستجابة، وتتوالى التعليقات بتقديم العديد من الوصفات والتجارب المختلفة لإخفاء وتلوين الشعر سواء باستخدام مواد طبيعية أو صبغات كيميائية.
علاقة الشيب بالضغوطات النفسية
الحال نفسه عند (أسماء) اسم مستعار، التي لجأت لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي لإخفاء الشيب بعدما خلّف لها ندوبًا نفسية سلبية زعزعت ثقتها في شكلها، وجعلها تتفقد شعرها على المرآة بين الحين والآخر قبل الخروج لأي مناسبة حتى لا تتسبب لها شعرة بيضاء بالإحراج فتنتزعها حتى وإن تسببت لها بفراغات على الشعر.
“لم أترك مقطعًا يحاكي مشاكل الشيب على مواقع التواصل الاجتماعي إلا وتابعته، ولا جروب على فيسبوك إلا وسألت فيه عن الحل لإخفاء الشيب”، تقول أسماء، وتضيف: “الحلول وتناقض المعلومات عبر الانترنت زادت من متاهتي، والوصفات ومنتجات ومستحضرات تغطية الشيب لم تفدني”.
وأمام حيرة أسماء وغيرها من الفتيات ممن يلجأن للإجابات للإنترنت لمعرفة أسباب وحلول الشيب المبكر دون جدوى، دفعنا الأمر لاستشارة المختص الدكتور (عبدالواسع المخلافي) لمعرفة العمر الطبيعي لظهور الشيب، والأسباب والعلاج المناسب للشيب المبكر والتي يجيب عنها لمنصة نسوان فويس من خلال هذا الفيديو.
جرت العادة بين العامة تداول الجملة الشائعة التقليدية “شيبت من الهمّ”، في إشارة صريحة إلى أن التوتر والضغوطات النفسية تؤدي إلى بياض الشعر- فماذا تقول الدراسات العلمية حول هذه النظرة التقليدية؟
لا يزال الجدل قائمًا حول علاقة التوتر بالشيب ففي الوقت الذي يشير تقرير في مجلة Nature وصف فيه الباحثون سلسلة من التجارب خلصت إلى أن الإجهاد المفاجئ يمكن أن يؤدي إلى تسارع شيب الشعر في الفئران من خلال استنفاد الخلايا الجذعية الصباغية، وتنشيط الأعصاب الودية.
هذه النتائج يشكك فيها عضو المجلس الاستشاري التحريري بدار هارفارد للنشر الصحي الدكتور روبرت هـ. شميرلينج موضحًا أن الدراسة على الفئران لا يمكن أن تنطبق بشكل مباشر على البشر، وأن هناك اختلافات كبيرة بين الإجهاد الحاد، والإجهاد المزمن الذي لا يمكن أن يحاكي إجهاد الفئران بإجهاد البشر لذا فإن فكرة أن التوتر يجعلك رماديًا ليست بهذه السرعة، وقد تكون خرافة إلى حد كبير.
ومن المؤكد أن هناك عوامل أخرى غير التوتر تؤدي إلى الشيب، ليس أقلها الوراثة والعمر.
وفي الحالة المذكورة بهذا التقرير (أسماء) خلص بها الأمر في نهاية المطاف بعد زيارة الطبيب لتكتشف أن العامل الوراثي هو المتسبب في الشيب المبكر لها الأمر الذي دفعها لتقبل الشعر الأبيض كأمر واقع، ولابد من التعايش والتصالح مع ذاتها.
وتختم أسماء حديثها لنسوان فويس قائلة: “حقيقة انزعجت كون الشيب الوراثي لا علاج له، ولم أتقبل الأمر بشكل نهائي، وما زلت أنتزع الشعر الأبيض لكن مع مصادفتي لحالات مشابهة لي، ومتصالحات مع وضعهن بدأت أتقبل الأمر تدريجياً”.
طرق الحماية
يختتم (المخلافي) حديثه بأنه لا توجد طرق وقائية تمنع ظهور الشيب لكنه ينصح بتجنب تعرّض الشعر للحرارة المرتفعة بمجفف الشعر، ومنع استخدام المواد الكيميائية مثل البروتين بشكل مفرط، وعند الحاجة لاستخدام صبغة لتغطية الشعر الأبيض يفضل اختيار نوعية عالية الجودة.
ومن الناحية النفسية، تشدّد الكوماني على أهمية قبول الشيب، وعدم تجاهله نفسيًا، إذ يجب أن يبدأ القبول من الجسد، حيث يمكن أن يؤدي الرفض الجسدي إلى الرفض النفسي، خاصة في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي تضع معايير جمالية، وتحدّد قيمة الشخص بناءً على الأمور المادية.